مقالات

دينا رمزي تكتب: حُب الذات مِن أسوأ الأمراض والآفات

 ليس هناك شك في أن حُب النفس عيب أخلاقي- من وجهة نظر تتسم بالعمومية- وأقرب إلى الغرور والأنانية، ومن مرادفات هذا المفهوم: حب الذات، الغرور، الاستعلاء، الأنانية وغيرها الكثير.. ويعتبر (سيسرو) بأن أولئك الذين (يحبون أنفسهم بدون منافسين)، كان مصيرهم ينتهي بالفشل، مثل مَن يحرقون منازلهم فقط لشواء بيضة لأنفسهم !! وفي اعتقادي شخصيًا أن حُب الذات مِن أسوأ الأمراض والآفات.

ومن وجهة نظر تقليدية قديمة، فإن محبة المرء لنفسه تختلف عن كونه مغروراً، متغطرساً، أو أنانياً, ما يعني أنه عوضا من ذلك يعتني بنفسه ويتحمل مسؤولية نفسه.. وفي هذا الصدد- وكما تشير موسوعة ويكيبيديا- اقترح إريك فروم إعادة تقييم حب الذات بمعنى أكثر إيجابية، بحجة أن تكون قادرا حقا على حب شخص آخر، وهنا يحتاج الشخص أولا إلى أن يحب نفسه في سبيل احترام نفسه.

ومن روائع ما تناقله بعض الحكماء والمختصين عن حُب النفس هو أنه (كرة منفوخة بالهواء، تخرج منها العواصف إذا ما ثقبناها).. والمعروف أن حُب النفس يخدعنا، ويُعمي أبصارنا، كما أن حُب النفس هو قفل القلب، والإطراء هو مفتاحه.

ويُقال إن حُب النفس حيوان غريب، يستطيع النوم تحت أقسى الضربات، ثم إنه يستيقظ وقد جُرح حتى الموت بخدش بسيط.. والثابت أن الأنانية سراب الضعفاء.. مع العلم طبعا أن الأنانية والحب المفرط للنفس، تحكمان العالم.. وهذه مسألة مقلقة ومزعجة ومؤلمة.

 إن الأنانية- كما قيل بحق- تثير قدراً من الرعب؛ بحيث إننا اخترعنا السياسة لإخفائها، ولكنها تفضح نفسها لدى كل مصادف.. ويسمى شريراً كل من لا يعمل إلا لمصلحة نفسه.. والعجيب أن الأناني يظن الجميع مثله.

على أي حال؛ أقول لكل أناني: كل طحان يجر المياه إلى طاحونته.. والأنانية ليست أن يعيش الإنسان كما يهوى، ولكن أن يطالب الآخرين أن يعيشوا كما يريد هو أن يعيش.. وختامًا؛ فإن (الأناني) عمره قصير، وأمره سوف ينكشف بأسرع ما يمكن.

وفي قصيدته عن الأنانية يقول محمد مهدي الجواهري:

أريتكُمُ أنَّ المنافعَ صُوِّرتْ

 محامدَ والحرمانَ منها معايبا

 أريتكُمُ أنَّ ابنَ آدمَ ثعلبٌ

يماشيك منهوباً ويغزوك ناهبا

 لحفظ “الأنانياتِ” سُنَّتْ مناهجٌ

 على الخلق صَبَّتْ محنةً ومصائبا

فان تراني مستصرخاً من مُلِمَّة

 على الناس إذ لم أخدعِ الناسَ صاخبا

فليس لأني ذو شعور وإنّما

أردتُ على الأيام عوناً وصاحبا

هي النفس نفسي يسقط الكلُّ عندها

 إذا سَلِمتْ فليذهبِ الكونُ عاطبا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى