مقالاتمميز

علي الحاروني يكتب: الاستثمار الوقائي في إدارة المخاطر والكوارث بمنطقة الشرق الأوسط

– نحن بحاجة إلي إدارة المخاطر لا مواجهة الكوارث بعد حدوثها وتعزيز قدرات التنبؤ والجاهزية والصمود لا رد الفعل خاصة بعدما تعرضت منطقة الشرق الأوسط مثل باقي أنحاء العالم لحزمة من الكوارث متنوعة ومتعددة مثل الزلازل والتي تعرضت له مؤخراً تركيا وسوريا في 6 فبراير 2023م والتي بلغت شدت نحو 7.8 درجة علي مقياس ريختر وكانت ضحاياه البشرية تجاوزت 47 ألف قتيل في الدولتين حتى أواخر فبراير 2023 م، هذا ناهيك عن الكوارث الأخرى مثل الجفاف والفياضانات والعواصف الرملية والترابية والتي لها آثاراً مدمرة علي المجتمعات سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وإقليمياً ودولياً.

– ومع ذلك رغم اتخاذ دول الشرق الأوسط خطوات جادة علي طريق استعدادها واستجابتها للكوارث الطبيعية مثل أنظمة الإنذار المبكر وتحسين قوانين البناء والتعامل مع حالات البناء والتنسيق الدولي والإقليمي مع المنظمات الحكومية وغير الحكومية والدول للاستجابة السريعة للكوارث الطبيعية وتوابعها وتداعياتها إلا أن تلك الجهود غالياً ما تعيقها مشكلات حادة ومزمنة ومن أبرزها نقص الموارد وضعف البنية التحتية والصراعات والأزمات المعقدة في المنطقة مما يفاقم من حدة تلك الأزمات والكوارث وهو ما أظهرته بشدة تأثيرات كارثة الزلزال الأخير الذي ضرب كلاًَ من سوريا وتركيا والذي كان كاشفاً عن مكامن الضعف في إدارة مخاطر الكوارث بالمنطقة.

أولاً- دروس مستفادة من الكوارث والزلازل لتركيا وسوريا:

– وأوضحت كارثة الزلازل الأخيرة في كل من تركيا وسوريا مجموعة من الدروس المستفادة ولعل أبرزها ان التأخير والتهاون في اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة والالتزام بأسس ومعايير البناء السليمة ووجود خطط للإنذار والإخلاء وعدم رفع الوعي المجتمعي بمخاطرها كل ذلك يؤدي إلي عواقب وخيمة للكوارث الطبيعية عامة والزلازل خاصة فمثلاً نجد في تركيا خسائر فادحة نتيجة للتراخي في إنفاذ قوانين البناء رغم ما وعدت به الحكومة عقب الزلزال المدمر في عام 1999م بتطبيق أنظمة بناء أكثر صرامة ، كذلك فإن عدم وجود هياكل واضحة وفعالة لإدارة الكوارث لدعم الاستجابة يزيد من تفاقم الأزمة وحدة الخسائر .

ثانياً- رؤية جديدة لإدارة المخاطر لا الكوارث:

– ومن هنا فإننا بحاجة إلي إدارة المخاطر لا الكوارث بعد وقوعها ومواصلة الإستثمار في تدابير الحد من مخاطر الكوارث والتأهب لها فضلا عن تعزيز قدرة المجتمعات والمنظمات المحلية على الاستجابة للكوارث ومن الأهمية بمكان أيضاً معالجة الأسباب الجذرية لمواطن الضعف وتعزيز التنمية المستدامة التي تراعي اعتبارات إدارة المخاطر وتوابع الكوارث وذلك من خلال تعزيز قدرات التنبؤ لتحسين تقييم المخاطر وتخطيط إدارتها وكذلك تحديد نقاط العنف في القطاعات الحرجة والتهديدات والالتزام بقوانين وقواعد بناء صارمة وتطبيق معايير البناء المقاومة للمخاطر المختلفة مثل الزلازل والحرائق وغيرها وبناء قدرات الاستعداد من خلال زيادة الوعي بالمخاطر بين السكان.

حيث يساعد ذلك علي الحد من تأثير الكوارث والاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر لتدعيم قدرات التحذير والتنبيه والإبلاغ ووجود أنظمة قوية للإنقاذ وللحماية المدنية والتنسيق مع المنظمات الدولية وغير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص في ذلك، مع الاستثمار في جعل البنية التحتية قادرة علي الصمود في مواجهة مخاطر الكوارث من خلال أسس سليمة لإنشائها وحوكمة إدارة المخاطر ولعل تكرار الكوارث الطبيعية في منطقة الشرق الأوسط يمثل دافعاً لشركات التأمين وإعادة التأمين للتوسع في تقديم خدماتها في المنطقة وابتكار منتجات جديدة أكثر قدرة علي مواجهة المخاطر الكبيرة، مع الحاجة إلي تبادل شركات التأمين لخبراتها ومساعدة الأفراد والشركات والحكومات علي تقليل المخاطر ولزيادة الوعي بالفوائد المحتملة للتأمين وزيادة الاستثمار في التعليم المالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى