مواقع التواصل

د. حازم العقيدي يكتب من العراق: كان للعيد مذاق واشتهاء.. بعدها انسدلت أستار السواد

ينطلق بصري فوق وجه الشارع الداكن وشمس تموز تجلده بسياط من لضى، فيما كانت شمس ايامي تعود إلى زمن بعيد … في العيد كانت ليالينا سمر وقمر لا يغيب، وفي النهار كان ثمة أطفال في كل مكان يتراكضون بأمان في الدروب لا يتعبون في البحث عن شربة تروي ظمأ الطفولة فيهم … يشاكسون القطط الشاردة …

 يتصيدون الضحكات وهم يلهثون وراء عجلة قديمة، يدفعونها بعصا دون كلل … يتقافزون فوق ظهور بعضهم البعض بلا ملل … يتسلقون جذع شجرة منفردة بحثا عن بقايا توت أنضجته حرارة الصيف … يتسابقون إلى البقال يحملون نقوداً وجُلهم يرتدي ملابس جديدة … وتتداعى الصور …

تلك أيام كان فجرها يستفيق صافياً وصباحها يشرق ضاحكاً بوجوه الأطفال الساعين إلى المدارس يحملون دفاترهم دون حقائب ويمضون مسرعين في طريقهم بزهو وألق … يقفون في ساحة المدرسة طوابير صغيرة يرفعون العلم وينشدون للوطن ثم يأكلون إفطار الصباح من خير الوطن بيضة وجبنة گرافت وصمونة وكوب من الحليب الساخن، ثم يدلفون الى الصفوف بخيلاء ونزق …

 بضع سنين فيها حلمنا وأحببنا الحياة وكان للعيد فيها مذاق واشتهاء …بعدها انسدلت أستار السواد وتهاوى من فوقنا ليل عقيم وارتفع العويل وناحت النائحات في الأرجاء وانطلق النحيب، وكل من في البلاد اختصروا الدروب وعادوا يحملون رٓجع سني الخير السليب يدورون في المتاهة ليدفنوا أمنياتهم وأحلامهم القتيلة في ارض لا يحلم فيها إنسان …

 

عدتُّ الى نفسي وقد هالني صدى حسرتي وسطوة الحزن في اركان روحي فأفرغت همي في كف الذكرى ومضيت اكسر صمت الطريق انادم نفسي بصوت خفيض… مات الزمن الجميل … والعيد ما برح كل عام يعود ولا جديد ….

الصورة من ايام الزمن الجميل (الثالث المتوسط) …. ترى هل كنا كباراً في ثياب طفولتنا أم صار للطفولة شكل جديد ؟ …

عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير …

 

د. حازم العقيدي- العراق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى