أدب وثقافة

كتاب فن التعامل مع الأزمات (عرض: يسرا مسعود)

يشهد العالم اليوم أزمات عدة، وتختلف الأزمات وتتنوع كالكوارث الطبيعية أو أزمات يصنعها العنصر البشرى، ويجب التأكيد على إنه إذا كان لديك أزمة فلا تتركها تستشرى وتتفاقم، بل عليك التعامل معها وتأكد إنه لا يوجد مستحيل والمثال على ذلك مخترع المصباح الكهربائى “أديسون”، الذى كان له 999 تجربة فاشلة وتجربة واحدة ناجحة.

إن معرفة المشكلة تعد 50% من الحل وهناك ما يُسمى الإدارة بالأزمة وهى فن صناعة الأزمات من خلال الإشاعات، والمثال على ذلك الحرب العالمية الثانية والتى قامت بسبب إشاعات أطلقتها ألمانيا بأن بولندا تريد أن تحاربها.

وللأزمة، دورة حياة، فالمرحلة الأولى هى النشأة، وهى المرحلة التى يستطيع فيها المسئول الأزماتى أن يتأكد من أن هناك أزمة بدأت تظهر فى الأفق. والمرحلة الثانية هى مرحلة النمو وتتعلق بإنه إذا لم يستطيع المسئول الأزماتى تجميد الأزمة، فليس أمامه إلا الاعتراف بوجود أزمة ويجب عليه التدخل.

تأتى بعد ذلك المرحلة الثالثة، وهى مرحلة النضج أو تفاقم الأزمة، وهنا يبحث المسئول الأزماتى عن مسببات الأزمة والتى غالباً ما تكون هى: العنصر البشرى، حيث عدم اختيار الشخص المناسب فى المكان المناسب أو الإدارة العشوائية أو التخطيط العشوائى أو عدم وجود هيكل تنظيمى يحدد وظيفة كل مسئول أو سوء استخدام الموارد المتاحة سواء كانت بشرية، ومادية، واقتصادية، ومعنوية.

وأخيراً وليس آخراً وهى مرحلة الإنحسار أو نهاية الأزمة، وتتعدد أنواع الأزمات ما بين أزمات ذات طابع مادى وهى المرتبطة بالأزمات الاقتصادية، كما هو الحال فى مصر وكثير من دول العالم، حتى الولايات المتحدة الأمريكية تتعرض لنسبة ديون عالية، أو أزمات ذات طابع سلوكى مثل أزمة إحباط وانخفاض الروح المعنوية، وأزمات ذات طابع خارج عن الإرادة مثل الأزمات الطبيعية التى لا دخل للإنسان فيها، وهناك أيضاً أزمات ذات طابع خارجى وهى الأزمات التى تكون إما الخلاف على حدود بين دولة ودولة وصراع تنافسى مثل الصراع العربى-الإسرائيلى أو صراع عالمى كما يحدث حالياَ من صراعات بين الدول.

وهناك عدة استراتيجيات لمواجهة الأزمة: وهى إما طرق تقليدية أو طرق حديثة، ومن بين الطرق التقليدية هى إنكار الأزمة من خلال التعتيم الإعلامى بوجود أزمة وعدم الاعتراف بوجودها على أرض الواقع أو إخمادها. أما عن الطرق الحديثة لاستراتيجيات الأزمة وهى من أنجح الطرق فى حل الأزمات حالياً، وأولى الدول فى تطبيق هذه الاستراتيجية هى اليابان وهى تتمثل فى وجود “فرق عمل”، وهم نوعان: فريق عمل مؤقت لعلاج أزمة طارئة أو فريق عمل دائم لأزمة قد تستمر لوقت ما، ويشمل فريق العمل ممثلين لعدد من الخبرات فى كافة التخصصات وهم كالآتى: رئيس إدارة الأزمات، ومتخصص فى التنمية البشرية، ومتخصص فى إدارة الأزمات، ومتخصص فى الشئون المالية، ومتخصص فى الشئون الأمنية، ومتخصص فى العلاقات العامة، ومتخصص فى الشئون الاقتصادية، ومتخصص فى الشئون التخطيطية، ومتخصص فى التطوير التنظيمى والاستعانة بمستشار خارجى إذا لزم الأمر.

وتأتى اليابان كأبرز دول العالم المتقدمة التى استطاعت النجاح والتغلب على أصعب أنواع الكوارث وهى الزلازل والسيول، فقد أقامت دولة اليابان “أنفاق ذكية” لتصريف السيول تحت الأرض والإستفادة منها، بل عملت أيضاً على إلغاء “المذيع التقليدى” الذى يقرأ نشرة الأخبار واستبداله بإنسان آلى، وأيضاً بعد الزلزال الذى أصابهم عام 1976، ما كان عليهم إلا أن خصصوا أسبوع من كل عام لسكان اليابان للتدريب على مخاطر الزلزال، مثال على ذلك وجود وتوفير أجهزة الإنذار، حيث تطلق صفارات إنذار بشكل لا يتوقف لمعرفة المواطنين بحدوث أزمة، ويقوم مركز إدارة الأزمات باليابان بعمل الآتى:

إنشاء منافذ للطوارىْ يختبىْ فيها السكان وقت الأزمة وتخزين الأهالى للمواد الغذائية والمياه على أن تستخدم وقت الأزمة وتدريب الأهالى على عدم الوقوف فى الشرفات والوجود فى الأماكن العامة، وتلتزم كل أسرة بوضع منضدة فى كل شقة، بحيث إذا وقع الزلزال يخرج الأهالى إلى منافذ الطوارىْ، أما المصاب منهم أو ذوى الاحتياجات الخاصة عليه أن ينام تحت المنضدة وقت الأزمة، ثم تخصيص خط ساخن مع كافة إدارات الدولة من شرطة وجيش ودفاع مدنى للتعامل مع المصابين فوراً.

وأخيراً، التدخل السريع من قبل المتخصص على أعلى مستوى فى الأداء، وتجدر الإشارة أن الكلاب يمكن أن تساعد على التنبؤ بالزلازل، حيث تنبح بشكل هستيرى قبل وقوع الزلزال. وفى الختام، يجب أن نستفيد من تجربة اليابان وتجارب الدول المتقدمة لإدارة الأزمات، سواء كانت أزمات طبيعية  أو الأزمات الاقتصادية كما هو الحال الآن .

__________________________

كتاب: فن التعامل مع الأزمات

المؤلف: عصام عبد الجواد محمد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى