فنونمقال رئيس التحريرمميز
ابن «الريف المصري» فتحي عامر «كوكتيل» مواهب تشكيلية.. رسام ونحات وفنان خطوط عربية
بقلم: د. محمود عبد الكريم عزالدين
= «فتحي عامر».. عبارة عن مزيج أو «كوكتيل» مواهب فنية؛ فهو فنان تشكيلي، ونحات ومثَّال، وفنان خطوط عربية، وأيضا فنان بورتريهات متألق.
وتتنوع أعمال الفنان فتحي عامر- ابن قرية منية السباع، مدينة بنها- محافظة القليوبية- بين المدرستين السريالية والكلاسيكية، وهو ماهر في المزاوجة والتكامل والتناغم، بين الشكل والمحتوى، مستخدماً في بعض الأحيان الألوان الزيتية على ورق البردي.
والجميل أن لوحاته الفنية، أشبه بأيقونات، تلامس الجمال، وتغزل خيوط الإبداع لمعادلها الموضوعي، في كثير من محافظات الجمهورية، وبصفة خاصة الأقصر وأسوان والإسكندرية.. طبعاً مع إضفاء بصمته الخاصة على جميع لوحاته الفنية.
جدير بالذكر أن فتحي عامر محارب قديم، وضابط سابق بالقوات المسلحة المصرية.. وقد وُلدت موهبته في الرسم، منذ أن كان تلميذا في الصف الأول الابتدائي، ثم صقل هذه الموهبة- فيما بعد- بالدراسات التخصصية الحرة..
ومنذ العام 1974م، شارك فتحي عامر، في معارض فنية (فردية وثنائية، وجماعية)، ومن بينها معارض في بعض الدول العربية وبصفة خاصة لبنان والكويت.
________________
أقضي كل وقتي داخل مرسمي بالقرية .. وأغلى تمثال بعته بـ 5 قروش !!
______________
والفنان فتحي عامر شغوف بالتراث، وعاشق للحياة الريفية، وقد صاغ لوحاته بحزمة من الألوان، فصارت مزيجاً بين الواقع والخيال.. وينفرد «عامر» في أعماله بملامح هادئة مطعمة برموز لها دلالات مذهلة وساحرة.
ويحسب الفنان التشكيلي فتحي عامر نفسه على عشاق وتلاميذ المدرسة السريالية، والتي تتميز بالغوص بعيدًا في أعماق النفس البشرية واللاوعي، والجري خلف اللاشعور، وذلك من أجل الوصول إلى مصادر غير مألوفة للإلهام والإبداع.. إضافة إلى تحرر الفنان من مختلف أنظمة المجتمع العقلانية وقيوده..
وتتميز المدرسة السريالية أيضاً بتجسيد وتمثيل العوالم اللاواعية للأحلام والتخيلات، فضلاً عن العوالم الخفية النفسية.. «بمعنى أنني أعتمد على أشياء غريبة غير مألوفة، وغير تقليدية، وعلى أشياء مهملة لا يُكترث لها.. مع صدق التعبير عن المشاعر والأفكار، وإطلاق العنان لأدواتي لتعمل وكأنهم في حالة لا واعية، مع التعبير عما يشغل النفس ودواخلها أكثر من العقل، وذلك بطريقة بعيدة عن أي قيود، أو ضوابط بعينها».
ويقول الفنان فتحي عامر إنه يعشق الرسام الإسباني سلفادور دالي (1904- 1989م)، والذي يعد واحدًا من أعظم الفنانين السرياليين في القرن العشرين، واشتهرت معظم أعماله بغرابتها وغرابة موضوعاتها وتشكيلها، كما تميَز عن غيره بشخصيته المغايرة وكتاباته المختلفة، والتي وصل فيها إلى حدِّ الجنون والاضطراب النفسي واللامعقول، كما تميَّز بنرجسيته المبالغ بها، واختلط عنده الجنون بالعبقرية إلى حد كبير.
إذن فالأمر يتعلق حقيقة بقواعد إملائية للفكر، مركبة بعيدة كل البعد عن أي تحكم خارجي، أو مراقبة تمارس من طرف العقل وخارجه عن نطاق أي انشغال جمالي أو أخلاقي.. ويعتمد الفنان فتحي عامر في كثير من رسوماته على الأشياء الواقعية في استخدامها كرموز للتعبير عن أحلامه والارتقاء بالأشكال الطبيعية إلى ما فوق الواقع المرئي.
وفي أعمال فتحي عامر اعتناء واضح بالصياغة الماهرة للرسالة أو الفكرة.. مع الاهتمام أيضا باللون والخط والروابط التشكيلية، التي يلتقطها بحسه الفني، ووجود اجتماعي، فيه صراع ومعاناة وبحث عن الهوية الشخصية.
و«فتحي عامر»، مرادف لجهود ونشاطات إبداعية جعلت منه نقطة تلمع وسط نهضة إبداعية تسطع اليوم، على أن هذه النهضة قد تتسم بالتلقائية على وجه العموم، لكن بالنسبة للفنان فتحي عامر، استدعت أعمالاً وجهودا هائلة.. والكتابة عن فتحي الإنسان وفتحي الفنان تكاد تكون متقاربة ومتشابهة، فكلاهما ينهل من نفس المعين وذات المنبع.. يعني (جهود + موهبة + خبرة مهنية وصياغية).
وفي هذا الصدد، يقول «عامر»: الفن كل حياتي، ومعظم وقتي أقضيه في مرسمي الخاص بالقرية.. والحمد لله طول عمري وأنا أعمل طوال الوقت وأنتج أعمالا في مجال النحت والجداريات واللوحات والبورتريهات.. وأنا راض تمامًا عما وصلت إليه، مع العلم أنني لا أتكسب من عملي هذا .. ولك أن تتخيل أن العمل الفني الوحيد الذي تقاضيت أجرًا مقابل بيعه كان عبارة عن تمثال فرعوني من الجبس، اشتراه أحد أساتذتي وأنا في المدرسة مقابل 5 قروش !!
وقد حاول «عامر» أيضاً الوصول بالأعمال إلى استثارة حقائق فنية متعددة من خلال استخدام «تقنيات وتراكيب لونية وخطية».. تؤدي من خلال اندماجها وتداخلها إلى خلق حالة من التآخي اللوني تتخلله استنباطات خطية وشكلية، تعمل على إثارة الرؤى البصرية للمتلقي لتخلق حالة من التعايش الفني بالعمل.
يقول فتحي عامر: «كنت دايما مع مدرسين الرسم في المدرسة واقف معاهم وأتعلم منهم وكانوا يشجعوني.. ودخلت مسابقات في الإعدادي وحصلت على المركز الأول.. كانت الظروف لا تسمح بشراء الخامات، فكنت أحضر قماشًا قديمًا وأقوم بشده على الجدار وأدهنه بالنشا، وأرسم عليه بألوان مائية.. وكنت أحضر أوراق الكتب والكراسات القديمة، وأقوم بلصقها بالنشا وأصنع منها ورق مقوى وأقوم بالرسم عليه».