شارع الصحافة/ كتب- علي الحاروني:
لقد أدرجت إسرائيل يوم الجمعة الموافق 22 أكتوبر 2021م ست منظمات فلسطينية للمجتمع المدني على قوائم الإرهاب وهي: الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال الفسطينين، والحق و(اتحاد لجان العمل الزراعي) (واتحاد لجان المرأة العربية)، و(مركز بيسان للبحوث والإنماء).
جاء ذلك تحت دعاوى أنهاء منظمات خارجة عن القانون ومحظور العمل فيها لأن هذه المنظمات مرتبطة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والتي تلقت بين عاص 2014م و2021 على أكثر من 200 مليون يورو من عدة دول أوروبية صرفتها ودعمت أنشطة الجبهة الشعبية وهذا القرار الاسرائيلى يحمل بين ثناياه نوايا خبيثة وتبعات جسيمة وخفايا فما هي ملامح ذلك؟ وكيف يمكن التعامل مع تلك القرارات لحماية المنظمات الحقوقية الفلسطينية مستقبلاً والتى تعتبر من أهم دعائم القضية الفلسطينية؟
أولاً- خفايا ومخاطر القرار الإسرائيلي:
أن من أهم الخفايا التي تقف خلف ستار إصدار إسرائيل قرار ضد المنظمات الفلسطينية التى تسلط الضوء على إنتهاكات بحق الإنسان الفلسطيني لتشويهها ونزع الشرعية عنها وتجفيف منابع تمويلها ويسمح لها بإغلاقها ومصادرة أصولها وتتمثل فى أن السلطات الإسرائيلية استندت في إصدار هذا القرار على تقارير قدمتها جمعية يهودية يمنية (ومراقب الجمعيات غير الحكومية) المعروقة بمواقفها العدائية لمنظمات العمل المدني الفلسطينية وملاحقة ما تسميه (التحريض والإرهاب).
إن إسرائيل تحاول الضغط على الإتحاد الأوروبي لقطع تمويل هذه المنظمات من خلال إتهامه بتمويل حركة المقاطعة لإسرائيل وهو ما يتوافق مع تصريحات وزير الأمن الداخلى الأسبق لإسرائيل والذى طالب الإتحاد الأوروبي بقطع التمويل عن 14 جمعية فلسطينية وإدعى أنها مرتبطة بمنظمات إرهابية مثل حماس والجبهة الشعبية وفي حينه ردت عليه (إردان) مفوضة الشؤون الخارجية في الإتحاد الأوروبي بأن هذه الاتهامات غامضة ولا تخدم سوى حملات التضليل.
ثانياً- تنديد عالمي بقرار إسرائيل تصنيف منظمات فلسطينية إرهابية:
لقد أثارت هذه الخطوة قلقا دولياً وغضب داخلي فلسطيني وبعض منظمات المجتمع المدني حتي الإسرائيلية ومنها مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان حيث اعتبرت قرار اسرائيل بتصنيف ست منظمات غير حكومية فلسطينية علي أنها منظمات إرهابية تعسفياً ويشكل هجومياً علي المدافعين عن حقوق الإنسان وأن قانون مكافحة الإرهاب لا ينبغي تطبيقة علي الأنشطة المتعلقة بحقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية المشروعة خاصة وأن اسرائيل لم تقدم أي دليلاً علي اتهاماتها.
إلى جانب ذلك اعتبرت منظمة العفو الدولية القرار الإسرائيلى بأنه اعتداء سافر علي حقوق الأنسان كما أن منظمات هيومن رايتس وتش والعفو الدولية في بيان مشترك يدين هذه الخطوة وأن هذا التصنيف يسمح للسلطات الأسرائيلية بإغلاق مكاتب هذه المنظمات ومصادره أصولها واعتقال موظفيها علي الضفة الغربية المحتلة، علاوة علي أن هذا القرار تصعيد إسرائيل بنذر بالخطر ويهدد بوقف عمل أبرز منظمات المجتمع المدني الفلسطيني.
وكعادة الولايات المتحدة الحليف الأستراتجي لإسرائيل أعلنت أنها ستسعي إلي الحصول علي مزيد من المعلومات حول هذا التصنيف رغم ادعاء إسرائيل بأنها أبلغت أمريكا بذلك القرار قبل صدوره إضافة إلي أنه يمكن القول عامة بان منظمات المجتمع المدني في فلسطين رأت أن هذا القرار هو استمرار لحملات تقودها مؤسسات الحرب الإسرائيلية ضد المؤسسات الفلسطينية التي تسلط الضوء علي إنتهاكات الأحتلال بحق الشعب الفلسطيني لتشويهها ونزع الشرعية عنها وتجفيف منابع تمويلها وأن هذا القرار مخالف للقانون الدولي والقانون الفلسطييني خصوصاً قانون الجمعيات رقم (1) لعام 2000م الذي ينظم عمل المؤسسات الفلسطينية.
ثالثاً- كيفية مواجهة إسرائيل دولياً وعربياً:
بلا شك أن القرار الإسرائيلى يخالف الحق فى حرية تجمع الأشخاص المعنيين وله تأثير واسع ورادع على المدافعين عن حقوق الإنسان والقضاء المدنى وأن الطالبة بالحقوق والدفاع عنها وتقديم المساعدة القانونية للفلسطينين ليس إرهاباً . إضافة إلى أن قانون مكافحة الإرهاب الإسرائيلى الصادر عام 2016م والذى يمنح وزارة الدفاع صلاحية إصدار تصنيفات إرهابية (معيب).
ويرجع ذلك جزئياً إلى أن المتهمين لا يمكنهم الوصول إلى المعلومات الموجودة ضدهم حيث أن المنظمات الفلسطينية لا تستطيع رؤية الأدلة المزعومة إذ أنه بإمكان إسرائيل حجبها لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
– إضافة إلى أن هذا النوع من التصنفيات يعيق حركة منظمات المجتمع المدنى فى جميع أنحاء الأراضى الفسطينية المحتلة على نطاق واسع ولديها القدرة على تعويض عملهم الإنساني والتنموى وحقوق الأنسان بشكل خطير وبصفة عامه يمكن القول بأن سكوت المجتمع الدولي عن الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطنيين شجع السلطات الأسرائيلية علي إطلاق الاتهامات علي أشدها وبخاصة ضد منظمات المجتمع المدني الفلسطيني للتنكير بها ووقف أعمالها ونشاطاتها التي تكشف عدوانية إسرائيل وإرهابها في الأراضي المحتلة.
والدليل علي ذلك هو قيام إسرائيل بإعتقال مجموعة من موظفي لجان العمل الصحي بعد اقتحام مقرهم وإغلاق مقر لجان العمل الزراعي بأمر عسكري واقتحام مقر الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال.
لقد آن الأوان لانتفاضة دولية وعربية ضد جرائم الحرب الإسرائلية وانتهاكاتها لحقوق الأنسان الفلسطيني لا سيما وأن تلك الجرائم والأنتهاكات موثقة وتضع إسرائيل تحت مقصلة جرائم الحرب والإرهاب ومحاكمتها أمام المحاكم الجنائية الدولية ومن هنا فإن البيانات الشكلية الدولية ضد القرار الإسرائيلي غير كافية ولا ترتقي إلي مستوي إرهاب الإحتلال ضد منظمات المجتمع المدني الفلسطيني، وعلي المجتمع الدولي الانتقال من مرحلة البيانات الصورية الي الخطوات الجادة الملزمة القادرة علي كبح جماح الاحتلال عملياً وواقعيا وفقاً لمقررات الشرعية الدولية.
زر الذهاب إلى الأعلى