في المقال السابق قدمنا ما يراه الدكتور حسام بدراوي من تحديات تقف عائقا أمام تطويرالتعليم المصري ولخصها في تسعة تحديات وبين أسبابها ونتائجها.. وفي هذا المقال نبين تحديات التطبيق من وجهة نظر الدكتور بدراوي فيذكر: تحدي عدم ملاءمة الموازنات المخصصة للتعليم لاحتياجات التطوير الشامل (وكان ذلك قبل صدور الدستور الجديد بعد ثورة 30 يونيو).
وذكر أن الإنفاق على التعليم كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي أخذت في التقلص والنقصان تدريجيا بداية من عام 2004 (4/8٪) حتى 2008(3/2٪) وهي على التوالي (4/8٪) ثم (4/2٪) ثم (4/1٪) ثم (3/5٪) ثم(3/2٪) وقال إن الجزء الأعظم من هذا الإنفاق يمول الأجور فقط فقد مثلت الأجور مايربو على (83٪) من إجمالي الإنفاق على التعليم قبل الجامعي في مصر خلال العام المالي (2006/ 2007).
ويحدد الدكتور بدراوي سبع ملاحظات رئيسة في إطار التطبيقات العملية لتمويل التعليم في مصر وهي بإيجاز، أولا: انخفاض الموازنة بنسبة من الدخل العام بالرغم من زيادتها الرقمية عاما بعد آخر ويرجع بدراوي سبب ذلك إلى نقص في تمويل الدولة وإلى عدم الاعتماد الحقيقي على مصادر أخرى او الشراكات التي تدعم التمويل ويلفت بدراوي نظرنا بذكاء وطرافة إذ قال لايسعني هنا إلا مراجعة حكمة الرئيس نهرو عندما قال للشعب الهندي عام 1957 إن الهند بلد فقير جدا لدرجة اننا يجب أن ننفق على التعليم بسخاء.
ثانيا: ضعف مشاركة القطاع الخاص والمجتمع حيث لايزال دور التعليم الخاص في منظومة التعليم في مصر محدودا، ويزيد على ذلك ضيق الأفق في النظرة المجتمعية لنمط واحد من أنماط الإنفاق في التعليم يجعل مجرد المناقشة حول أساليب مبتكرة او مختلفة وكأنه إدانة نهائية بالخيانة لمكاسب الشعب في التعليم المجاني بغض النظر يحقق هذا التعليم أهدافه أم لا.
ثالثا: عدم ارتباط الموازنة بالأداء فالموازنة الحالية موازنة بنود لا موازنة أداء التي هي الأصوب من وجهة نظر بدراوي مبررا ذلك بأن موازنات الأداء تيسر التخطيط السليم للتعليم ويهيئ المناخ للمتابعة والتقويم والمحاسبة.
رابعا: ضعف التمويل من الأنشطة الأكاديمية والمجتمعية (بمعنى ضعف الإنتاج الجامعي والتعليم الفني). خامسا: عدم تحقيق الاستفادة القصوى من منح ومساعدات التعليم حيث إن هذه المساعدات وهي مليارات من الجنيهات لاتتناول الأولويات في التعليم ولكنها تتماثل في أغراضها وهذا دور الحكومة التي يجب عليها ان تحدد للجهات المانحة أولوياتها وطرق إدارة إنفاقها ليكون ذلك صورة واضحة للتنمية والتطوير.
وبهذا يضع الدكتور بدراوي يده على أمر شديد الأهمية بالنسبة للمنح والتمويلات الدولية حيث يبين لنا انها ربما على كثرتها ولكنها تهدر في مسالك و دروب قليلة الأهمية في تطوير التعليم إما لأنها منح وتمويلات مشروطة من الجهات الممولة والمانحة والتي تحدد وتفرض المجال الذي توجه إليه المنح او التمويل وإما تقاعس من جانب الحكومة التي لاتتفاوض بشأن امتلاك إرادة تحديد مجال إنفاق هذه المنح بما يتفق مع رؤيتها ودرايتها بمصالح التعليم المصري فقد تتعاظم المنح والتمويل الدولي لقطاع ما مهما أنفق عليه فلن يؤتى ثماره المرجوة مقارنة بما إن أنفق في قطاع آخر وأهل مكة ادري بشعابها.
سادسا: انخفاض كفاءة استغلال الموارد المالية، وهي ملاحظة قريبة من الملاحظة السابقة ويفسر بدراوي سبب انخفاض كفاءة استغلال الموارد المالية وإن مرجع ذلك هو وجود عديد من أشكال التماثيل بين أنماط التعليم والتخصصات في عديد من القطاعات بما يقلل من التنوع في المنتج التعليمي والاستفادة من الموارد والمساهمات.
كما يشير بدراوي إلى سوء نظام الترقي الحالي وتسببه في هدر مالي كبير حيث يتوجه الكثير من الكفاءات التعليمية والبحثية إلى المناصب الإدارية بما يقلل من الاستفادة النوعية من الاستثمار البشري كما يلاحظ بدراوي ان هناك انحيازا في التمويل للحضر على حساب الريف.
سابعا: الانخفاض النسبي للطلبة الوافدين وعدم وجود مؤسسات تعليمية نشطة خارج مصر بمايضعف من تواصل مصر التعليمي مع دول العالم في وقت يمكن لهذه الموسسات ان تكون واجهة وقناة لقدوم العديد من الدارسين إلى مصر بما يحمله ذلك من قيمة اقتصادية مضافة.
زر الذهاب إلى الأعلى