لا يزال قرار وزارة التربية والتعليم المصرية بحظر التصوير في المدارس يحظى باهتمام البعض ممن لجأوا إلى الفضاء الإلكتروني لرصد ما يحدث داخل الفصول التي شهد أحدها خلافات مميتة بين التلاميذ على أحقية الجلوس في الصف الأول.
وكان وزير التربية والتعليم المصري، طارق شوقي، قد حظر الأربعاء الماضي، التصوير في كل المدارس والمؤسسات التعليمية إلا بعد التنسيق المسبق مع المستشار الإعلامي للوزارة.
كما منعت الوزارة تصوير التلاميذ دون موافقة كتابية من ولي الأمر، والإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام حول السياسات العامة للوزارة إلا بتصريح من الوزارة نفسها.
وعللت الوزارة قراراتها بأنها تهدف إلى الحفاظ على هيبة المؤسسات التعليمية وحماية التلاميذ ومدرسيهم.. لكن توقيت صدور تلك القرارات دفع كثيرين للاعتقاد بأنها جاءت للتغطية على الأزمات والمشاكل المتتالية للوزارة، بالتزامن مع بداية العام الدراسي.
وكما جرت العادة كل سنة، تضج مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بصور ترصد بداية العملية التعلمية ووضع الفصول. ومؤخرا، تداول مغردون بشكل واسع صورا أظهرت تلاميذ يفترشون الأرض، لعدم وجود مقاعد كافية، في إحدى المدراس الابتدائية بمحافظة القليوبية.
وأثارت الصور موجة غضب واسعة وتسببت لاحقا في إحالة مدير المدرسة إلى التحقيق، وعزله من منصبه، وفق ما ذكرته صحف محلية.
وفي مشهد يتكرر كل سنة، شهدت بعض الأقسام تكدسا غير مسبوق، إذ أظهرت بعض الصور عشرات التلاميذ ملتصقين ببعضهم البعض، في ظل غياب تام لإجراءات التباعد الاجتماعي والوقاية من فيروس كورونا.
كما انتشر مقطع فيديو يظهر هلع أولياء أمور التلاميذ، في مدرسة عمر مكرم الابتدائية في محافظة الإسكندرية، بعد أن تعذر عليهم العثور على أطفالهم، نتيجة الزحام الشديد في بهو المدرسة.
وأشار ناشرو المقطع إلى أن الفوضى جاءت نتيجة إخراج مسؤولي المدرسة للتلاميذ مبكرا عن موعد انتهاء الدراسة دون إبلاغ أهاليهم.
في حين أشار أخرون إلى أن الأمر لا يعدو مجرد تدافع من بعض أولياء الأمور الذين أصروا على مرافقة أطفالهم لحجز مقعد لهم في الصفوف الأولى.
وفي سياق متصل، أفادت مواقع محلية بوفاة طالب بالصف الثاني إعدادي بعد أن قضى أربعة أيام في غيبوبة بسبب شجار مع زملائه على أحقية الجلوس في المقعد الأول في الفصل. وعلى إثرها، تم إيقاف ثلاثة معلمين ووكيل المدرسة، الواقعة في محافظة كفر الشيخ، عن العمل لمدة 15 يوما.
أزمة متعددة الأبعاد
و عبر الكثير من المصريين النشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن حزنهم وانزعاجهم لمقتل الطالب الذي وصفوه بـ(شهيد التختة).
وألقى بعضهم باللائمة في ما حدث على وزارة التعليم واتهموها بالتقصير في التجهيز للعودة المدرسية.
بينما أنحى البعض الآخر باللوم على أولياء الأمور مؤكدا أن حل هذه الظواهر لا يقتصر فقط على الوزارة.
في المقابل ثمة من يرى في تحميل المسؤولية لأولياء الأمور محاولة للالتفاف على لب المشكل وتحويل النقاش للهوامش.
وتساءل مغردون عن سبب تكرر ظاهرة تكدس الصفوف والتسابق على حجز المقاعد الأولى، في كل سنة دراسية جديدة دون أن تقدم وزارة التربية حلولا جذرية.
فمع توالي الأزمات داخل المدارس واحتدام الجدل حول قرارات الوزارة بحظر التصوير داخل المؤسسات التعلمية، أطلق مغردون وسوما عدة تطالب بإقالة الوزير طارق شوقي.
وتباينت الآراء عبر تلك الوسوم بين منتقد ومدافع عن الوزير وقراراته.
المؤيدون للوزير اتهموا جهات معادية بتضخيم الأحداث وتصدير قصص للرأي العام دون تقديم أرقام حقيقية.
أما منتقدو الوزير فاتهموه بـ ممارسة التضييق الإعلامي وباتخاذ قرارات غير واقعية”، كالإعلان عن توقيع اتفاقية للتعاون مع (ناشيونال جيوجرافيك). ويرى هؤلاء أن فترة الإغلاق كانت كفيلة بحل مشاكل مثل اكتظاظ الفصول.
وثمة أيضا من يرجع مشكلة تكدس الفصول إلى سببين أساسيين يتعلق الأول بالزيادة السكانية التي شهدتها مصر في السنوات الأخيرة فيما يرتبط الآخر بالتأخر في بناء مدارس جديدة لمواكبة الزيادة.
من هذا المنطلق، يدعو مغردون إلى رفع ميزانية وزارة التعليم لبناء مدارس جديدة وتطوير المناهج مشيرين إلى أن أزمة التعليم العمومي أكبر من مشكلة غياب المقاعد أو اكتظاظ الأقسام.
رد الوزير
و قرار منع تصوير المدارس ليس جديدا بحسب وزير التربية والتعليم الذي أكد أنه كان موجودا في السابق لكنه غير مطبق.
وفي تصريح صحفي سابق، قال الوزير طارق شوقي إن “هناك حملات ممنهجة ضد الوزارة”، مضيفا بأن منصات التواصل أصبحت مكانا ملوثا تستخدم فيه صور وصفها بمجهولة المصدر.
ولا ينفي شوقي مشكلة تكدس الفصول، موضحا إن كثافة داخل الأقسام والنقص في أعداد المعلمين من المشاكل المتوارثة وليست حديثة.. كما أن الوزارة تتلقى كل شهر أكثر من 20 ألف طلب من الشرق والغرب، لزيادة كثافة الطلاب في المدارس القريبة من مسكن أولياء الأمور.
_______________________
المصدر: بي بي سي
زر الذهاب إلى الأعلى