تم الإعلان مؤخرا عن إقامة مؤتمر (المشترك الثقافي بين مصر واليمن.. رؤى جديدة للمتون العربية)، في العشرين من شهر ديسمبر المقبل توافقا مع اليوم العالمي للتضامن الإنساني، الذي حددته الأمم المتحدة، على أن تستضيفه قاعة سبأ بالسفارة اليمنية بالقاهرة.
ويُعقد المؤتمر بالشراكة بينها وبين معهد الدراسات والبحوث العربية التابع لجامعة الدول العربية، وبين مشروع المشترك الثقافي العربي (الدراسات الثقافية العربية المقارنة)، وتحت الرئاسة الشرفية للسفير اليمني، على أن يكون الدكتور حاتم الجوهري أستاذ النقد والدراسات الثقافية المنتدب بالجامعات المصرية والمشرف على المركز العلمي للترجمة بهيئة الكتاب رئيسا للمؤتمر، والدكتور قاسم المحبشي أستاذ فلسفة الحضارة ورئيس قسم الفلسفة السابق بجامعة عدن رئيسا للجنة العلمية.
ويأتي المؤتمر تفاعلا مع التقارب المصري اليمني ودعوات توطيد العلاقات الثقافية بين البلدين، التي توجت هذا العام بالدعم السياسي المؤسسي واللقاءات الرئاسية على مستوى البلدين، حيث تنطلق فكرة المؤتمر عن بحث المشترك الثقافي بين الدول العربية من رؤية فلسفية نقدية رافعة في لحظة تاريخية شديدة الحساسية..
إذ يعيد الشرق والغرب تقديم أنفسهما في متون وسرديات كبرى جديدة تحاول إعادة إنتاج المسألة الأوربية ومركزية متونها القديمة، فيقدم الشرق نفسه من خلال متنين مركزيين جديدين وهما (الأوراسية الجديدة) و(طريق الحرير الجديد)، ويحاول الغرب التأكيد على مشروعه ومتنه المركزي الخاص بـ(نهاية التاريخ)، وسيادة الليبرالية الديقراطية.
وعلى مستوى المشترك الثقافي والعلاقات الثنائية بين مصر واليمن؛ ينظر المؤتمر لأفاق أرحب في مجال الدراسات الثقافية العربية المقارنة تطبيقا على (دراسة الحالة) المصرية اليمنية وروافدها التاريخية وحضورها فيما هو آني، حيث نشطت عبر التاريخ حركة واسعة للتبادل التجاري وما يحمله من آثار ثقافية في نطاق البحر الأحمر بين مصر وجنوب شبه الجزيرة العربية في اليمن.
بالإضافة للهجرات التي كانت تتم من جنوب شبه الجزيرة واليمن باتجاه القرن الأفريقي وصعودا تجاه الشمال عبر البحر، والهجرات التي لحقتها برا من جنوب الجزيرة لأسباب متعددة واستقرت بعضها في مصر، من هنا يمكن الحديث عن ثقافة لحوض البحر الأحمر توطدت عبر طبقات من التاريخ و”الجغرافيا الثقافية” يمكن أن نلمح حضورها بين البلدين.
وضمت محاور المؤتمر عدة نقاط مهمة فيما يخص الذات العربية عموما منها؛ مفهوم فلسفة “المتون الحضارية” وآفافه بالنسبة للذات العربية ودوره في استعادة “(المشترك الثقافي)، والتمثلات الممكنة للمفهوم في جدله مع المفاهيم والتمثلات البديلة الأخرى- الجدل والتدافع بين فلسفات الهامش وفلسفات المتون، وكيف يمكن أن تقدم الدراسات الإنسانية العربية رافدا ورافعة جديدة للذات العربية في القرن العشرين، وتتجاوز إعادة إنتاج المسألة الأوربية مجددا- آفاق ما بعد الدراسات الثقافية غربية المنشأ وتجاوز متلازمة “الثنائيات الحدية”، التي تتمثل في: المتون والهوامش، العبد والسيد، الرجل والمرأة،…إلخ، وما الذي يمكن أن تقدمه الدراسات الثقافية العربية المقارنة للعالم في لحظة تاريخية حرجة وشديدة التداخل- استعادة الذات العربية وسبل التفاعل بين مفاهيم “الجغرافيا الثقافية” و”الجغرافيا السياسية” و”الجغرافيا الطبيعية” في هذا السياق.
كما ضمت محاور المشتركات الثقافية بين مصر واليمن عدة نقاط بارزة منها؛ الهجرات البحرية والبرية ومفهوم “الجغرافيا الثقافية” ودوره في دعم المشترك الثقافي العربي بين مصر واليمن، والدور الممكن لهذه الجغرافيا الثقافية المتجذرة عبر التاريخ، في رفد الجغرافيا الواقعية للذات العربية والعلاقات الحالية بين البلدين- مفهوم “الكتلة الجغرافية” الجامعة ودوره في الحالة اليمنية والمصرية، وإمكانية أن يقدم ذلك فرضا في مفاهيم “الجغرافيا الثقافية” بأن منطقة شمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية والشام والعراق، عملت كوحدة واحدة بمفاهيم الجغرافيا الطبيعية – المشترك الثقافي وتمثلاته في: الأزياء الشعبية، والحلي التراثية، والأمثال الشعبية، والمعتقد الشعبي، والحرف الشعبية، والشعر والغناء والموسيقى الشعبية، وطرق الصيد التقليدية، والعادات والتقاليد المرتبطة بالحياة والطعام والأفراح والمواسم.. إلخ – صورة البطل في القصص الشعبي والأمثال والشعر والأداب والفنون بين مصر واليمن، وإعادة تقديم المتون العربية القديمة كمنصة للتواصل والبناء عليها تتعايش مع التنوع في بلدان المنطقة التاريخية، وتنتج مشتركا إنسانيا يلهم اللحظة التاريخية الراهنة، والبحث في رواية السيرة الهلالية بين البلدين.
والجدير بالذكر ان اللجنة العلمية للمؤتمر ضمن 12 اسما أكاديميا من ثماني دول عربية شملت (مصر- اليمن- تونس- العراق- سوريا- الجزائر- فلسطين- لبنان)، كما أن هيئة المؤتمر أتاحت مجموعة من المصادر والمراجع الإلكترونية التي يمكن للباحثين الرجوع إليها، وقدمت قائمة بعدة دراسات نظرية ومفاهيمية للمؤتمر توضح إطاره ومضمونه، وذلك على الصفحة الخاصة بـ”مشروع الدراسات الثقافية العربية المقارنة” على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”.
زر الذهاب إلى الأعلى