ألا يا قـلــبُ مـا هـــذا الوَجـيـبُ || وَمَـنْ يدري بِهَـمِّــكَ أوْ يُجـــيـبُ
أتَخْـفِــقُ أمْ تَصـيحُ بِهــمْ وتَبْـكي || وَهَـلْ يُجْــدي بُكـاءٌ أوْ نَـحــيـبُ؟!
تُنـادي مَـنْ؟ وَأَنتَ هُــنا وَحــيـدٌ || وَحَــوْلَـكَ بَـلْـقَــعٌ خـالٍ رَهــيـبُ
نِــداؤُكَ فـي فَــضــاءٍ دونَ حَـــدٍّ || فَــلا أصْــداءَ تــأتـي أوْ تَــؤوب
وَلـيـسَ لـدَيْـكَ هـــامــاتٌ تُــلــبّي || هُــنـاكَ مُـنافِــقٌ وهُــنـا كَــذوب
إذا مـا جـاعَ بَصْبَـصَ مِـثلَ كلـبٍ || أتى وَالــذَّيْـلُ رَقّــاصٌ طَــروب
وَإنْ أشْـبَـعْــتَ جَــوْعَــتَـهُ تَـوَلّـى || كَـأنْ لـم يَسْـتَـبـِدَّ بِــهِ سُــغــوبُ
وَغـابَ وَعـــادَ فـي قَــرَمٍ شـديــدٍ || وفـي إِيـهــابِـهِ الـخَــتّـالِ ذيــبُ
لـهُ نَـبَــتَــتْ مَـخـالِـــبُ قـــاتِـلاتٌ || وفـي فَـكَّــيْـهِ قــدْ بَرَزَتْ نُيـوب
ولـيسَ مُـبَـصْـبِـصاً يَـأتي وَلـكــنْ || يَـهِــرُّ كَأَنَّــهُ لَــيْـثٌ غَـــضــوب
***********
فَــيـا قَـلـبي تَـجَـــلّــدْ فـي زَمـــانٍ || بـهِ الأخْـلاقُ وَالحُـسْنى تَغــيـب
كـأمْــواجٍ بِـبَـحْـرٍ فَـهْـيَ تَـعْـــلــو || وَأحْــيـاناً تَغــيـضُ وقـدْ تَــذوب
وَقــارَبُـنــا يَطـيـرُ بِنــا وَيَـهْــوي || مَــعَ الأمْـواجِ مـا هَـبَّ الهَـبـوبُ
وَيَـحْـكُــمُـــهُ قَــراصِــنَـةٌ غِـــلاظٌ || كَأَنَّـهُــمُ الصَّواعِــقُ وَالخُـطـوب
بـهِ ذهَـــبـوا بِـلا رُشْـدٍ فَــتــاهــوا || وَلـيـسَ هُــناكَ قُـبْـطـانٌ لَـبـيـبُ
وَبوصَـلَةُ المُـسافِــرِ حَـطّــمـوهــا || وَأَلْــقَــوْهــا لِـحــيـتـانٍ تَـجــوبُ
وهـذا القـارَبُ المَـخْـروقُ مــاضٍ || وَقَـعْـرُ البَـحْـرِ مَـوْطِـنُهُ القَـريب
فـكُـنْ يـا قَـلـبُ سَـبّاحــاً مُـجـــيـداً || وَثِـبْ مِـنْـهُ بِـعَــزْمٍ لا يَـخـــيـب
وَلا تُسْــلِــمْ قِــيـادَكَ أوْ تُـجــامِــلْ || فَـمـا مِــنْهُـمْ أخٌ لَـكَ أوْ حَــبـيــب
لَـــدَيْـكَ سِـلاحُ إيـمــانٍ وَعَــــزْمٍ || كِـلا الـسَّــيْـفَـيْـنِ بَـتّـارٌ مَــهـيــب
************
أقــارِبُـكَ العَــقـارِبُ نَـبْــعُ سُـــمٍّ || زُعــافٍ مـــا لَــهُ أبَــداً نُـضــوبُ
لـهُــمْ فـي كلِّ مَـكْـرَهَـــةٍ وُجــودٌ || لـهُــمْ فـي كُــلِّ مَـفْــسَـدَةٍ دَبـيــب
هُــمُ السُّـفَــهـاءُ لـمْ يَأتــوا بِـخَـيْـرٍ || فَــلا شَــهـْمٌ وَلا رَجُـــلٌ نـجــيـب
هـمُ الأشْــبـاحُ إنْ سَمِـعــوا نِــداءً || هُـمُ الأنْــذالُ طَـبْــعُـهُـمُ الهُــروب
إذا عَــجَـزَ الكِـرامُ عـنِ المَـعـالي || فَـهــلْ يـبــدو لأنْــذالٍ نَـصــيــب؟!
فـلا تَـرْجُ المَــوَدَّةَ مِـــنْ سَــفــيـهٍ || كَــــذوبٍ لا يَــكُـــفُّ وَلا يَـتـــوب
وَعِــشْ فَــرْداً وَحــيداً مُـسْــتَـقِـلّاً || مَــبـادِئُـهُ هِـيَ الوَطـنُ الـرَّحــيـب
كَـفى يا قَــلـبُ لا تَخْـفِــقْ كَـثـيـراً || فَــكُـلُّ الـنّاسِ مَــسَّـهُـمُ الـلُّـغــوبُ
وَإنْ شِـئْـتَ الصَّلاحَ فَـكُنْ صَـبوراً|| لَـعَـلَّ مُـصاحِــباً لـكَ يَسْــتَـجـيـب
وَقُـــلْ يـا رَبِّ ثَــبِّــتْــنـي فَــإنّــي || لِـنـورِ الحَــقِّ وَالـحُـسْنى رَبـيـب
وإنّـي كـــادِحٌ كَــــدْحـــاً لِــــرَبّي || وَإِنّي قــدْ عَــلا رَأسي المَـشـيـبُ
فَـصَـبْراً يا بَـقايـا العُــمْـرِ صَـبْـراً || وَزيـدي مِـنْ وُضوحِـكِ يـا دُروب
لَـعَـــلّــي سـالِـكٌ دَرْبـاً قَـــويــمــاً || وَمِــنْـهُ إلى حِــمــى رَبّــي أَؤوبُ
**********
الشاعر حسن منصور
من المجموعة الرابعة عشرة، ديوان (القوافل) ص 10