برأسي هَذَيانُ شتاءاتٍ تتدثّرُ بغطاءٍ من صقيعٍ ما كانَ لطعمِ إدامهِ من مذاقٍ فيُستمرأُ ولا لريحهِ من عطرٍ فيُتنشقُ لا بدّ من كبحِ جماحهِ ببراكينَ حصيفةٍ كي لا يورق في يمِّهِ دمعٌ خضيلٌ أو يتشظّى ماؤهُ عباباً فيفيضُ علىٰ الأرجاءِ الهشّةِ.
كمْ أسدلتُ عليهِ من أسوار مُعتّقةٍ حتىٰ أصابهُ الصدأُ واكتنفَ الرمادُ جمرَهُ، النجوى شعاعٌ والكلماتُ قناديلُ فاسرجْ شعاعَكَ للشمسِ قبلَ أنْ يبلعكَ البحرُ وراودْ قلبكَ بالطيفِ قبلَ أنْ تدسّ يدكَ في العتمةِ واستعدْ للبللِ قبلَ أنْ تداهمكَ الأيامُ النديّاتُ خيوطُها رهيفة ممتدة ومشعّة بأشعّةٍ نجميّةٍ من ضوءٍ أبيضَ، كُنْ كنسيمِ الصَبا يزفرُ ليلهُ فيشهق صبحهُ هدرَ بحرهُ وغنّى شاطئهُ بفمٍ حرّان صوتهُ رجيع ٌوالصدى يندّهُ بشواظ من لهبٍ بلا دخانٍ ولا بخار.