لقد أحدثت شبكة الإنترنت وأجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة وغيرها من أشكال التكنولوجيا المختلفة ثورة فى كل جانب من جوانب الحياة البشرية على مدى العقود الماضية، بما في ذلك طرق التواصل، وإجراء المعاملات المصرفية عبر الإنترنت، والتسوق عبر المواقع المختلفة.
وقد خلقت هذه التطورات أيضا فرصاً لا تعد ولا تحصى لإرتكاب أشكال مختلفة من الجرائم السيبرانية، لا سميا في الوقت الراهن الذي يشهد تزايدًا ملحوظا لمختلف الأعمال التي يقوم بها الأفراد عبر التطبيقات الإلكترونية المختلفة والتي تستخدم شبكه الإنترنت، وهذا يؤكد علي أهمية الأمن السيبراني لهذه الأنظمة وذلك للحفاظ علي أمن وسلامة الوطن والمواطنين.
لقد أصبح الأمن السيبراني أكثر أهمية من أي وقت مضى في ظل التطور الرقمي الذي نعيشه، وقد تزايدت أهمية الأمن السيبراني في السنوات الأخيرة وذلك بسبب تزايد اعتمادنا على الأنظمة الرقمية من أجهزة الكمبيوتر وأجهزة الهواتف المحمولة في جميع جوانب حياتنا ومعاملاتنا. ومع تزايد استخدامنا لشبكة الإنترنت، أصبحت هذه الأنظمة عرضة للهجمات السيبرانية والإختراق من قبل قراصنة يهدفون إلى سرقة البيانات أو تعطيل الخدمات أو إلحاق الضرر بالبنية التحتية للشركات وبخاصة المؤسسات الماليه والبنوك مما يلحق الضرر بالمجتمع ككل.
يعتبر مفهوم الأمن السيبرانى من المفاهيم الحديثه نسبيا، حيث إرتبط ظهوره بالثورة التكنولوجية، وما تبعها من تحولات رقمية فى مختلف القطاعات والمؤسسات الحكوميه والخاصة على حد سواء.
ومع تزايد الإعتماد على التكنولوجيا فى كل شيء أصبح الأمن السيبرانى أحد أكبر التحديات التى تواجهها المؤسسات فى الوقت الراهن.
ويعرف الأمن السيبراني بأنه أمن الشبكات والأنظمة المعلوماتية، وأى بيانات تتعلق بالأجهزة المتصلة بالإنترنت، وعليه فهو المجال الذي يتعلق بإجراءات ومقاييس ومعايير الحماية المفروض اتخاذها أو الالتزام بها لمواجهة التهديدات المحتملة باستخدام البرامج والتقنيات التي تهدف إلى حماية هذه الشبكات والمعلومات والأنظمة من أجهزة الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر والخوادم للشركات والمؤسسات والأفراد من أى نوع من أنواع الاختراقات أو الهجمات الإلكترونية الضارة ومنع الغزو الإلكتروني الذي يهدد بالسيطرة على هذه الأنظمة أو التلاعب بالبيانات الحساسة المخزنة عليها.
ويظهر مفهوم الأمن السيبراني كرد فعل ضروري على تزايد ظاهرة القرصنه الإلكترونية، وتستمر أهمية الأمن السيبراني في النمو يوما بعد يوم مع تزايد أعداد المستخدمين للأنظمة الإلكترونية والأجهزة والبرامج الحديثة المتصله بشبكه الإنترنت، بالإضافة إلى الطوفان المتزايد من البيانات التي يعتبر الكثير منها حساسًا أو سريًا.
كما أن تزايد حجم وتطور طرق الاختراقات والهجمات الإلكترونيه وكذلك تقنيات الهجوم يؤدي إلى تفاقم المشكلة بشكل أكبر من أي وقت مضى، لذا يلعب الأمن السيبراني وبرامج الدفاع الإلكتروني دورا لا غنى عنه في حماية الأشخاص والمؤسسات بل واقتصاديات الدول.
لقد فوجئنا في مصر خلال الأيام القليلة الماضية بأخبار عديدة متداولة عن هجمات سيبرانية «قرصنة إلكترونية»، تضرب مؤسسات ومنشآت مصريه حيوية، أولاها كان ضد واحدة من أهم شركات المدفوعات المصرية وهى شركة «فوري» لحلول الدفع الإلكتروني والخدمات التمويلية الرقمية في مصر ما أصاب عملاء الشركة بحاله من الفزع خاصه بعد تعطل أحد تطبيقاتها بشكل موقت، نتيجة مزاعم انتشرت حول اختراق بيانات الشركة، والتي تم استهدافها ببرمجيات الفدية الخبيثة وفقًا لما تم إعلانه، والثانية ضد التطبيق الإلكتروني الخاص بمطار القاهرة الدولي والذى أعلنت مجموعة هاكرز تُعرف نفسها بإسم “أنونيموس كولكتيف” تبنيها لهذا الهجوم.
الجهات الرسمية المصرية إكتفت بتأكيد أن الهجوم السيبراني “نفذ من خارج الحدود المصرية”، مؤكدة أنها تتبع مصدره لكشف الجهة المسؤولة عنه مع التشديد على أن الهجوم “لم يستهدف أى بيانات” وهو ما يفرض تساؤلات عده متعلقة بقدرة الأنظمة الدفاعية التي تمتلكها الهيئات والمؤسسات المصريه على حماية البيانات والمعلومات الحساسة من مرمى الهجمات السيبرانية وما إذا كانت تفتقد لأنظمة حمايه فائقة تمكنها من تحديد هوية القائم بتلك الهجمات السيبرانية، أم أن الأنظمه القائمه تقتصر وظيفتها على رصد الهجمات والتصدي لها فقط.
وبغض النظر عن مدى الضرر أو التأثير الذي حدث نتيجة هذه الهجمات، فإن ما حدث يمثل ناقوس خطر ويدق جرس إنذار حول مدى جاهزية بيئة العمل في المؤسسات المصرية سواء الخاصة أو الحكومية لصد مثل هذه الهجمات، وأيضًا يلفت النظر إلى أهمية قيام الجهات المعنية بدورها الرقابي والتنفيذي نظرًا لحساسية البنية التحتية المعلوماتية في الحكومة المصرية.
إن الهجمات السيبرانية المتتالية التي تحدث في توقيتات متزامنة «ليست مصادفة»، فالمخترقون لهم أهداف متنوعة من بينها تحقيق الشهرة والربح أو الاستفادة السياسية، حيث يجد الهاكرز في أوقات الأزمات والحروب بيئة خصبة لاستهداف نطاقات ذات بنية تحتية حرجة في دول عدة، تدفعهم إلى تنفيذ عمليات واسعة.
ومن المتوقع أن تزداد وتيرة الهجمات السيبرانية خلال الفترة المقبلة بـ«تكتيكات مختلفة»، نظرا لما يمر به العالم من حروب وظروف إستثنائية “تشجع مجموعات الهاكرز على تكثيف هجماتها، ومنطقة الشرق الأوسط بلا شك أصبحت هدفاً رئيساً لتلك الهجمات فى الفتره الحاليه.
وإدراكاً منا لخطورة هذه التهديدات، فإننا نؤكد على ضروره إتخاذ كافه التدابير الاحترازية والإجراءات الإستباقية لمواجهة تلك الحوادث والتنبؤ بها قبل وقوعها لمجابهة هذه المخاطر نظرًا لأضرارها بالغة الخطورة والتي تمس بالأمن القومى المصرى.
كما أننا نهيب بالدولة المصرية أن تولى إهتماماً بالغاً بمجال الأمن السيبرانى وأن تسارع باتخاذ العديد من التدابير والإجراءات لتنظيم الفضاء الإلكتروني وحماية البيانات وذلك على المستويات كافة حتى تصبح قادرة على التصدي للتحديات والمخاطر العالمية الناجمة عن التهديدات السيبرانية، على النحو الذي يدعم جهود الدولة في عمليه التحول الرقمى وبناء مصر الرقمية من خلالها رقمنة الخدمات الحكومية وتبني المعاملات الرقمية وهو ما يتطلب رفع جاهزية مختلف الهيئات والمؤسسات لمواجهة أي تهديدات محتملة.
كنا ندعو إلى مواكبة أحدث الأليات والإطلاع على أفضل الممارسات والتجارب الدولية في مجال الأمن السيبراني والعمل على زيادة قدراتنا الفنية بشكل مستمر لحماية القطاعات الحيوية فى الدوله مثل الطيران والموانئ والبترول والاتصالات وغيرها.
وبناءً على ما سبق فإننا نطالب بتفعيل دور المجلس الأعلى للأمن السيبراني والعمل على تنميه الكوادر البشريه المدربة فى كافه الهيئات والمؤسسات لمواجهة أخطار الهجمات الإلكترونية المحتملة، وتبنى إستراتيجيه وقائيه لحماية المؤسسات الحيويه من عمليات القرصنة الإلكترونية.
كما نشدد في الوقت ذاته على أهمية تدشين “خطة إدارة كوارث” أو إدارة أزمة” ورفع درجات الاستعداد لمواجهه أى تحديات محتملة قد تنال من مقدرات الوطن.