بغرض التحقيق في قضية التمويل الأجنبي، المعروفة لدى السلطات القضائية والإعلام التونسي، باسم قضية (اللوبينج)، المتهم فيها حركة النهضة الإخوانية باستخدام شركات دعاية أميركية لتحسين صورتها، فضلاً عن تلقي مويلات من جهات خارجية إبان الانتخابات البرلمانية.. عقدت سلطات التحقيق القضائي بحثاً لأحد المقرات الرئيسة للحركة وسط العاصمة، وقررت حجز بعض الأوراق والأجهزة للتحقيق.
وفتح التحقيق القضائي الذي جرى ظهر الاثنين الماضي داخل مقر النهضة، الباب واسعاً أمام مستقبل الحركة في ظل قائمة طويلة من الاتهامات تضعها في مواجهة مباشرة مع القضاء التونسي، أبرزها وفق مراقبين، قضية الاغتيالات السياسية لشكري بلعيد ومحمد البراهمي المتهم فيها الجهاز السري للحركة.
وتلاحق اتهامات أخرى الحركة الإخوانية بإفساد الحياة السياسية والاقتصادية، في الفترة التي يطلق عليها التونسيون “العشرية السوداء”، أي العشر سنوات التي تمثل حكم الإخوان بالبلاد.
ويتوقع المراقبون أن تُفضي الاتهامات الموجهة إلى حركة النهضة، إلى كشف العديد من الخبايا عن النشاط السري للحركة، يعني أنها ستواجه مصيرها أمام القضاء وفقاً لما تقره جهات التحقيق من اتهامات.
خطوة متأخرة
برغم تأكيده على أهمية الخطوة القضائية، يرى المحلل السياسي التونسي، نزار الجليدي، أنها تأخرت كثيراً، ولكنه يعزي ذلك إلى الإجراءات التي تتعلق بالقانون والجهات القضائية.
ويؤكد الجليدي في الوقت ذاته أهمية فتح كافة الملفات التي تتتعلق بفساد النهضة بناء على معلومات وتحقيقات قانونية وليست مكيدة سياسية، وإنجازها بأقرب وقت.
ويقول الجليدي في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” إن الملف القضائي سيكون أحد أهم أولويات الحكومة الجديدة برئاسية نجلاء بودن، سواء على مستوى التطهير من الخلايا الإخوانية التي تم زرعها فيه خلال سنوات حكم النهضة، أو على مستوى المحاسبات القضائية لجميع المتورطين في قضايا الفساد، أو الاتهامات المتعلقة بسياسة الحركة.
وأضاف أن هناك قائمة طويلة من الاتهامات لحركة النهضة الإخوانية سوف تفصل فيها الجهات القضائية، أبرزها تلقي التمويلات الخارجية، والعمل لصالح جهات أجنبية، لكن القضية الأخطر التي تواجه الحركة هى قضية الاغتيالات السياسية، وخاصة ما يتعلق بمقتل السياسيين، شكري بلعيد ومحمد البراهمي، تأتي في مقدمة الاتهامات الموجهة للنهضة، مشيراً إلى أن كافة أدلة الاتهام تثبت تورط الجهاز السري للحركة في هذه الوقائع.
التمويل الخارجي
بدوره، يرى الخبير القانوني التونسي حازم القصوري أنه بات من الثابت تلقي حركة النهضة الإخوانية لتمويلات خارجية إبان الانتخابات البرلمانية، مشيراً إلى أن محكمة المحاسبات ستتخذ الإجراءات اللازمة بناءً على المعلومات المتوفرة لديها، ووفق القانون يتوجب عليها شطب القوائم الانتخابية التي تلقت تمويلات خارجية.
وفي تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، أكد القصوري أن أن رئاسة الحكومة من المفترض أن تتحرك باسم القانون وتنبه على حركة النهضة بخصوص المخالفات الجسيمة التي ارتكبتهاـ وفي حالة عدم التصويب يمكن الدخول في اجراءات التجميد طبق القانون أمام المحكمة الابتدائية بتونس.
وأوضح القصوري أن فتح ملف الأحزاب و الجمعيات هو في صميم بناء ديمقراطية صلبة ترتكز على الشفافية و تطبيق المبادئ الديمقراطية ممارسة لا شعارات وهذا دور الدولة و المؤسسات في تنقية الحياة السياسية و المجتمع المدني من أي طرف ارتبط بشكل أو بآخر إلى الأجندات الخارجية.
وكانت محكمة المحاسبات، أعلى جهة قضائية رقابية في تونس، أقرت الشهر الماضي التهم التي لاحقت حركة النهضة بشأن تعاقدها مع شركة ضغط أميركية لتحسين صورتها بين عامي 2014 و2019، مقابل مبلغ يزيد على ربع مليون دولار.
وكشفت المحكمة المكلفة مراقبة حسن التصرف في المال العام، في تقرير لها صدر الثلاثاء، أن حركة النهضة أبرمت عقدا مع شركة الدعاية والضغط “Burson Cohn & Wolfe“، للقيام بحملات دعاية وضغط وكسب التأييد في الانتخابات.
وأضافت أن التعاقد بدأ عام 2014 وانتهى عام 2018 بقيمة 285 ألف دولار أميركي، وتم تجديده بعقد تكميلي ليغطي الفترة الممتدة من 16 يوليو 2019 إلى 17 ديسمبر 2019، وهي فترة الحملة الانتخابي.
ونهاية يوليو الماضي، بعد أيام من إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد الإجراءات الاستثنائية التصحيحية بالبلاد، كشف الناطق الرسمي باسم القطب القضائي الاقتصادي والمالي في تونس، محسن الدالي، فتح تحقيق بشأن 3 أحزاب، من بينها حركة النهضة، بشأن تلقيها تمويلات أجنبية أثناء الانتخابات.
وأوضح الدالي، حينها أن التحقيق سيشمل كلا من حركة النهضة وقلب تونس وعيش تونسي، وسيتولى قضاة التحقيق القيام بـ”إجراءات تحفظية” ضد المشتبه بتلقيهم تمويلات أجنبية.
وفي هذا الصدد، قال الدالي لموقع “سكاي نيوز عربية”: “السادة قضاة التحقيق سيتولون القيام بإجراءات تحفظية، ضد من يراهم القضاة مسؤولين عن تهم تتعلق بتمويلات أجنبية لحملات انتخابية، وتمويلات مجهولة المصدر”.
_________________
المصدر: سكاي نيوز عربية