كتب- علي الحاروني:
الرقمنة في العالم أصبحت قدراً محتوماً ويجب التعامل معها بحيث تتجنب أخطارها ونجني ثمارها وهذا ليس سهلاً ولكنه ليس مستحيلاً فالتحول إلى التكنولوجيا الذكية الرقمية ليست من قبيل الكماليات أو الرفاهية في إدارة الدول، بل صارت من أولويات العصر في كل المجالات وفي كل أنواع المعاملات والخدمات وهذا ما دعا إليه مؤتمر ومعرض الاقتصاد الرقمي (سيملس الشرق الأوسط 2022 ) بالإمارات خاصة في ظل الغباء الإداري والعقبات الإدارية في عالمنا العربي والخوف من تحمل المسئولية في إتخاذ القرار والرغبة في زيادة قوة الدولة مؤسسيا وبشرياً.
وعلي الرغم من أن هناك نماذج عربية ورائدة في التحول الرقمي ومنها مصر والإمارات والسعودية، إلا أنه مازالت تظهر في الأفق العربي تحديات يجب على الدول مواجهتها حتي تحصل علي ثمار الرقمنة الحقيقية وتجنب أخطائها ومساوئها.
ومن هنا فإن الحاجة ماسة لإيجاد العمالة المدربة علي التعامل مع البرمجيات وتطويرها وصيانتها وتحليل البيانات وتأمين المعلومات حيث أن الرقمنة تحتاج إلي عدد من المتخصصين في مجال تكنولوجيا المعلومات والمستخدمين المحترفين لتلك البرمجيات، ليس هذا فحسب، لكن هذه العمالة تحتاج إلي تدريب مستمر، لأن تلك البرمجيات ووسائل التعامل معها تتطور بوتيرة سريعة ، وأيضاً نحتاج أن نضمن وجود أجيال جديدة قادرة علي التعامل مع تكنولوجيا المعلومات عندما يتقاعد الجيل الحالي.
كذلك لا بد من تغيير الهيكل الإداري ليوائم التكنولوجيا الجديدة، مع وجود استراتيجية محددة لتحقيق الأهداف المرجوة من الرقمنة واحداث تغييرات في البيئة وتدبير ميزانية لذلك وتدريب الموظفين وتعيين عمالة مؤقتة لتحويل الورقي إلي رقمي.
كذلك لا بد من وضع استراتيجية محددة لتحقيق أمن الرقمنة والمعلومات وللتعامل مع المعلومات والتخزين والإطلاع والحفاظ علي سريتها.
كما أنه لا بد من تبديد المخاوف من فقدان الوظيفة في ظل الرقمنة وهذا يحتاج إلي تكاتف علماء النفس والإجتماع والإقتصاد وتكنولوجيا المعلومات للتعامل معه، مع العمل علي وضع روشتة علي مستوي التشريعات والتدريب الإداري والمالي وتطوير العقليات وطرق التفكير والنظر الحدي في تفعيل الحافز البشري القائم علي التمييز حسب الكفاءة والجهد والنتائج والقضاء علي البيئة الإجتماعية المريضة للعمل.
وأخيراً يجب التأكيد علي أن التحول الرقمي لن يسهم فقط في الإسراع في التقدم الإقتصادي وإنما سيسهم كذلك في تقليل البيروقراطية والغباء الهيكلي العام إدارياً وتشريعياً وفنياً وتكنولوجياً … مع زيادة قوة المؤسسات أداءً وكوادر وزيادة الثقة في مؤسسات الدولة وفي قياداتها رقمياً وإلكترونياً ومالياً.