الجنس الناعم

زواج الأطفال والقاصرات.. خطر يهدد المجتمع العربي !! 

شارع الصحافة/ كتب- علي الحاروني: 

إن ظاهرة زواج الأطفال والقاصرات في سن مبكرة، من أهم المشاكل العالمية التي تؤرق العالم، وتهدد استقراره الاجتماعي؛ إذ وصل عدد الزيجات القاصرات 700 مليون امرأة، تزوجن في مرحلة الطفولة، حيث أن هناك سنوياً 15 مليون فتاة تتزوج قبل بلوغ سن الثامنة عشرة.. وفي كل دقيقة تتزوج 28 فتاة قاصرة أي بمعدل زواج فتاة قاصرة كل ثانيتين. وتحتل النيجر المرتبة الأولى في معدل زواج الأطفال، ويليها الهند التي يوجد بها العدد الأكبر من هذه النوعية من الزيجات، ثم بنجلاديش ونيجيريا وإثيوبيا والبرازيل.

 

وقد أكدت منظمة اليونسيف أنه بحلول عام 2030م وبسبب جائحة كورونا سيكون هناك عشرة ملايين حالة زواج إضافية، ليصل عدد زواج القاصرات إلى 100 مليون حالة زواج أطفال وقاصرات وذلك لإغلاق المدارس والضغوط الاقتصادية والإجتماعية وتعطيل الخدمات ووفاة الآباء والتي تزيد من خطر الزواج المبكر.

 وعادة ما تكون آثار الزواج المبكر للأطفال والقاصرات خطيرة علي المجتمع صحياً وإجتماعياً وثقافياً واقتصادياً… حيث يتم تدمير الصحة النفسية والجسدية للفتيات وحرمانهن من التعليم أو فرص العمل وإمكانية الحصول علي الرعاية الصحية المناسبة، مع تعرض الفتيات الي العنف الأسري والتهيمش الاجتماعي وغياب عدم المساواة والعدالة الإجتماعية.. ولعل هذا ما حدا مصر مؤخراً إلى إصدار تشريع خاص يحرم بموجبة الزواج المبكر للأطفال والقاصرات ويحاول منعه مبكراً وملاحقة مرتكبيه.

 

ونظراً لانتشار الزواج المبكر للقاصرات في العالم، فإنه من الضروري استطلاع تداعياته وأسبابة، وسبل مواجهتة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وقانونياً وثقافياً، وذلك كله عبر ثلاثة مباحث رئيسة.

أولاً- تداعيات ونتائج سلبية للتزويج المبكر للقاصرات:

إن من أهم التداعيات السلبية للزواج المبكر للقاصرات هو حرمانها من أهم حقوقها قبل بلوغ سن الرشد، وهو الحق في التعليم من خلال تركها للتعليم بسبب زواجها، مع تعرضها لمضاعفات أثناء فترة الحمل وأثناء الولادة، مع عدم القدرة على تحمل مسئوليات الزواج وعدم التفاهم بين الزوجين  وتكون النهاية هي الطلاق.

وللزواج المبكر تأثير علي الصحة النفسية للفتاة لحرمانها من طفولتها، وتعرضها للتهيمش، واغتيال حريتها في ممارسته مرحلتي الطفولة والمراهقة.

كما أن تربية الأطفال ستكون صعبة للغاية علي المتزوجين زواجاً مبكراً، وذلك بسبب محدودية معرفتهم بكيفية رعاية الأطفال، إضافة إلى غياب التوجيه من قبل الوالدين.

هذا علاوة علي التداعيات السلبية علي المستوى النفسي للزواج المبكر حيث يرتبط الزواج المبكر بالصحة العقلية بشكل وطيد وخصوصاً عن الفتيات حيث أن الفتيات اللواتي يتزوجن بعمر صغير يعانين من نقص أو انعدام الراحة النفسية بسبب عديد العوامل التي تترتب على الزواج، المبكر كالعنف الاسري والمسؤوليات الكبيرة والحمل والإنجاب بعمر صغير يجعل الفتيات القاصرات يعانين من نقص أكبر فى الرفاهية النفسية.

ويحرم الزواج المبكر الفتيات الفقيرات من جميع فرصهن التعليمية والمهنية ويؤدى الى ابقاء حالتهم المادية كما هي، وبالتالي استمرار الفقر لأنهن يخرجن من سوق العمل والقوى العاملة فى المجتمع.

 

وتعاني الفتيات القاصرات من معدلات عالية من سوء التغذية بسبب العنف الأسرى أو الفقر أو الحمل المبكر والمتكرر، كما يعاني الأطفال المولودون من زواج مبكر من سوء التغذية.

وتُحرَم الفتيات اللواتي تزوجن في سن مبكرة من أي نوع من السلطة في اتخاذ القرارات في منازلهن أو مجتمعاتهن المحلية، ما يقلل مشاركتهن في المجتمع، ويعرز عدم المساواه في هذا المجتمع وغياب العدالة الاجتماعية.

ثانياً- دوافع وأسباب الزواج المبكر:

هناك عديد من الأسباب التى تؤدي إلى انتشار زواج القاصرات  في العالم  من أهمها الفقر وضعف الأوضاع الاقتصادية، وكلها عوامل تدفع الأهل إلى تزويج بناتهم القاصرات للحد من النفقات.

 

كما أن الاستقرار الأمني من بين الحوافز للزواج المبكر للقاصرات خاصة فى المناطق التي تنتشر فيها حالات الاعتداء والعنف الجسدي، علاوة على تناقل العادات والتقاليد التى يصعب التخلى عنها والطبيعة الاجتماعية الناتجة عن مكانة الذكور الأعلى في المجتمع مقارنة بالإناث، والتي تجعل من الإناث الحلقة الأضعف فلا يترك لهن خياراً إلا قبول الزواج.

 

 هذا الى جانب غياب القوانين الرادعة لمنع الزواج المبكر ومن الأمثلة على ذلك فى عام 2009م حيث وافق البرلمان الأفغاني على القانون الذي سمح لبعض الملل الدينية والمجتمعات المحلية بفرض النموذج الخاص بها من قانون الأسرة متضمناً السماح بزواج الأطفال.. إلى جانب الضغوط الاجتماعية التى تدفع العائلات الى تزويج بناتها في سن مبكرة وبحجة أن ذلك يحميهن من الاستغلال الجنسى او الاغتصاب، مع زيادة الزواج المبكر  أيضاً في أوقات الأزمات والكوارث وزيادة أعداد اللاجئين ما تدفعهم إلى ذلك.

ثالثاً- كيف يمكن الحد من زواج القاصرات؟!

هناك برامج واقعية وحلول علمية لمواجهة زواج القاصرات؛ ومنها تعليم وتثقيف الاناث وتوعيتهن عن طريق الأسرة والمدارس والجامعات والمؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدنى والاعلام وذلك لبيان خطورة الزواج المبكر للأطفال، مع إصدار القوانين الرادعة لمنع زواج القاصرات وتوعية المجتمع وتحفيزه على أخذ الإجراءات اللازمة لحفظ حقوقهن والعمل على وضع الحد الأدنى للسن القانوني للزواج.

كما أنه لابد من توفير العمل للفتيات والتى تحقق المستوى الاقتصادى المناسب للأسر وذلك لاعتبار الفقر والحالة الاقتصادية من أهم أسباب الزواج المبكر ما يحد بدرجة كبيرة من هذا النوع من الزواج.

ويجب تعليم البنات وتقديم الفرص المميزة والمنح الدراسية لتشجيع الفتيات على الالتحاق بالمدارس وتحسين المناهج بحيث تكون مرتبطة بحياتهن العملية إضافة الى ذلك لابد من تقديم المساعدة  لمن يعاني من آثار الزواج المبكر أو القسري عن طريق المساعدة القانونية من خلال تلقي الحماية والانفصال القانونى أو الطلاق أو البت في أمر حضانة الأطفال فى حالة وجودهم، كما يمكن تقديم الخدمات الاجتماعية أو تأمين سكن آمن في حالات الطوارئ.

ومن الأهمية بمكان، إنشاء مراكز للمقبلين على الزواج بدعم من المجتمع المدنى لإيجاد حلول لمشاكل الشباب في سن المراهقة كالمساعدة في توفير فرص عمل مناسبة لهم وتقديم دورات تأهيل ما قبل الزواج تهتم بالأسرة وتوضح أهميتها وكيفية التعامل مع الزوجة واحترامها وطرق تأمين سبل العيش فى المستقبل، مع تقديم التوعية للفتيات الصغيرات في كيفية  تحمل مسؤولية الزواج واحترام الزوج وطرق التربية الصالحة، إضافة إلى التوعية الصحية والنفسية والاجتماعية وغيرها من الأمور التي تهم المرأة المتزوجة.

وفى هذا السياق، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2015م إلى اظهار الدعم ورفض الزواج المبكر، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى إقامة صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)  برنامج (العمل من أجل المراهقات) الذى يشمل 12 دولة في كل من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية يهدف إلى تعليم الفتيات حقوقهم التي تتضمن الحق في التعليم والصحة والحق فى العيش في أماكن خالية من العنف، وحق الكرامة والحق في اختيار شريك الحياة.

كما تتلقى الفتيات أيضاً برامج تخص الصحة الانجابية وتدريبات تشمل المهارات الحياتية كمهارة التفاوض لمساعدة الأهل وإقناعهم بصرف النظر عن الارتباط لفترة معينة أو حتى رفضه.

وفي النهاية، يجب التأكيد على أن الحد من ظاهرة انتشار الزواج المبكر والقضاء عليها واجب عالمي يجب أن يتم العمل عليه عديد المنظمات والمؤسسات الدولية والعالمية، بالتعاون مع المنظمات المحلية فى كل مجتمع تنتشر فيه ظاهرة الزواج المبكر، مع إعطاء أهمية للتدخل الحكومي من خلال سن عديد من القوانين والتشريعات التي تمنع وتحظر الزواج المبكر وملاحقة كل من يخرق هذا القانون ومعاقبته قانونياً، مع نشر التوعية اللازمة والضرورية حول الزواج المبكر ونتائجه الوخيمة في البلدان العربية التي عانت ومازالت تعانى من هذه الظاهرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى