ملفات

عادات العقل المنتجة (إعداد: شيماء قنديل- مصر)

عادات العقل المنتجة ….. Productive Habits of Mind

يعد إعمال العقل من أهم أولويات التعليم، والاهتمام بتغيير العقول هو الاستثمار الأمثل في الأفراد، فيجب ألا يقتصر التعليم علي الحفظ والتلقين، ولكن يجب أن يتعلّم الفرد ويطبّق ما تعلّمه، وأن يمتد أثر التعلّم ليرافق الفرد عبر مراحل حياته المختلفة، وأن يكون قادراً على مواجهة وحل المشكلات، وإتخاذ القرارات الصائبة.

وفي ظل الاهتمام بتنمية التفكير ومهارته، وخاصة ً مهارات التفكير الناقد، والتفكير الإبداعي، وحل المشكلات، وتطبيقات نواتج أبحاث الدماغ، ظهر اتجاه جديد في الفكر التربوي الحديث يدعو إلى التركيز على تحقيق عدد من النواتج التعليمية، والتي تركز علي ضرورة تنمية عدد من الاستراتيجيات التفكيرية أصبحت فيما بعد تُعرف باتجاهات العادات العقلية أو نظرية العادات العقلية (الحارثي،2002).

العادة بشكل عام هي في الغالب نمط معين من السلوك يتم تعلمه ويُكتسب عن طريق التكرار، ويصبح له قوة دفع توجه الفرد ، وتُطبع صفاته ، ويُعرف بها، فتصبح العادة خصلة ثابتة للعقل أو الشخصية (Oxford Dictionary, 2005).

نحن نستخدم العادة عادةً لتحقيق الراحة والروتين والسهولة، وبالمثل فإن عادات العقل مهارة يمكن التدرب على أدائها وممارستها إلى أن تصل إلى مرحلة العاد، فهي عبارة عن عملية تطورية ذات تتابع يؤمل في النهاية أن تقود إلى إنتاج الأفكار وحل المشكلات، حيث تٌشبه عادات العقل بالحبل الذي تُنسج خيوطه في كل يوم حتى يصبح سميكاً ، ويصعب قطعه.

كما تتضمن عادات العقل ميول واتجاهات وقيم، وبالتالي فهي تقود الفرد إلى أنماطٍ من تفضيلات مختلفة . كما تُعرف عادات العقل بأنها عبارة عن تفكير منظم ومرتب، يتضمن آليات واستراتيجيات مربوطة بهدف تم التخطيط لتحقيقه بوعي ، وأن هذه العادة تقود الذكاء باتجاه معين واستخدام إمكاناته وقدراته وموجوداته وبرمجياته للوصول إلى هدف.

ويرى الكثير من التربويين أن تغيير النظرة إلى الذكاء التي كان يعتقد إنها نتاج عامل كلي محدد وراثياً وغير قابل للزيادة، إلى النظر إليه على أنه شيء قابل للزيادة والنمو والتطور، يعد أيضاً من أهم العوامل التي أدت إلى تطوير ما يعرف بالعادات العقلية.

وتدعو العادات العقلية إلى الالتزام بتنمية عدد من الاستراتيجيات الذهنية ؛ والعادة- كما هو معروف- شيء ثابت متكرر يعتمد عليه الفرد؛ حيث أن العادات العقلية تستند إلى وجود أسس تربوية ينبغي التركيز على تنميتها وتحويلها إلى سلوك متكرر ، ومنهج ثابت في حياة المتعلم.

تسمح عادات العقل للطالب بمرونة البحث عن الإجابة عندما لا يتمكن من معرفتها، خلافاً لما تنادي به النظم التقليدية التي تركز على المعرفة ، وسرد المعلومات فقط ؛ لذا فقد بدأ اهتمام الاتجاه المعرفي بالبحث عن استراتيجيات تعليمية- تعلمية تشجع على ممارسة مهارات التفكير من خلال إعداد البرامج التربوية التي تستند إلى إطار نظري تجريبي قوي؛ إذ أنّ هذه البرامج من المؤمل أن تؤدي إلى تشكيل مجموعة من العمليات الذهنية بدءاً بالعمليات الذهنية البسيطة وصولاً إلى العمليات الذهنية الراقية والمعقدة، ما يمكن الفرد من تطوير نتاجه الفكري، واكسابه عادة عقلية يستخدمها في شتى مناحي حياته العملية والأكاديمية.

ما هي عادات العقل المنتجة ؟

التفكير الناقد: هذه العادة تشمل القدرة علي البحث ، والوضوح ، والانفتاح والمقاومة، والموقع والحساسية للآخرين.

العصف الذهني : وهو عصر الأفكار لنقدها واختيار الأفضل منها.

العمل التعاوني : في العادة نتائج التعاون هي ضعف العمل الفردي، وهي دقيقة، مفيدة لمهارات التعلم والقدرة على النقاش.

المثابرة:  المميزون يلتزمون بواجباتهم ومسؤولياتهم حتى ينتهوا ولا يستسلمون فحسب ، بل يبذلون قصارى جهدهم. ويواصلون عملهم و يتغلبون علي العقبات.

التحكم بالتهور: الناس في هذه العادة بطيئون في إتخاذ القرارات ، ويفكرون قبل أن يفعلوا شيئاً.

الإصغاء: هؤلاء الناس يقضون الكثير من الوقت في الاستماع إلي وجهات نظر الآخرين، فهمهم، احترام وجهات نظر الآخرين. .

التساؤل وطرح المشكلات : الشخص الناجح هو القادر على إيجاد وحل مشكلة علمية ، أو طرح الأسئلة. والبحث عن إجابات.

جمع البيانات باستخدام الحواس: عندما يكون لدى الإنسان هذه العادة، فإنه يستخدم كل حواسه للحصول علي المعرفة.

إن تأثيرات عادات العقل ليست فورية، وإنما تأخذ وقتاً طويلاً وتنمو بالمران ، والممارسة والتدريب والاستمرار لتغدو في النهاية المطاف تلقائية وعفوية.. وهذا ما أشار إليه الخبير التربوي هرثمان بقوله عادات العقل تشبه الحبل الذي تنسج خيوطه كل يوم حتي يصبح سميكاً ويصعب قطعه.

الافتراضات التي تقوم عليها عادات العقل:

هناك مجموعة من الافتراضات تشكل الأساس النظري للتدريب على عادات العقل؛ للوصول بالعقل إلى فاعلية عالية، وجعله يمتلك عادات ذهنية متقدمة تصل به إلى أقصى أداء، وهي :

العقل آلة التفكير يمكن تشغيلها بكفاءة عالية.

جميعنا نمتلك العقل، ونستطيع إدارته كما نريد.

لدينا القدرة الكافية للتوجيه الذاتي للعقل ، وتقييمه ذاتياً ، وإدارته ، وتعديله.

يمكن تعليم عادات العقل للوصول إلى نتاجات تشغيل الذهن وإدارته.

يمكن تحديد مجموعة من العادات والمهارات للوصول إلى أعلى كفاءة في الأداء في كل عادة.

نستطيع أن نضيف أية عادة جديدة بتعاملنا مع العقل، ونستطيع أن نمده بالطاقة الذهنية لنتوقع أداء أعلى.

يمكن تنظيم بعض المواقف التعليمية لتحقيق امتلاك العادة الذهنية ضمن مادة دراسية محددة.

يجب التأمل في استخدام عادات العقل وسلوكياتها المختلفة لمعرفة مدى تأثيرها، ومحاولة تعديلها للتقدم بها نحو تطبيقات مستقبلية.

ترتكز عادات العقل علي النظرة التكاملية للمعرفة، والقدرة على انتقال أثر التعلم، فهي قابلة للانتقال من مادة إلى أخرى، ومن سياق إلى آخر.

يمكن الارتقاء بالعمليات والمهارات الذهنية من العادات والمهارات البسيطة إلى العادات الأكثر تعقيداً حتى الوصول إلى مهارة إدارة التعلم.

عادات العقل تُمثّل أساليب مختلفة في التفكير والسلوك في التعامل مع المشكلات الحياتية.

يتصف الأفراد ذوو عادات العقل المرتفعة بكونهم يتمتعون بقوة الشخصية ، وثبات في اتخاذ القرارات وحل المشكلات ، والقدرة على التواصل والمناقشة مع الآخرين لحل مشكلة محددة ؛ حيث أنه لديهم حساسية تجاه المشكلات ، وقدرة عالية على التخيل تميل إلى الجدة والأصالة عند حل المشكلات ، فالانفتاح العقلي يوسع مدارك العقل في اتخاذ القرارات المؤثرة ، كما يتصفون بقدرتهم على التواصل مع الآخرين ومساعدتهم، والمرونة في التفكير، وموازنتهم بين جميع الأفكار، وتمييزهم بين الحلول المختلفة لاختيار أفضلها، والقدرة على النقد البناء للأفكار والآراء؛ للتعرف على مكامن القوة والضعف رغبة في تقييمها، كما يتصفون بالقدرة على حل المشكلات بطرق إبداعية.

ومع تحديات عصر العولمة أصبحت عادات العقل ضرورة تربوية ملحة ، وصار علي التربويين لزاماً إيلائها أهمية كبيرة ، ولا سيما في المناهج التعليمية .

المراجع:

الحارثي، إبراهيم (2002)،العادات العقلية وتنميتها لدى التلاميذ. الرياض: مكتبة الشقري.

Oxford Dictionary. (2005). Word Power, oxford University

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى