ملفاتمميز

تقنيات الجيل الخامس وإنترنت الفضاء .. واحتدام الصراع بين القوى العظمى

إعداد/ علي الحاروني:  

لقد اشتعل الصراع الدولي بين الشركات الكبرى في مجال الاتصالات وبين الدول لاسيما بعد تدشين شبكات الجيل الخامس والعمل علي إنتاج الأقمار الصناعية التي تبث إنترنت فائق السرعة، وهو ما يطلق عليه (إنترنت الفضاء)، خاصة وأن عصر الجيل الخامس وإنترنت الفضاء يمس في المقام الأول الأمن القومي للدول لتحكم من يقوم بتصنيع هذه الشبكات في المعلومات والتي عن طريقها يستطيع السيطرة علي أجهزة الدول ومؤسساتها وأفرادها.

 ومن هنا فقد كان الجيل الخامس للاتصالات والإنترنت الفضائي محل صراع دولي بين القوي العظمى خاصة بين الصين من جانب والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا من جانب آخر.. فما هي مؤشرات الجيل الخامس وإنترنت الفضاء واستثماراته علي الصعيد الدولي والعربي؟ وما هي التهديدات والتحديات الناجمة عن الجيل الخامس وإنترنت الفضاء ودوافع وحقيقة الصراعات الدولية ؟ وكيفية تفادى تلك التهديدات والتحديات لنرسم فى النهاية صورة مستقبلية لذلك النوع من التقنيات ؟!

 وذلك كله سيتم تناوله عبر ثلاثة محاور أساسية علاقة محاور رئيسية.

أولا- إطلالة علي خدمات الجيل الخامس وإنترنت الفضاء (حقائق وأرقام)

هناك طفرة حقيقية في تقديم خدمات الجيل الخامس عالمياً وبدأت العديد من الدول في تقديم خدماته مثل كوريا الجنوبية والصين والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وإيطاليا وسويسرا وأسبانيا وفنلندا وفرنسا وأستراليا وألمانيا والنرويج والدنمارك وفنلندا والسويد واليابان ورومانيا وكندا …  فضلاً عن بعض الدول العربية مثل الإمارات والسعودية وعمان ليشهد العالم ثورة حقيقية نحو تبنى تقنيات الجيل الخامس للإنترنت.

وفقاً للتقديرات الدولية فإن عدد مستخدمي الجيل الخامس للإنترنت بحلول عام 2024م حوالي مليار ونصف المليار مستخدم ويتوقع أن يبلغ حجم سوق سوق تقنية الجيل الخامس 251 مليار دولار عالمياً بحلول عام 2025م ، وتعد كوريا الجنوبية أول دولة تطلق هذه الخدمة في مطلع 2018م ، وتعتبر شركة هواوي الصينية أكبر منتج للاتصالات في العالم ومن أكبر الشركات المطورة لتقنيات الجيل الخامس للاتصالات علي مستوي العالم.

أما عن إنترنت الفضاء والتي تعد من طرق الاتصال بالإنترنت باستخدام الأقمار الصناعية فائقة السرعة جدا فمن أبرز الشركات العمالة في هذا المجال (شركة سبابي إكس) الأمريكية وشركة (وان ويب) البريطانية الأوربية، و(سوفت بانك) اليابانية.

ثانيا- تحديات وتهديدات وصراعات دولية حول الجيل الخامس وانترنت الفضاء:

 إلي جانب التحديات التقنية لانتشار الجيل الخامس المستخدمة في ضرورة استخدام بنية تحتية قوية وجديدة تستوعب حركة المرور العالمية للمعلومات والأرقام ، إلا أن هناك تهديدات وتحديات أخري للجيل الخامس تتمثل في تهديدها للأمن القومي للدول حيث أن التكنولوجيا المستخدمة يمكن أن يتم توظيفها للتجسس علي الدول والشركات والأفراد وتزداد هذه الهواجس بالنظر إلي التطورات والتطبيقات العسكرية لشبكات الجيل الخامس إذا أن الاتصالات بين المؤسسات الاستخبارية والدفاعية قد يتم عبرها وهو ما يعرضها للاختراق من جانب الدول.

وتمشيا مع ذلك قامت الولايات المتحدة باتهام الصين بالتجسس عليها  وحاولت تضييق الخناق علي شركة هواوي الصينية بفرض عقوبات عليها بحجة انتهاك العقوبات الأمريكية علي إيران وعرقلة تعاون حلفاء واشنطن مع هواوي.

 إضافة إلي ذلك هناك بعض التحديات التي تواجه مشروعات الإنترنت الفضائي حيث تلجأ العديد من الدول إلي فرض قيود علي شركات الإنترنت رغبة منها في التحكم في تدفق البيانات والمعلومات الخاصة بمواطنيها وذلك تطلب الدول الحصول على خاصية الإغلاق الطارئ بشبكة الإنترنت الفضائي في أي وقت . إضافة إلي وجود مشكلات فنية تعترض طريق الإنترنت  الفضائي تتعلق بمخاطر تصادم العديد من الأقمار الاصطناعية التي تدور في مدارات قريبة من بعضها البعض …. أضف إلي ذلك التهديدات الناجمة عن إنترنت الفضاء أمنياً وعسكرياً واستخبارياً.

ثالثاً- رؤية مستقبلية للجيل الخامس وإنترنت الفضاء  

لا أحد يستطيع أن ينكر دور تقنية الجيل الخامس وإنترنت الفضاء في إحداث طفرة حياتية علي كافة الأصعدة الطبية والصناعية والاقتصادية والعسكرية إضافة إلي إمكانية استخدامها في أوقات الأزمات والكوارث الطبيعية وكذلك فترات انتشار الأمراض والأوبئة مثل فيروس كورونا المنتشر حالياً.

 إلا أنه علي الرغم من المميزات المتعددة والمتنوعة التي تقدمها الاتصالات للجيل الخامس وإنترنت الفضاء يظل هناك تحد قوي وقائم وقد يزداد ويتسع والمتمثل في الأمن المعلومات والسيبراني حيث التجسس والإختراق للمعلومات ومسخ للهوية العربية والإسلامية.

 هذا علاوة على تسييس هذا النوع من التقنيات وتدويل أزماتها وإشكالياتها حتى أصبح مجالاً خصباً للصراعات الدولية والتنافسية وإضعاف الخصوم في مجال تقنية الجيل الخامس وإنترنت الفضاء علي غرار شركة هواوي الصينية ومن هنا فإن الحاجة ماسة لاعتماد إستراتيجية دولية تشمل التدابير الفنية والاستثمارات الاقتصادية والمحاذير الأمنية والأمن القومي لتعظيم الفوائد وتبديد المخاوف وتقليل التهديدات والتحديات الناجمة عن انتشار تقنيات الجيل الخامس وإنترنت الفضاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى