مقالات
سيب وانا سيب !! (بقلم: د. نشوة عمر- مصر)
التضحية كلمة قاسية ومعناها أعمق بكثير من قسوتها إذ يتصور البعض أنها واجبة عليه في أغلب الأحيان لاعتبارات عديدة ولكن هل سأل هؤلاء أنفسهم ما جدوى هذه التضحية؟وهل هناك شيء فى الحياة يمكن أن يستمر دون مقابل، وهل يمكن لأى علاقة مهما بلغت قدسيتها أن تستمر أو تنمو دون عطاء متبادل؟؟!
الجواب قطعٱ بـ لا.. مهما بلغت قوة هذه العلاقة، فلن تستمر، وربما هذه هي الإجابة عن السؤال الذى حيَّر المجتمع في الآونة الأخيرة، عن سبب انتشار ظاهرة الطلاق، وتقطيع صلات الأرحام، وتكدس المحاكم بآلاف الدعاوى القضائية والشكاوى، بين الأهل والأصدقاء والجيران وزملاء العمل و……
ولو أننا وقفنا مع أنفسنا وقفة صدق، لوجدنا أن السبب ليس دائما هو الآخر فلو راجع كل منا نفسه في السبب وراء تلك المشكلات جميعاً، لوجد أنه ساهم بجزء كبير في المشكلة.. فهل قام كل منا بواجبه كما يجب أن يكون نحو هذه العلاقة سواء أكانت علاقة زوجية أو أخوية أو صداقة أو زمالة؟
هل قدم ما وجب عليه تقديمه للطرف الآخر؟ هل سلك ما تقتضيه واجبات المحبة والحقوق المعنوية والمادية والإنسانية تجاه هذه العلاقة مع الطرف الآخر؟
للأسف كل شخص دائما يبحث عن ما يظن أنها حقوقه، دون أن يبحث عن واجباته أولا ويقوم بها ؟ هل قام الزوج بدوره تجاه أفراد أسرته على كافة المستويات المادية والمعنوية والإنسانية والأبوية؟ وهل فعلت الزوجة الشيء نفسه تجاه أسرتها؟
هل قدم الإخوة مشاعر الحب والمودة والمساعدة وما تفرضه عليهم علاقة صلة الرحم تجاه إخوتهم وعائلاتهم؟هل قدم الأصدقاء الوفاء والإخلاص والمحبة والدعم في الأوقات العصيبة والتماس الأعذار لأصدقائهم قبل أن يتهموهم بالتقصير؟ وهل احترم زملاء العمل العلاقة التي يفرضها الواجب والأخلاق والقانون وحافظوا على حقوق زملائهم على المستويين العملي والأخلاقي؟
يجب أن يسأل كل منا نفسه هذه الأسئلة، ويجيب عليها قبل إلقاء اللوم والتهم وتقديم الشكاوى والدعاوى القضائية؛ فلو أن كل فرد قام بدوره تجاه الآخر وتعامل معه بالطريقة التي يحب أن يعامل بها وبذل كل ما في وسعه لتحقيق ذلك ولم يجد المقابل الذي يستحقه من الاحترام والحب وحفظ الحقوق.. في هذه الحالة؛ فإن الاستمرار في العطاء يكون دربًا من دروب التنازل الذي لن يؤدى إلا إلى المزيد من التنازلات.
وهنا يجب التوقف فوراً وعدم تسمية ذلك العطاء بأي مسمى آخر مثل التضحية من أجل المحبة أو الصداقة أو الإخوة إلخ ….فأحياناً يكون هذا هو السبب في تمادي الطرف الآخر في أخطائه مدى الحياة وما يترتب على ذلك من ظلم نفسي ومادي ومعنوي للطرف المُضحِّي، والذي حتمًا ستنفد طاقته يوماً ما، وحينها ربما تفوق النتيجه كل توقع أو تصور ممكن.