إن المقاهي الثقافية بأنشطتها المتعددة والمتنوعة كانت لها تجارب رائدة في إثراء الحركة الثقافية والأدبية والسياسية والإجتماعية في عالمنا العربي والإسلامي وبخاصة في مصر ولبنان وسوريا والعراق والمغرب لغزارة برامجها ومبادراتها المختلفة والمتنوعة، علاوة علي انها كانت وما زالت فضاءاً رحباً ومفتوحاً للمثقفين والإعلاميين في العالم العربي والإسلامي، مع تنظيمها لقاءات وحوارات ثقافية حضورية وأخري إفتراضية ظل تفشى فيه جائحة كورونا لمناقشة الهموم السياسية والإجتماعية والثقافية والأدبية والإقتصادية لعالمنا الشرق أوسطي، مع عقد لقاءات وأمسيات وندوات ومسرحيات بالمقاهي الثقافية ، مع الاحتفاء بالأيام العالمية للمرأة والمسرح والكتاب والموسيقي وحقوق الإنسان محلياً وعالميا.
___________________________________
علي عبدالفتاح الحاروني
____________________________________
فما هي أهمية المقاهي الثقافية في إثراء الحركة الثقافية والأدبية وصور أنشطتها ؟
وما أشهر المقاهي الثقافية العربية ؟!
ومع التأكيد علي الدور المحوري الثقافي والفكري للمقاهي الثقافية في العالم العربي والتي انطلقت منها حركات اجتماعية ، كيف يمكن تفعيل دورها في المستقبل حتي تكون عنصراً مهماً في العصر الحديث في الحياة الثقافية والفكرية وحتي السياسية ؟! هذا ما سوف يتم تناوله عبر أربعة مباحث رئيسية:
أولا- أهمية المقاهي الثقافية في العالم العربي:
_ المقاهي الثقافية هي فضاء فكري وأدبي للتحاور والشراكة الإجتماعية وبناء علاقات ذات جدوي إجتماعياً وسياسياً ونفسياً، كما أنها فضاء إبداع وتبادل وجهات النظر ونشر الوعي والفكر المغاير والبديل ومساهمة بفعالية في كل تحول مجتمعي مثل مقهي الهافانا بسوريا ومقهي الفيشاوى وقشتمر وشهر زاد بمصر ومقهي الشابندر بالعراق وغيرها. علاوة علي أن المقاهي لها دوراً ترفيهياً وأداة من أدوات الترويج السياحي حيث توجد مقاهي للمسرح والسينما والأفلام وللشعراء والمقاهي التراثية التي تعتبر متاحف مصغرة للعادات والتقاليد.. كما أنها حلقة وصل بين النخبة المثقفة والشباب لدعمهم ومناقشة القضايا الفكرية والدينية الشائكة والإستفادة من الخبرات السياسية والفكرية والأدبية المعاصرة.
ثانيا- أشهر المقاهي الثقافية في العالم العربي والإسلامي:
من أهم المقاهي الثقافية والأدبية في العالمين العربي والإسلامي “مقهي الخفافين” في العراق وأقدمها حيث تم تأسيسه منذ أكثر من 950 عاماً وكان من رواده الكثير من رموز الأدب والفن والفكر ومنهم معروف الرصافي وجميل الزهاوى وعبود الكرخى ، ثم مقهي ” الشابندر” والذي يسمي الآن ” بمقهي الشهداء ” والذي تعرض لتفجير إرهابي في مارس 2005م ، فمقهي ” الزهاوى” والذي تم تأسيسه منذ أكثر من مائة عام وسمي بإسم الشاعر الكبير “جميل صدقي الزهاوى” ومن رواده الشاعر محمد مهدي الجواهري وعالم الإجتماع علي الوردي والرصافي.
وفي سوريا يوجد مقهي (الهافانا) الواقع في قلب العاصمة دمشق منذ عام 1945م ومقهي البرازيل بشارع بورسعيد في وسط دمشق ومقهي الكمال المجاور لهافانا بشقيه الصيفي والشتوي.
وفي لبنان يوجد مقهي عرموم المشهور بأمسيات (شهرياد) الثقافية والإسم خليط من اسمي شهريار وشهر ذاد، علاوة علي مقهي (المودكا) كأشهر مقاهي الحمرا وكان يجلس فيه الأدباء مثل بشارة الخوري وأمين الريحاني وجورجي سعد وآخرين وأخيراً مقهي النجار والواقع في البرج بساحة الشهداء ومن رواده بشارة الخوري وأمين نخلة ووديع عقل وغيرهم.
وفي تونس يوجد مقهي تحت السور الشعبي بمنطقة باب سويقة بتونس ومقهي العهد الجديد أمام وزارة الدفاع الوطني ومقهي الدفاع ورواده علي الجندوبي ومقهي المغرب بشارع فرنسا بالعاصمة التونسية وأخيراً مقهي باريس بشارع الحبيب بو رقيبة الذي أنشيء في الستينات.
وفي الجزائر يوجد مقهي (طانطافيل) أو مقهي الجزائر حالياً بساحة بور سعيد بالعاصمة الجزائرية قرب الحي العتيق ومقهي (الرمانة) التاريخي ومقهي الوداد بمدينة وهران ومقاهي مالاكوف والتلمساني بالقصبة المعروفين في السابق بمجالس الشعراء والأدباء.