ملفاتمميز

رؤية جديدة لقضية أطفال الشوارع.. قنبلة موقوتة وبُقعة سوداء في جبين الإنسانية!!

  شارع الصحافة/ إعداد- علي الحاروني:

أطفال الشوارع قنبلة موقوته يمكن ان تدمر المجمتع فى أى وقت حيث يقترب عددهم من ثلاثة ملايين طفل وأطفال الشوارع فى الوقت الحالى بحق واحدة من المشكلات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية التى تؤثر على المجتمع وترجع خطورة هذه المشكلة فى تعدد الجوانب والمحاور المرتبطة بها وفى السلوكيات التى يمارسها أطفال الشوارع وما يترتب عليها من تداعيات  داخل المجتمع الذى يعيشون فيه . فمن هم أطفال الشوارع؟ وما أسبابها تداعياتها على المجتمعات العربية والاسلامية ؟ وسبل مواجهة هذه الظاهرة مستقبلاً ؟ للإجابة على هذه التساؤلات ستكون محور مقالنا هذا وعبر محوريين رئيسين:

 

أولاً- ماهية أطفال الشوارع واسبابها وتداعياتها:

أطفال الشوارع هم الأطفال الذين يعملون ويقيمون فى الشوارع كل أو بعض الوقت دون رعاية من أسرهم.. ولقد أدخل مصطلح أطفال الشوارع من قبل منظمة اليونيسف فى الثمانينات من القرن الميلادى العشرين ويشمل الأطفال حتى عمر (18) عاماً المتروكين والمنبوذين والهاربين والرحل والمتسكعين والمشردين الذين يعانون من غياب رعاية الأهل ودعمهم ويعيشون بقدراتهم الذاتية.

   ولعل اليُتم وتفكك الاسرة والهروب من المدرسة وضعف دخل الأسرة والتعامل معه بعنف والتمييز بين الأبناء من أهم الأسباب المؤدية لطفل الشوارع تعد ظاهرة أطفال الشوارع من القضايا التى يمكن أن تعصف بخطط المجتمعات نحو التقدم نتيجة فقد أعداد كبيرة من أطفال الشوارع الذين هم موارد بشرية وطاقات إنتاجية مهملة.

والأمر الخطير، أنه يمكن تجنيد أطفال الشوارع لإرتكاب الجرائم لأنه يمكن تخويفهم وهم يفتقرون الى النضج العقلى والقدره على فهم أثار أفعالهم وفى بعض الحالات يجبرون على تعاطى المخدرات والمشروبات الكحولية ويدفعهم الارهابيين القادة إلى ارتكاب الجرائم الفظيعة ويكون ذلك أحيانا ضد أسرهم ومجتمعاتهم المحلية والعربية حيث السرقة والتسول والعنف والاعتداءات الجنسية والقتل وهذا علاوة على المشاكل النفسية لأطفال الشوارع والصحية حيث التلوث وتعرضهم للكثير من الفيروسات والعدوى البكتيرية.

ثانياً- سبل وآليات واقعية لمواجهة ظاهرة أطفال الشوارع:

بالرغم من الإقرار بالحاجة الى شكل من أشكال المساءلة لأطفال الشوارع سواء من خلال الاعتقال أو المحاكمة الا أن هناك وسائل أنجح وأنسب لتمكين الأطفال للتصالح مع ماضيهم وإعادة تأهيلهم وإدماجهم فى المجتمع.

وهذا يتطلب الاهتمام والرعاية والتوجيه فى جميع مراحل نموهم وحل جميع مشكلاتهم من أجل تنميتهم تنمية سليمة بعيدة كل البعد عن وسائل الانحراف مع العمل على اكتشاف استعداداتهم وقدراتهم الذاتية والعمل بشتى السبل على توجيهها من خلال البرامج التعليمية والتدريبية والتأهيلية لإكسابهم المهارات التي تمكنهم من ممارسة حرفة ما والتكسب منها.

 كذلك اكسابهم المهارات  الاجتماعية اللازمة لإعادة إدماجهم فى الحياة الاجتماعية فأطفال الشوارع بحاجة الى الرعاية والدعم النفسى والتربوى والاجتماعي، واعادة التأهيل من خلال طرق تدخل على مستوى الطفل ذاته وعائلته والمجتمع وبناءاً على ذلك يمكن العمل على تبني جانبين من السياسات والاجراءات الوقائية والعلاجية.

 

* الإجراءات الوقائية وتعني تبني برامج عمل وتدابير وقائية لسد منافذ ومنابع ظاهرة أطفال الشوارع، وذلك من خلال العمل على تحسين مستوى المعيشة ومحاربة الفقر والبطالة وتوفير المساندة والدعم اللازمين لأبناء الأسر الفقيرة، مع تطوير المناطق العشوائية، بما يضمن توفير البنية الأساسية والمرافق اللازمة مع التوسع في برامج الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة وتحسين الأداء الأسرى في رعاية وتربية الأطفال مع العمل على نشر التعليم والحيلولة دون تسرب الأطفال من المدارس من خلال تفعيل إتفاقية حقوق الطفل.

ولابد من تبني عديد من الأساليب التربوية داخل الأسرة للحد من ظاهرة أطفال الشوارع ومنها توعية الشباب المقبلين على الزواج بحقوق الزوج والزوجة وحقوق الأطفال  وكيفية رعايتهم، مع استخدام اسلوب الثواب والعقاب بحكمه وتدرج وعدم استخدام العقوبات المادية كالضرب المؤلم للأطفال الا بعد استنفاذ كل السبل وعدم المبالغة فى العقوبة وتفعيل القدوة الحسنة داخل الأسرة قولاً وفعلاً وفقاً للتربية الإسلامية.

* الإجراءات العلاجية لتقويم أطفال الشوارع وعلاجهم نفسياًَ وتربوياً من خلال مراكز الرعاية والتأهيل والعلاج والعمل على الاستفادة من التجربة الناجحة للمكسيك للتصدي لأطفال الشوارع، من خلال تعزيز المشاركة المجتمعية في تقديم الخدمات المطلوبة لهم سواء في شكل دور إيواء أو من خلال أنشطة بناء القدرات وتقديم فرص للتشغيل.

وفى هذا الإطار، يجب الإشارة إلى تبني الحكومة المصرية عبر وزارة التضامن الاجتماعي من خلال  المبادرة الكريمة الرئاسية (حياة كريمة) عام 2019م خطة لدمج أطفال الشوارع من خلال توفير المأوى لهم سواء بدور الرعاية أو لدى ( الأسر البديلة)، أو بالعمل على إعادتهم لأسرهم وتمشياً مع ذلك يتحتم على المسئولين والمهتمين بعلاج هذه الظاهرة إنشاء مؤسسات إجتماعية تهتم بالتدخل المبكر لحماية الطفل وضحايا الأسر المفككة والأطفال العاملين في بيئات ضارة وفى سن مبكرة، مع تعيين أخصائيين  إجتماعيين للعناية بهم ومناقشة مشاكلهم وحلولها وحماية أطفال الشوارع المسربين من التعليم.

ويجب تفعيل دور الإعلام لزيادة وعى المجتمع وتحريك الرأى العام حول هذه الظاهرة وأهمية مكافحتها والعمل على إجراء دراسات موسعة لإستقصاء مكامن الظاهرة واستجلاء أبعادها وآثارها وتحديد معدلات إنتشارها وسبل مواجهتها والوقاية منها بما فى ذلك عند الضرورة – فرض عقوبات صارمة على الآباء الذين يهملون ابنائهم ويتركونهم في الشوارع، مع التوسع في إنشاء مراكز استقبال الأطفال لإنقاذهم وتقويمهم وتحقيق التنسيق بين الجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية  المشتغلة في مجال حقوق الطفل ورعايته.

  ويتعين أيضا إنشاء مجالس وطنية للأسرة والطفولة ذات طبيعة إستشارية وقوة اقتراحية في وضع السياسات العامة المتعلقة بالأسرة والطفل وخاصة الطفولة التى في وضعية صعبة ومنها ظاهرة (أطفال الشوارع) والتي هي حقيقة لا مفر من الاعتراف بوجودها فى عالمنا اليوم فهي مأساة حضارية وظاهرة إبتليت بها مجتماعتنا العربية والاسلامية بأخطارها الجسيمة على مستقبل دولنا اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً وسياسياً، والتي تحتاج إلى تكاتف العالمين العربي والإسلامي لمواجهتها: مؤسسات ومنظمات ومجتمع مدني وقطاع خاص للقضاء على هذه الظاهرة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى