تلوحُ لي شمعةٌ نازفةٌ علىٰ خدِّ القمرِ ترسمُها الغيماتُ قلادةً علىٰ طريقِ الشمسِ المهاجرةِ، رأيتُكِ في عيونِ النوارسِ دمعةً هامدةً، وفي أذنِ النوافذِ خَفَقان ريحٍ.
حينَ أُقلّبُ موجَ البحرِ، أرى ملحَهُ ينتحبُ يستدرّ الشجنَ فتحبلُ القصائدُ بالرؤى وتنتفضُ الحروفُ تأخذها اللهفةُ إلى حيث تتّجهُ الظِلالُ تعزفُ موسيقاها بجلالٍ تراتيلَ الهيامِ..
لَمّا جلجلتْ ترانيمُكِ في مسمعي، قامتْ قيامةُ الحروفِ من طَيِّ كتمانِها وأرهفتْ لبها للحنِ مزاميركِ الشجيةِ تصدحُ حناجرُ القصبِ بما يليق من نشيدها الحاني مردّدةً لحنَ رنينِ أسمائكِ الضالعةِ في فَكِّ طلاسمِ الأَمواجِ وثقوب الليلِ معابر لقطراتِ البرقِ تخترقُ شقوقَ الصدى وإنْ كانتْ عصيّةً علىٰ العابرينَ إلاّ أنّ صوتَ هزارِها يقرأُ سِفْرَ الرملِ يطلقُ صيحاتٍ تطفِئُ الجمرة الباردةَ في ترابٍ غفا صبحُهُ وغَنّى شاطِئُهُ بفمٍ عليهِ ألف ختمٍ من طينٍ لا ينكسر والصدى يردِّدُ: لا تشربْ أحزانكَ أصداءً لا تبتسمْ للشمسِ فالعالمُ لا يمنحُ بسمتهُ لشفاهٍ أغرقَها سيلُ الحزن.