مقالات

قلوب صافية (بقلم: منى فؤاد- مصر)

يعيش الإنسان حياته في كل مراحلها؛ من الطفولة الي ما قبل الشيخوخة متخيل أنها ستستمر علي هذا النحو؛ بالرغم من حالات عديدة يراها حوله ممن وصلوا لمرحلة الشيخوخة، ولكن كل منا لا يصدق أنه سيصل الي هذه المرحلة الذي يعيش فيها الإنسان بعقل وقلب طفل، وملامح وخطوط وجه ترسم خبرة وألم وحزن وفرح ووجع سنين، وربما قليل من أمراض الشيخوخة.

في طفولتنا تذهب أمهاتنا بنا الي الحضانة لكي ترعانا بعض المعلمات المؤهلات للإعتناء بهذه المرحلة وتصبح العائلة بأكملها سعيدة بالطفل الذي تعتني به غير أمه، ولا يلومها أحد لأنها (ارسلت طفلها لدور لرعاية الأطفال) ؛ هكذا يطلق عليها

ولأن الأم في الغالب تعمل في وظيفة تسدعي إرسال إبنها لدور رعاية الأطفال، فتصبح الأم العاملة مطمئنة علي طفلها في هذه الدار.. تكبر الأم وتصل الي مرحلة الشيخوخة وتتبدل الأدوار وتحتاج الي من يعتني بها ويكبر الطفل ويصبح يعمل في وظيفة تجعله يرتبك بين رعاية أمه أو أبيه، وبين عمله ورعاية أسرته، وهنا يحدث لغط في الحياة؛ فإذا أرسله لدور رعاية المسنين مثلما أرسلوه الي دور رعاية الأطفال يصبح ابنًا عاقًّا؛ هكذا يصفه المجتمع، مع العلم بأن الوضع لا يختلف كثير عما حدث معه في طفولته؛ فهي لم تكن أم عاق عندما ارسلته الي الحضانة أو دور لرعاية الطفل.

يشعر الابن أو الابنة بحمل ثقيل بين عمله ورعاية أسرته الصغيرة ورعاية أبويه المسنين وبين مجتمع لا بيرحم ولا بيسيب ربنا يرحم؛ فيكيل له اتهامات لا حصر لها عندما نضع أبوينا في دور لرعاية المسنين للإعتناء بهم فضلا عن وحدتهم في بيوتهم ولا يجدوا من يهتموا ويعتنوا بهم؛ ليس لأن الإبن عاق؛ بل لأنه يحمل مسؤليه تفوق قدراته.

قيل لأحدهم أبوك مُسن ومريض يحتاج لرعاية وأنت مشغول ومبتقدرش تاخد يوم أجازة، وكده ممكن يموت من الوحده وأنت مشغول عنه.. ليه متودهوش دور لرعاية المسنين؟

إنتفض الشخص وكأن لدغه حنش وفرد صدره وكشر عن أنيابه، وكأنه هيلطشه بالقلم؛ بعد الشر أنا أرمي أبويا في دار مسنين !!
رد عليه وقاله: طب ما أنت رميه في البيت لوحده
علي الأقل هتوديه في مكان هيعتنوا بيه وأنت تروح تزوره وتسأل عليه، وتكون في شغلك مطمئن عليه انه أكل وشرب وأخد علاجه
رد الابن وقال: والناس تقول عليّ إيه؟!!

هكذا نخشى من كلام الناس؛ فنهين أبوينا في أواخر أيامهم ونتركهم للوحده تقتلهم.

انا شخصيا وصيت أولادي لما أوصل لسن الشيخوخة يودوني لدور كرامة المسنين؛ حتي وان كنت بصحتي
فهذا الدور لا يفرق عن الحضانة لتعتني بنا ونحن أطفال كلاهما للحفاظ علي كرامة الإنسان
لا تخجل من وضع أبويك في دور لرعايتهم حفاظًا علي كرامتهم من تزمر زوجة الإبن أو زوج الإبنة
تأكد أنك هكذا تكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك علي الأرض
وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرًا

تأكد أن دور رعاية المسنين كلها قلوب صافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى