إعداد- علي الحاروني:
يمثل الطلاق أحد الأسباب الرئيسية والحاسمة فى إنهيار وحدة الأسرة العربية والعالمية ومن قراءة الأرقام والإحصائيات على المستوى العالمى الأوروبى أو العربي، نجد أنه وفقاً لإحصائيات المنظمة الأوروبية للإحصاء (يوروستات) التى أشارت فى تقريرها عام 2021م إلى أن مصالح الحالة المدنية فى دول الاتحاد الأوروبى قد سجلت حالتى طلاق لكل 1000 شخص وبحسب التقرير فإن معدلات الطلاق كانت أدنى فى مالطا وايرلندا ومرتفعة فى لاتفيا وليتوانيا والتى سجلت أعلى معدلات الطلاق بما يوازى 3.1 حالة طلاق لكل 1000 شخص تليها الدانمارك بـ 2.6 حالة والسويد 2.5 حالة.
كما أوضحت التقارير العربية إلى ارتفاع عدد حالات الطلاق المسجلة حيث سجلت أكبر زيادة فى مصر والأردن وفلسطين بنسب 261% و 268% و240% على التوالى فى الفترة بين عامى 2019 و 2021 وبحسب الإحصاءات الرسمية تحتل مصر المرتبة الأولى عالمياً فى الطلاق بمعدل ما يزيد على ثلاثمائة حالة طلاق يومياً وتؤكد الإحصائيات وجود أكثر من أربعة حالة طلاق يومياً وتؤكد الإحصائيات وجود أكثر من أربعة ملايين مطلقة وتسعة ملايين طفل ضحية الإنفصال.
ونظراً للتداعيات والمشكلات السياسية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية على أفراد الأسرة والمجتمع وتعدد أسبابها هناك تجارب ناجحة فى الحد من تداعيات الطلاق ومنها الولايات المتحدة وفرنسا وماليزيا والامارات والبحرين والمغرب ومصر.
نظرة عامة على ظاهرة الطلاق وتداعياتها:
من أهم ملامح ظاهرة الطلاق والتى تمثل بعض الحقائق حولها أنها انتشرت بين الشباب حيث ترتفع معدلات الطلاق بين الفئات العمرية من (20 الى35عاما) وأنها كذلك بين الزيجات التى تتراوح فترة الزواج فيها ما بين عام الى خمسة أعوام. اضافة الى ارتباط ارتفاع معدلات الطلاق بتحولات التكنولوجيا وظهور الانترنت الذى أثر على بنية الأسرة إجتماعياً ونفسياً وقانونياً واقتصادياً…. إلخ حيث زعزعة الاستقرار بين أفراد المجتمع وتدهور حالتهم النفسية والإقتصادية والإجتماعية لأن الطلاق يترك أثاراً نفسية على المرأة حيث الوصم بلقب مطلقة. والنظرة الدونية للمجتمع لها وعدم قدرتها على وجود مصدر دخل آمن والرجل يشعر بعدم الثقة والخذلان؛ ما يسبب له الكثير من الأمراض الصحية والنفسية خاصة وإن كان الأبناء فى غير حضانته.
ويترك التفكك الأسرى والطلاق آثاراً مدمرة على الأبناء والمجتمع حيث ينشأ جيلاً من المتمردين والمنحرفين والمشردين وكذلك يسبب الطلاق الاختلال فى القيم الاجتماعية الايجابية التى يريد المجتمع أن يرسخها فى عقول أبنائه من التراحم والتعاون والمودة ويجعل الفرد ناقماً على قيم المجتمع وإتباع الثقافات المغايرة كنوع من معاقبة المجتمع والإنتقام منه.
تجارب رائدة في مواجهة الطلاق:
نظراً لتعدد الأسباب والدوافع التى أدت إلى الطلاق ما بين أسباب نفسية واجتماعية وثقافية وإقتصادية أو دوافع متأثرة بالتكنولوجيا والإنترنت إلا أن السياق المجتمعى والقيمى والثقافى الحاكم للمجتمع ومدى اتساع درجة الحرية الشخصية فيه يحدد بطريقة ما سبل وأدوات معالجة الدول لقضية الطلاق.
وعلى ضوء ذلك فهناك تجارب ناجحة حاولت الحد من مشكلات وتداعيات الطلاق كما فى ماليزيا وفرنسا والولايات المتحدة والامارات والبحرين والمغرب.
ففى ماليزيا: ونظراً لإرتفاع نسبة الطلاق والتى وصلت الى 32% قام مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي باستحداث أسلوبه الفريد لعلاج المشكلات والمسمى بـ(رخصة الزواج) الذى ألزم من خلا له كل من يرغب فى الزواج من الجنسين بالخضوع لدورات تدريبية متخصصة يحصلون على رخصة تخولهم الزواج حتى انخفضت نسبة الطلاق اليوم الى 7%.
وإلى جانب ذلك قامت الحكومة الماليزية بإنشاء دائرة للدراسات العائلية والتطوير البشرى والتي تهتم بتقديم دراسات مهمة فى مجالات وقضايا الأسرة وفى حالة تعدد الزوجات لابد من الحصول على تصريح قضائي لإثبات أن الزواج المقترح لن يؤدى إلى الإضرار بحيازة الزوجة أو الزوجات أو الأشخاص المعالين، مع إصدار قانون يمنع قبول دعوى الطلاق لمن لم يمضى على زواجه قدره 24 شهراً.
وفى حالة رغبة الزوج بالطلاق فلابد أن يقدم طلب للحصول على إذن قضائى يوضح فيه أسبابه والمبالغ التى ينوى دفعها فى فترة العدة، ونفقة المتعه والمهر والأحكام المتعلقة بتقسيم الممتلكات الزوجية وإذا رأت المحكمة صعوبة الإصلاح فإنها تنصح الزوج بالنطق بطلقة واحدة وتسجيل الطلاق أما إذا لم يوافق الطرف الآخر أو أن المحكمة غير مقتنعة بأن هذا التدهور لا يمكن إصلاحه هنا تبذل المحكمة جهودها فى محاولة للتوفيق فى مدة لا تتجاوز الستة أشهر.
ثم تصدر لجنة الإصلاح شهادة لفشلها فى الإصلاح أو أى توصيات أخرى فيما يتعلق بالحضانة والنفقة وتقسيم الممتلكات أو بتقرير الترتيبات المالية فى حالة حدوث الطلاق وذلك من خلال تقسيم الممتلكات التى حصل عليها بجهد مشترك أثناء الزواج.