شهدت الفتره الأخيرة تطورًا ملحوظًا في مجال الذكاء الاصطناعي واستخدماته المختلفة، ولكنه لا يزال يمثل تحديا كبيرا للبشرية بل وتهديدا وجوديا لها.
فرغم ظهور تقنية الذكاء الاصطناعي فى عديد من المجالات مثل الهندسة والفنون والطب، وإتاحتها عديد من التسهيلات للبشرية، فإن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ما زالت تثير جدلًا واسعًا منذ ظهورها حتى الآن. ومؤخرا بـ حسابات وهمية على فيسبوك.
خلال الساعات القليلة الماضية، بثت تقنيات الذكاء الاصطناعي الرعب والخوف فى قلوب رواد مواقع التواصل الاجتماعى؛ إذ ظهرت عديد من الحسابات الافتراضية عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» ليس لديها مالكون حقيقيون على أرض الواقع، ولكنها فقط من صنع الذكاء الاصطناعي.
ربما تبدو هذه الفكرة مثيرة ومخيفة في الوقت ذاته؛ حيث أنه من الصعب تمييز هذه الحسابات عن حسابات الأشخاص الحقيقيين، خاصةً عندما تكون الصور الشخصية للمستخدمين وكذلك أسلوب الحوار وطريقه الكتابة والتفاعل مع جمهورالنشطاء متقنة للغاية.
ولعل أحد أهم الاستخدامات الجديدة والمثيرة للقلق هنا هو توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في إنشاء لجان إلكترونية ذات حسابات افتراضية على السوشيال ميديا، تكون مبرمجة للتفاعل بشكل طبيعي مع البشر والمشاركة في المحادثات والنقاشات معهم بطريقة تشبه الأشخاص الحقيقيين.
حيث يتم إنشاء حسابات وهميه تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لمحاكاه سلوك البشر وتفاعلاتهم على منصات التواصل الاجتماعي المختلفه مثل «فيسبوك»، «تويتر»، و«إنستجرام» …إلخ ومن ثم يمكن تسخير هذه اللجان وتوظيفها لأغراض وأهداف معينه.
على سبيل المثال يمكن استخدام هذه اللجان في مجال الدعاية والتسويق لنشر رسائل إعلانية أو تعليقات إيجابية عن منتج أو خدمة معينة..
كما يمكن أن تستخدم أيضًا في حملات دعائيه مضاده للمنافسين بهدف الإضرار وتشويه السمعة؛ حيث يمكن للشركات المنافسة استخدام هذه اللجان لنشر أخبار كاذبة أو تشويه صورة شركة أو منتج معين كما يمكن أيضا إستخدامها لتوجيه الرأى العام ونشر معلومات مضلله أو أراء معينه أو لتوجيه النقاش لصالح فكره معينه وهنا تكمن الخطوره.
قريبا جدا سيكون هناك انفلونسرز يتابعهم الملايين وهم في الحقيقة مجرد حسابات مخلقه بالذكاء الاصطناعي يتم توظيفهم في الدعاية لفيلم أو شركة أو في الهجوم على رجل سياسة.. صديقك أو صديقتك على السوشيال ميديا قد لا يكون له وجود في الواقع.
قد تتعرف على إحداهن على الفيسبوك، وتتبادلان الحديث والصور، قد تتكلمان معها صوتا وصورة إذا أردتما، ثم تكتشف في النهاية أنها ليست حقيقية ولا حتى شخصا له حساب مزيف. بل إنها في الحقيقه لا شيء بل هى والعدم سواء.
لذا، يجب أن يكون لدى مستخدمى منصات التواصل الاجتماعى المختلفة وعي كاف، ويجب أن نطلع على مصدر المعلومات قبل تداولها ونعتمد فقط على مصادر موثوق بها قبل أن نتخذ قرارات أو نشارك محتوى.
علينا أيضًا تعزيز التوعية حول هذه اللجان والتكنولوجيا المستخدمة والتدابير التي يمكن اتخاذها للتحقق من هوية الحسابات على منصات التواصل الاجتماعى المختلفة، وكيفيه التمييز بين الحسابات الحقيقية والحسابات المزيفة أو الافتراضية.
وعلى الرغم من الاستخدامات السلبية العديدة لهذه اللجان، إلا أن هناك أيضًا جوانب إيجابية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في هذا السياق.. فمن الممكن أن تكون هذه اللجان الإلكترونية مفيدة في جمع المعلومات وتحليلها من خلال تفاعلاتها مع البشر؛ ما يتيح فهمًا أعمق للاتجاهات والمشاعر والاحتياجات البشرية في مجتمعاتنا الرقمية.
ومع ذلك، ينبغي الاحتياط وتوخي الحذر من الاعتماد الكلي على اللجان الإلكترونية المطورة بالذكاء الاصطناعي، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى تلاشي الحدود بين الحقيقة والخيال، وخلق حالة من التشويش على التواصل الاجتماعي الحقيقي بين البشر.
كما قد يؤدي انتشار هذه اللجان إلى فقدان الثقة في المعلومات المتداولة عبر الإنترنت، وزيادة الشك والريبة في المحتوى الرقمي.
في النهاية، يجب أن نتعامل مع التكنولوجيا بحذر وندرس تأثيراتها الإيجابية والسلبية على المجتمع، وعلى عمليات التواصل الاجتماعي الحقيقية بين أفراده.
وينبغي أن تتدارك الجهات المعنية في الدولة هذا التطور السريع والخطير، وتضع قوانين وإرشادات لمنع سوء الاستخدام والتلاعب بالمعلومات، والتأكد من أن البشر هم المسؤولون النهائيون عن صنع القرارات والتفاعلات الحقيقية على المنصات الرقمية.
=======
دكتور/ محمد عسكر
مستشار تكنولوجيا وخبير أمن المعلومات