ملفات
الاستثمار الإرهابي في أفريقيا!! (بقلم: علي الحاروني- مصر)
كيف حفزت هيمنة طالبان على أفغانستان الجماعات المتطرفة ومنها القاعدة على زيادة عملياتها الارهابية فى افريقيا ؟ فى سياق الاجابة على هذا التساؤل عليه يمكن القول أن الأحداث التd شهدتها أفغانستان وسيطرة طالبان على مقاليد الحكم فيها، كان لها صدى واسع لدى أفرع تنظيم القاعدة بشكل عام وفى أفريقيا بشكل خاص، ومما ينبئ بالسير على نهجها والإطاحة بأنظمة الحكم القائمة واستبدالها خاصة وأن القاعدة تعتبر أحد التنظيمات التى تؤيد حركة طالبان منذ البدايات الأولى لنشأة القاعدة فى عام 1989م، ما حدا بها الى زيادة عملياتها الارهابية فى أفريقيا فى إطار وجود شواهد لتحقيق ذلك واستثمار الفراغ الأمنى فى أفريقيا وإنتصار طالبان فى أفغانستان وذلك ما سوف نتناوله عبر محوريين رئيسين.
أولاً- عوامل وشواهد تكرار السيناريو الأفغانى على أرض أفريقيا
وفقاً للعديد من الدراسات والتقارير الاستراتيجية بأنه فى حالة إنسحاب فرنسا من غرب أفريقيا بنفس الطريقة التى انسحبت منها الولايات المتحدة من أفغانستان فإنه من المتوقع أن يتغير الميزان القوى لصالح تنظيم القاعدة فى أفريقيا والمؤيدة لحركة طالبان ليتكرر السيناريو الأفغانى من جديد ولعل هناك العديد من العوامل التى تؤيد ذلك ومن أهمها:
انخفاض معدلات التنمية ونقص الخدمات مثل التعليم والرعاية الصحية والانتشار الواسع للفقر والتى أدت الى استفادة الحركات المتطرفة فى أفريقيا من تلك الظروف وتجنيد الشباب والمتطوعين لخدمة مصالحها وهو نفس السيناريو فى أفغانستان حيث إستغلت حركة طالبان الشباب وسعت الى استقطابهم وهو ما حدث فى فى غرب أفريقيا وهيمنة تنظيم داعش عليها وهو نفس الأمر الذى إتبعته جماعة بوكو حرام فى الكاميرون ومنطقة الساحل الأفريقى، كما أدت التدخلات الخارجية فى كلاً من أفغانستان وأفريقيا الى خلق حالة من عدم الاستقرار الداخلى مما يسبب نزاعات داخلية إثنية وعرقية.
إن نموذج طالبان فى العمل المسلح سيكون ملهم للكثير من الجماعات المتطرفة فى أفريقيا وهذا ما يتضح من رد الفعل الإيجابي لقادة القاعدة فى أفريقيا تجاه هيمنة طالبان على أفغانستان ومنهم حركة الشباب (المجاهدين) الصومالية ومن المعروف أن حركة الشباب مبايعة لتنظيم القاعدة المؤيدة لحركة طالبان ، والذى حاولت الاقتداء بطالبان وشن حركة الشباب حرب طويلة الأمد على الأنظمة السياسية فى كلاًمن كينياً والصومال خاصة أن الظروف التى تعيش فيها حركة الشباب تتشابه مع حركة طالبان من حيث أنها تسيطر بالفعل على بعض المحافظات.
والتقارب الايدلوجى بين حركة طالبان فى أفغانستان وتنظيم القاعدة فى أفريقيا يحفز ويسهل للأخيرة فرصته الصعود فى أفريقيا كون طالبان ستقدم لها المعونة والظروف لصالح تمدد القاعدة فى مناطق أخرى.
حالة عدم الاستقرار الداخلى سواء بسبب العمليات الإرهابية أو بسبب النزاعات الاثنية والعرقية وغيرها ولذا كانت هناك حالة من التطابق والتشابه بين كلاً من مالى وأفغانستان من حيث سيطرة الجماعات المسلحة والمتطرفة وقيامها بوظائف الدولة الاجتماعية نتيجة لقلة الموارد.
ثانياً- استثمار القاعدة وداعش فى أفريقيا نجاح طالبان فى أفغانستان
لا شك أن الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية فى أفريقيا وسحب الولايات المتحدة لقواتها من أفغانستان وتغيير فرنسا لإستراتيجياتها في محاربة الإرهاب ومحاولة سحب قواتها من غرب أفريقيا كل ذلك خلق حالة من الفراغ الأمني والعسكري والتي مهدت الطريق للجماعات المتطرفة وبخاصة القاعدة الظهير لحركة طالبان وتمددها وسيطرتها علي مفاصل الدول الأفريقية وزيادة العمليات الإرهابية فيها، ما قد يحلق أيضاً حالة وموجه جديدة من الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا ففى شرق أفريقيا سيطرت حركة الشباب الصومالية علي قري الجنوب الصومالي، مع تركيز الجماعات الإرهابية علي أفريقيا جنوب الصحراء ومنطقتي أفريقيا والساحل الغربي من القارة.
وتمشياً مع ذلك فإن قرار الولايات المتحدة سحب قواتها من الصومال والتوجه الفرنسي نحو تقليس وجودها العسكري في مالي ودول الساحل الأخري مثل تشاد والنيجر وبوركينا فاسو وموريتانيا ما تجددت معه المخاوف من زيادة التطرف والعنف وإحتمالية تأثيره في جميع أنحاء القاره الأفريقية.