تترقب موسكو ببالغ الاهتمام نتائج الانتخابات البرلمانية التي تجري اليوم الأحد في ألمانيا التي تعتبر شريكا أوروبيا محوريا لروسيا سواء اقتصاديا أو سياسيا. ورغم أن قضايا السياسة الخارجية لا تعتبر أولوية لدى الناخبين والأحزاب الألمانية، لا يزال عدد من الملفات الدولية، ومنها العلاقة مع روسيا، يتمتع بمكانة بارزة في برامج وخطابات المتنافسين الأساسيين.
تحالف اليمين الوسط
من المتوقع أن يتابع الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة أرمين لاشيت، وريث ميركل، وحليفه التقليدي الاتحاد الاجتماعي المسيحي، نهج المستشارة المنتهية ولايتها حيال موسكو، والذي يعتمد على الجمع بين الالتزام بالموقف الأوروبي والأطلسي الموحد والحوار “أينما كانت هناك مصالح مشتركة”، بما في ذلك قضية المناخ وتشغيل خط أنابيب الغاز “السيل الشمالي-2”.
الحزب الديمقراطي الاشتراكي
الديمقراطيون الاجتماعيون بزعامة أولاف شولتز، يرون مجالا أوسع للتعاون مع روسيا، يشمل قضايا نزع السلاح وضبط الأسلحة والتنمية المستدامة والطاقة ومحاربة الوباء وحل النزاع في جنوب شرق أوكرانيا، كما أنهم يدعمون أيضا مشروع “السيل الشمالي-2”.
وحسب المحلل السياسة الألماني ألكسندر راهر، فإن “الحكومة المستقبلية، إذا ترأسها لاشيت أو شولتز، ستلتزم بقرارات حكومة ميركل”، مع أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي سيكون، برأيه، “أكثر براغماتية” تجاه روسيا من منافسه من الاتحاد الديمقراطي المسيحي.
كما أعرب راهر عن ثقته في أن الحكومة الجديدة، سواء برئاسة لاشيت أو شولتز، ستواصل تقديم الدعم السياسي لمشروع “السيل الشمالي-2”.
الخضر
يتخذ حزب الخضر الذي ترأسه أنالينا بربوك، وهو الثالث في الترتيب من حيث الشعبية، الموقف الأكثر تشددا من روسيا، وهو ينتقد مشروع “السيل الشمالي-2” بشدة ولا يزال يحاول إيقافه.
كما يؤيد الخضر تشديد العقوبات – “إذا لزم الأمر”- ضد روسيا، التي يقول برنامج الحزب إنها “تهدد بشكل متزايد الديمقراطية والاستقرار والسلام في الاتحاد الأوروبي والمنطقة عامة”.
مع ذلك، يبدي “الخضر” استعدادا لإجراء حوار مع موسكو حول قضايا حماية المناخ، كما يدعون لاستئناف الحوار بين الناتو وروسيا.
وهناك احتمال كبير أن يصبح الخضر جزءا من الحكومة المستقبلية، فمن الممكن (ولكن ليس مؤكدا) أن سيحصلوا على منصب وزير الخارجية، ما سيتيح لهم إمكانية المشاركة بشكل مباشر في صياغة أجندة السياسة الخارجية.
وبينما يتبع الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي بما يسمى بـ”السياسة الحقيقية”، تقع القيم “الليبرالية المتطرفة” في قلب عقيدة حزب الخضر، والتي لا علاقة لها “بالسياسة الحقيقية” بل تتعارض معها.
حزب اليسار
يدعو حزب اليسار (دي لينكه) لإجراء تغييرات جذرية في سياسة ألمانيا الخارجية وبرنامجها الأمني، كما يدعو تقليديا إلى حوار أوثق مع روسيا.
ويطالب الحزب بفرض حظر على صادرات الأسلحة إلى الاتحاد الأوروبي، ويرفض إنشاء اتحاد دفاعي أوروبي والتعاون بين الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، فضلاً عن مشاركة الجيش الألماني في البعثات الدولية وزيادة الإنفاق الدفاعي. ويرى اليسار أنه يجب على برلين الانسحاب على الأقل من الهياكل العسكرية لحلف الناتو.
اليمين
يعد حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي، إلى جانب حزب اليسار، من أكثر الأحزاب الألمانية “موالاة لروسيا”. ويرفض “البديل” العقوبات الأوروبية ضد موسكو وتريد تكثيف التعاون الاقتصادي معها، مشيرة إلى ضرورة بدء تشغيل “السيل الشمالي-2” دون أي قيود.
ويرى المشككون في الاتحاد الأوروبي من “البديل” أن “الانفراج مع روسيا هو شرط أساسي لسلام طويل الأمد في أوروبا”، وأنه من مصلحة ألمانيا وأوروبا “إدراج روسيا في الهيكل العام للسياسة الأمنية”.
“سنفتقد ميركل”
لا جدال أن العلاقات الألمانية الروسية وصلت إلى نقطة متدنية بنهاية حكم ميركل، كانت تتجه بثبات نحوها على مدار العامين أو الثلاثة أعوام الماضية.
ومن معالم هذا المسار التنازلي مقتل مواطن جورجي من أصول شيشانية في برلين اتهمت ألمانيا موسكو بالوقوف وراءه، وقصة التسميم المزعوم للمدون الروسي أليكسي نافالني، والاتهامات بشن هجمات إلكترونية، والطرد المتبادل للدبلوماسيين، وخلافات حول الوضع في أوكرانيا.
ومع ذلك يبدو أن روسيا، مثل رئيسها ستفتقد ميركل، التي دافعت باستمرار عن الحوار، على الرغم من أي خلافات، كما أنها دعمت مشروع “السيل الشمالي-2” حتى النهاية.
_______________
المصدر: RT