أدب وثقافة

طوفان الأقصى (بقلم: الشاعر حسن منصور)

اللهُ أكـبـــرُ وَابْـتَــدا الطّـوفـــانُ || والمـسجِـدُ الأقْـصى هُـوَ الـبُركانُ

حِـمَـمٌ تَـدَفَّـقَ سَـيْلُهــا مِـنْ بـابِـهِ || وَمَـضَــــتْ فــلا دَنَــسٌ وَلا أدْرانُ

حِمَـمٌ يُطَهّـرُ أرْضَـنا طـوفـانُهـا || وَيُـعـــيـدُهـا بِـنَـقــــائِـهـــا تَــزْدان

تَــنّــورُ نــوحٍ فــارَ مـــاءً إنَّمـا || تَـنّـــورُنـا فـارَتْ بِــه الـنّــيـــرانُ

سَـيْلٌ وَطـوفـانٌ وَفَــجْــرٌ بـازِغٌ || مَـنْ كانَ يَحْـلُـــمُ أنّـهُ الـطّـوفــان؟!

حَـرَقَ الشّـوائِبَ كُلَّها وَهَـــديرُهُ || هَــشَّـتْ لــهُ الآكـامُ وَالـقــيـعــانُ

أمْـواجُــهُ صَـخّـــابَـةٌ وَالـفُـلْــكُ || تَجْـري فَـوْقَهـا وَأُسودُنا القُــبْطانُ

حِمَمٌ كَأنَّ الشمسَ قدْ قَـذَفَتْ بِها || مَـطَــراً يُـدَمِّـرُ مـا بَنى الشّـيْـطان

وَالفَجْـرُ أشْـرَقَ بَغْــتَةً فَـكَأنّـما || يّـــــوْمُ الـحِـســابِ أتـى وَآنَ أَوانُ

واللهُ أكـبرُ بِالبَـنـادِقِ زَغْــرَدَتْ || وَشَـدَتْ بِهــا الأفْـــواهُ والوِجْـدان

في مَشْهَـدٍ لمْ يَعْـرِفِ التاريخُ || شـيْئاً مِـثْلَــهُ أوْ يَشْهَـــدِ الإنْســــان

يومٌ سَـيَـبْـقى مَعْلَــماً وَمَـنـارَةً || وَبِـنـورِهِ يَسْـتَـرْشِـدُ الـفُــرْســـــانُ

يوْمٌ أزالَ عَـنِ العُيونِ غِشاوَةً || فَــبـدا لــنـا أنّ الـعَـــدُوَّ جَــبـــــانُ

لكِــنَّـنـــا كُـــنّــا نَـفِــــرُّ لِأَنَّــهُ || يـوحي لَـنا بِالخَـيْـبَـةِ السُّــلْـطـــانُ

وَبِغَـيْـرِ إعْــدادٍ نَسـيرُ وَراءَهُ || فَـمَـصيرُهُ وَمَـصـيـرُنـا الـخِـــذْلان

حـتّى أَتى أبْطالُنا يَسْعَـوْنَ في || طَلَــبٍ الْعُـلى يَحْــدوهُــمُ اطـمئنان

تَرَكوا وَراءَ ظُهورِهِمْ دُنْيا الفَنا || ءِ إلى الخُــلـودِ تَقـاطَـرَ الــرُّكْبان

واللهُ ثـبّـتَـهُــمْ وَسَـدّدَ رَمْـيَـهُــمْ || لمْ يَفْـشَلـوا في سَعْــيِهِـمْ أوْ هـانوا

أبْطالُ غَــزَّةَ لِلْجِهــادِ تَسابَـقـوا || وَمَـضى بِـهِ الآبــاءُ وَالــوِلْــــدانُ

دَكّوا الحُصونَ وَزَلْزَلوا آساسَها|| فَـتَـقَـلْـقــلَـتْ وَانْهَـــدَّتِ الأرْكـان

وَقَضَوْا عَلى أُسْطـورَةٍ وَهْـمِـيَّةٍ || قــدْ شَـطَّ في تَرْويجِها الإعْــلانُ

هذا هوَ (الجَيْشُ الذي لا يُقْهَـرُ) || فجُــنـودُه عـندَ الـلِّـقـا جِــــرْذان

لا يَجْرُؤونَ على مُواجَهَةِ الأسو || دِ وَطَـبْعُـهُــمْ أنَّ الفَـــرارَ أَمانُ

إنّ السِّـلاحَ معَ الجَـبانِ لَعـاجِــزٌ || لا الكَـفُّ تَسْـنِـدُهُ وَلا الإيـمـــان

لجَأوا إلى هَدْمِ البُيوتِ فَخَصْمُهُمْ || سُـكّانُهــا الأطْــفــالُ وَالنِّـسْوانُ

لكنَّهُـمْ لـنْ يَهْـدِمـوا تَـصْـمـيمَـنا || بلْ زادَ تَـرْسـيخـاً لــهُ العُــدْوان

وَجُـمـوعُـــنـا بَـنّــاءَةٌ وَنِـسـاؤُنا || وَلّادَةٌ، وَبِــــلادُنـــــا بُــسْــتــان

وَلَنا الغَـدُ المَرْجُـوُّ وَهْوَ حَقيقَـةٌ || جــاءَتْ بِهــا الــتّـوْراةُ وَالقُـرآن

وَيُراهِنونَ عَلى السِّلاحِ وَيَعْلمو || نَ مَـعَ الحَـقـيقَةِ لا يَصِحُّ رِهــانُ

ليْسَ السِّلاحُ وَلا الرِّهانُ يُفيدُكُمْ || مَهْـما جَـرى حَـدَثٌ وَمَــرَّ زَمان

أنّى لَكُـمْ مُسـْتـقـبَلٌ في أرْضِنا || وَالأرْضُ تَلعَـنُكُـمْ كَمـا السُّكّـان؟!

فَلتَرْجِعوا مِنْ حَيْثُ جِئْتُمْ وَاخْسَأوا|| فَلقَـدْ فَشِلـتُمْ وَانْجَـلى الـبُرْهــانُ

جِئْتُمْ لُصوصاً طامِعينَ، وَخائِبيـــ || ــنَ سَتَرْجِعونَ فَليْسَ ثَمَّ مَـكانُ.

**********************

الشاعر حسن منصور

من المجموعة الرابعة عشرة، ديوان (القوافل) ص 30

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى