أدب وثقافة
مناسبة الاحتفال بيوم اللغة العربية.. رسالة إلى أبي تمام (بقلم: الشاعر حسن منصور)
مِـنْ فــؤادي مَـضى إلـيــكَ نِـداءُ || هـــــوَ مـــنّي تـحِــــيَّـــةٌ وَدُعــاءُ
يـا أبا تَمّــامّ (الحَــبـيـبَ) ســـلامٌ || لــكَ مـنّي، وَلا طَــــواكَ فـــــنـاءُ!
لسْتُ أدْري أأنْتَ تسْمَعُ صَـوْتي || أمْ سَيُقصيكَ عنْ سَماعي الجَـفـاء
أنتَ باقٍ بِـذِكْــرِكَ الحَـيِّ فــيــنـا || نِعْــمَ ذِكْـراكَ بَلْ ونِعْــــمَ البَـقـــاء
يا إمـامَ المُـجَــدّديـنَ الـقـــوافــي || أنتَ مَـنْ سـارَ خَــلْـفَـهُ الحُـكَـمـاء
لسْـتَ في حـاجَـةِ الثَّـنـاءِ ولكــنْ || عـنـدَ ذِكْــراكَ يَسْتـفـيــقُ الـثّــنـاء
أنتَ مَنْ وَلَّـدَ المَعـاني شُـمـوسـاً || شَعَّ مِـنْها السَّنا وَعَـــمَّ الضِّـيــــاء
ما تَنـكَّـرْتَ لـلأصالَــةِ يَــوْمــــاً || بلْ أطـاعَـــتْـكَ أحْـــرُفٌ غَــــرّاء
دَوْحَةُ الشّعْرِ أيْنَعَتْ في حِماكُـمْ || وهْـيَ جَـزْلٌ بِنـاؤُهـــا فَــرْعـــاء
قيلَ لي أنَّ حُـزْنَـكَ الـيَوْمَ طــاغٍ || إذْ تَـناهَـــتْ لِسَمْـعِــكَ الأنْـبــــاء
عَــنْ كـلامٍ مُـلَـفَّـــقٍ وَهَـجــيــنٍ || زَعَـمــوا أنّـهُ الـقـريضُ السَّــواء
لمْ تُطِـقْهُ وَلمْ تُطِـقْ مَنْ فَــــرَوْهُ || وَادَّعَـــوْا أنّهُـــمْ هُــــمُ الشّعــراء
ولهُمْ في كُلِّ المَـواسِمِ عُـــرْسٌ || ولـهُــــمْ مِــزْمـــارٌ بِـــهِ وَغِـــنـاء
وَنَراهُمْ تَكاثَروا في الـنّـوادي || وَعَـلــيْـهِــمْ قـد أقـبَـلَ الغَـــوْغــاء
يَزعُمونَ التّجديدَ شَكلاً وَمَعْنى || كَـــذَبـوا في ادّعــائِهِــمْ وَأَسـاءوا
نَحَّوِا النَّحْوَ جانِباً، صَرَفوا الصَّــــرْفَ فَـضَلّـوا وَشاعَـتِ الأخْـطـاء
نَفَوُا الوَزْنَ، والتفاعــيلُ غـابَتْ || في نُـثــارٍ هُـوَ الغُــــثاءُ الغُـــثاء
وَاخْتَفى العقْلُ بِاخْتِفاءِ المَعـاني || فَـالمَـضامــينُ مُـنْـكَــرٌ وَهُـــــذاء
لُغَةُ الضّادِ أصْبَحَتْ في اغْتِرابٍ|| في حِــماهـا إذْ عَــقَّـــها الأبْـنـاء
**************
إنَّني جِـئْـتُ شاكِـياً مــا أَسـاءوا || فَهُــمُ الخــاطِــئـونَ وَالغُـــرَمــاء
وَأنـا في حَـقــيـقَــةِ الأَمْـــرِ آتٍ || مِــنْ زَمــانٍ يَعُــمُّ فــيه الـــبَلاء
مِـنْ زَمــانٍ تَغَــرَّبَ الحُــرُّ فيه || إنَّـنـــا في بُـيــوتِـــنـا غُـــرَبــاء
مِـنْ زَمانٍ فـيه الهًـوِيَّةُ غـامَــتْ || وَتَلاشَـتْ نُجــومُهـا الــزَّهْـــراء
عَرَبٌ نَحْنُ أمْ خَـليـطُ شُـعــوبٍ || ليسَ فــيهـا أصـــالَـةٌ وَانْـتِــمــاء
نَقْـتَـدي بِالغُـــزاةِ في كُلِّ شَيْءٍ || مُـتَــنــاســيـنَ أَنَّـهُـــــمْ أَعْـــــداء
في زَمـانٍ تَسـودُ فــيه الـدَّنـايـا || وَالـبَغــايـا وَالــدّونُ وَالـلُّـقَــطـاء
كلُّ شَيءٍ مُـهَــجَّــنٌ وَبِـوَجْـــهٍ || فـيهِ تَبْـدو المَــلامِــحُ الشَّــوْهـــاء
فَهَلِ الشِّعْرُ وَحْدَهُ سَوْفَ يَبْــقى || سـالِــمــاً لا تَـطــــالُـــهُ الأَرْزاء؟!
أصْبَحَ الشّعْرُ صَنْعًة أَخْـجَـلَتْـنا || عِـنْدَمــا ساسَ أمْــرَها السُّـفَـهــاء
وَالقَــوافـي تَسـيرُ دونَ اتِّــزانٍ || مُـنْـذُ أَنْ قــادَ رَكْـبَهـا الأَدْعِــيــاء
رُغْمَ هذا فَـنَحْنُ لَسْنا ضِعــافــاً || نَحْــنُ جُـنْـدُ المَعـارِكِ الأوْفِــيـاء
نَتَحَدّى كُلَّ الصَّعـالـيـكِ جَهْــراً || بِـبَــيــــانٍ لَـــهُ سَـــنىً وَسَـــنـاء
وَلَنا في (الكِتابِ) خَــيْرُ مَــلاذٍ || وَحَـديثُ (الحَبيـبِ) فيهِ اقْــتِداء
وَبِنورِ الحَقِّ المُـبينِ سَنَـمْـضي || لا نُــبـالي مـا تَـفْـعَـلُ الـدَّهْــمـاء
كُلُّ صَقْرٍ يَرْتادُ أعْلى الأَعـالي || ثُــمَّ تُــؤْويـهِ الـقِــمَّــــةُ الشَّــمّـاء
مِنْ عُلُوٍّ يَرى الدُّروبَ جَمـيعــاً || ثُـمَّ يَخْــتـارُ مــا يَـرى وَيَـشـــاء
وَصُقورُ الرِّجـالِ أحْرى بِـهـذا || هُـمْ غَــيارى عَلى الحِمى أُمَــناء
************************************************