أقلام القراء
الصورة بين التأثير والتأثر (بقلم يوسف أسونا- المغرب)
لقد نجح أخطبوط الرأسمالية الجشعة في إبتلاع كل الأنظمة المحيط بها شرقا وغربا، ليتوسع و يمتد على حسابها مذيبا كل الحدود ومسقطا كل النواميس الدولية في شعاع بغيض أسمته “العولمة”.
بان واضحا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وبروز ديناميكية العالم الجديد المتحرر بكل آلياته رافعا راية “التطور الرقمي” غاية في الغزو التكنولوجي بإكتساح لكل الأسواق غاية في التحول الشامل في مفهومية القطب الواحد الذي يتحكم بمفرده في سياسات الآخر بالفرض و الرفض والردع دون إعتبار لخصوصيات الغير و ثقافتهم التي تبني هويتهم.
هكذا نرى عن هذا العالم ولا نقرأ خاصة أنه إعتمد تقنية “الصورة” وآثارها على المتلقي في عملية ممنهجة بإعتماد أسطول من التكنولوجيات التي ٱنحصر إعتمادها في البدأ لها دون سواها ثم بدأت وفي غاية إستغلالية تمثلت في “مقايضة”بشعة للمعلوماتية مقابل التكنولوجية، لتصبح الصورة السبيل الأوحد للوصول للخبر وأنهت أو كأنها تتوهم مكانة المقروء بمعناه العام وتأسس بذلك ثقافة تجاوزت الكتابة ومعاييرها نحو ثقافة الصورة الجديدة.
فماهي مفهومية الصورة وأبعادها و تأثيرها على الإنسان ومحيطه:
الصورة إسقاط هلامي على واقع معيش من خلال إعتماد البعد الخيالي لدمجه بوسائل عصرية في الواقع المعيش، هي عين الآخر على بقية أعضاء الجسد تراقبه و تأطره حسب ما تراه لائقا بغاياتهاP فالصورة وإن تعددت أنواعها سواء التلفزية و السينمائية أو غيرها فهدفها واحد هو عين المشاهد بذاته.
فلو أخذنا الصورة التلفزية والتي هي تحت رقابة النظام السمعي البصري أي الإذاعة والتلفزيون التي تزود المتلقي بملايين الصور عن واقع معيش أو سيعاش في زمن ومكان معين.
هي أداة نظام العولمة، اكتسحت كل المجالات بفضل الشركات المتعددة الجنسيات التي تدير التجارة العالمية بهدف التشهير لمنتجاتها وسلعها.
لكن هذا التقدم للصورة خلّف تراجع للمادة المكتوب التي أسست علم اللسانيات وما مقومات الخطاب عند القارئ في ثقافات عريقة عاشها الإنسان ، إلا أن هذا الغزو البشع للصورة، بدأ في عملية طمس ثقافة المكتوب التي كانت عمود الفنون في زمن اللافن.
وكمثال لما تناولناه نرى في هذا العالم الإفتراضي أو واقع التواصل الاجتماعي حيث يصور الفرد مراحل يومياته من بداية يومه إلى نومه بطريقة اعتباطية متواترة و مفضوحة أحيانا تحت تسمية الحرية في إيصال المعلومة دون إعتماد معايير إنسانية وجمالية بإدماج تطبيقات متعددة كالفايسبوك والواتساب والانستاغرام، والهدف واضح الربح السريع لا المنتوج اللائق.
هكذا نرى والواضح أضحت الصورة آداة للربح وبكل الوسائل وليس كما كان زمن المنهجية الكتابية، أين كان المنتوج المنتظر يثمر ويدوم دوام الإبداع والتميز ..
الصورة في الأخير قامت بتعرية المسكوت عنه نعم بإيصال البعيد بالقريب نعم لكن قتلت آية الإحساس بالإنسان في عهد رأسمالية بغيضة همها الوحيد الإحتواء لا الإرتقاء بالذات البشرية.
هكذا أمست الصورة نقلا تفصيليا لحياة الفرد حتى وإن كانت خاصة أو محرجة، لقد هتكت حرمة الأشخاص لأجل الربح وكشفت ما لا يُكشف إضافة إلى أنها أمست حاوية للملء لا غير أي نجد شبه معلومات لا تتطابق سواء مع المحتوى أو الهدف من النشر المهم أن تكون الصورة بديلا للخبر الذي كان يمثل حقيقة المُعاش ومنطق الفعل الإدراكي الصحيح.