اللهفةُ التي قادتنا إلىٰ الغاياتِ هيّ ذاتها التي بذرتْ فينا جنايتها عليلةٌ كنَسَماتِ الربيعِ الباردةِ لكنّها لاذعةٌ تحفرُ أخاديدَها علىٰ ألسنتنا المثقلةِ بوطأةِ النهاياتِ..
هيّ الجفافُ والشوقُ الذي كسّرَ نصولَنا ثمَّ ذابَ واضمحلّ كتقشعِ الغيومِ في سماءٍ متلبّدةٍ، ذاكَ الذي يحلمُ بالتحليقِ بينَ النُجيماتِ وجدَ نفسَهُ متّكئاً علىٰ وسادةٍ من ريشِ الهواءِ وغدا كعرجونٍ قديمٍ بعدَ كرّ المنازلِ..
تلكَ التي أفاقتْ من هولِ الفزعِ كانتْ تحلمُ بالسكونِ، البرعمُ الذي زعزعتهُ تقلّباتُ التربةِ لمْ يدركِ احتراباتِ الشجرِ، أولئكَ المكتظونَ بشواطئ الرجاءِ لم يفلحوا بتجفيفِ ثيابهم في الضفةِ الأُخرى..
الذينَ حفروا الخنادقَ في وجهِ الصدفةِ كانتْ عيونُهم ممدودةً حتىٰ نهاياتِ الأَرَبِ لم يبلغوا شَأوَ نملةٍ..
خطوطٌ علىٰ سطحِ الماءِ أغوتها النجوى تتوهُ بينَ الأمواجِ الطامِحَةِ.. عومٌ بلا مجذاف.. تعرجاتٌ علىٰ صفحاتِ الوجوهِ، جداول مزروعة فيهم منذُ الطفولةِ، يُجمّلونَ ملامحَهم لتلائمَ مقاساتِ المرايا تباركهم شظايا عارمة.