يعتقد البعض أن الحديث عن تطوير المعلم وإعادة تأهيله هو نوع من الترف العلمي أو الفكري، وأن هناك قضايا أهم من ذلك يجب أن تناقش، لكن الملاحظ اليوم أن المعلم التقليدي لم يعد له مكان في العملية التعليمية وسط السياقات التربوية الحديثة في مجال التربية والتعليم و استراتيجيات التدريس الجديدة.
فقد غيرت النظريات الحديثة في التربية النظرة لدور كل من المعلم والطالب، وغيرت أيضا نمط التفاعل التقليدي الذي كان سائدا لفترات طويلة من الزمن، فأصبحت للمعلم مهام أخرى غير التلقين والإلقاء وأصبح للطالب أدوار أخرى كثيرة غير الحفظ والاستماع والتكرار السلبي للمعلومة.
وأصبح المعلم اليوم مطالبا بتنمية مهاراته التدريسية بجودة وكفاءة أكثر من ذي قبل، وأن يدرك أن من مهامه الجديدة أن يكون موجهًا وميسرًا ومساعدًا للطلاب لكي يتعلموا بأنفسهم، وأن عليه أن يكون مدبرًا بارعًا للحصة الدراسية بما يحقق أهدافها المعرفية، وأهداف العملية التربوية ككل.
ولهذا يحتاج المعلم إلى بعض المهارات الهامة التي تساعده فى جعل العملية التربوية أكثر فائدة ومتعة، والتي يمكن أن تساعد المعلم في تطوير أدائه وتجعل الطلاب أكثر حافزية ومنها:
زملاؤه المتميزون أو المعلمون المتميزون في مدرسته: حيث يمكنه تبادل الزيارات (حضور الحصص) والاستفادة من خبراتهم.
قراءة الكتب العلمية التي تحفزه وتلهمه: مثل الكتب المتعلقة بمهارات التفكير والإدارة الصفية وتلك المتعلقة بتوظيف أبحاث الدماغ في التعلم، وكتب استراتيجيات التدريس الحديثة.
استثمار مواقع التواصل الاجتماعي: من خلال التعرف على المهتمين في نفس المجال وتكوين جماعات متفاعلة، ومن ثم الاستفادة من تجاربهم كالمجموعات الموجودة على الفيسبوك، أو تويتر، أو الوتس أب، أو جوجل بلس وغيرها، كما يمكن الاستفادة من المواقع العلمية المهتمة بتطوير المدارس ، ومنتديات المعلمين.
التدريب الإلكتروني: وهو أقل كلفة وجهداً ووقتاً خصوصاً مع وجود مواقع متخصصة ومجانية تقدم دورات مختلفة في شتى المجالات. مثل : رواق ، ومهارة، وإدراك، موقع مهارتي …
التدريب الرسمي: من خلال موقعه الوظيفي، أو من خلال الدورات مدفوعة الأجر.
الاطلاع على أحدث التطورات في مجال التربية والتدريس: من خلال متابعة المؤتمرات والندوات عبر الشبكة الأنترنت إذا لم يتمكن من الحضور شخصيا.
التعلم الذاتي: فبعد التعرف على نظرية جديدة، أو استراتيجية جديدة يبادر المدرس لتطبيقها مع طلابه، ويسجل، ويرصد السلبيات والإيجابيات، وإمكانية التعديل والتغيير لتلائم مادته وطلابه.
ويقوم المعلم نفسه بعد كل تجربة بتقييم نفسه، ومكتسباته أو الأفكار والتجارب الجديدة التي راكمها؛ فالمعلم الناجح كالطباخ الماهر الذي يعرف ماذا يريد من مكونات وكيف يقوم بخلطها بنسب محددة ليحصل على درس جيد بأقل التكاليف وأكثر الفوائد والمنافع، وأن يكون دائما مبدعاً في ابتكار الجديد والشيق من الدروس.
لكن رغم ذلك، تبقى عملية إعداد المعلم عملية أصعب مما نتوقع، خصوصا أننا مطالبون بتكوين معلمين يسايرون النهضة التكنولوجية الكبيرة التي يشهدها العالم في مجال التدريس و نقل المعرفة والثقافة؛ فالمعلم – المطالب بالتغيير والتطوير – قد لا يملك الوقت الكافي للقيام بكل شيء، نظرا لأنه محكوم بواجبات كثيرة كالحصص والمهام الإدارية بالمدرسة ومحكوم بالمهام العائلية والمستلزمات الأسرية خارج المدرسة، ما يجعل مسألة توفير الوقت نقطة غاية في الأهمية.
لذا يفضل أن يكون المدرس أكثر الناس دراية بمهارات إدارة الوقت، ولديه القدرة على استغلال وقته وتوزيعه بما لا يتعارض وكثرة المسؤوليات، مع ضرورة تبني التدريب الإلكتروني (عن بُعد) عبر إنشاء موقع رسمي لتقديم دورات وكورسات ومحاضرات عن بعد، تختصر للمعلم الجهد والوقت والمال، محاضرات يمكن أن تكون مقدمة من طرف أساتذة متخصصين من كليات التربية ، كما يمكن الاستفادة أيضا من الخبرات العالمية، توظف فيها معايير التقويم الإلكتروني لتقديم أفضل الخدمات التدريبية بكل جودة وإتقان.