عندما نظرت إليه، أحسست دبيب رعشة تسري داخلي.. تلك الرعشة التي طالما حلمت بها.. تلك الرعشة التي جعلتني أبدو في الثامنة عشرة من عمري بكل مترادفات هذه السن.
عيناه كانت تخترقني، وكأني ورقة من كتاب مقروء، تمنيت اقترابه مني.. تشابك أصابعنا، احتواءه لي.. قبلة حنونة تجعلني أغيب في جنبات زمن حلمت به طويلا.
لِمَ هو ؟ ولِمَ أنا ؟
سؤال تأرجح في خلايا عقلي وجسدي.. تلك الرعشة أوقفتني عن تفكير منطقي إلى الحلم.. وأردت أن يحتويني بذراعيه بحب فوق الحب، برغبة جارفة في الحنان العاطفي، معها دموع آهات مكبوتة تحت سماء المنطق والمفروض والواجب.
تلك الرعشة؛ أردت الخروج بها من عالم «الواقع» إلي «اللاواقع».. إلى عالمي أنا.. الذاتية والتوحد معه والذوبان فيه وبه.. الغفوة بين جنبات صوره والاستماع إلى دقات قلبه الكبير.
أمل أطمح للوصول إليه.. أمنية الاستئناس بحضن دافئ يرجع بي إلى الطفولة، التي تكمن داخل ستائر جسدي إلى السطح المكسو بجدية مصنوعة من عوالم قاسية، حديدية تفرضها مقتضيات عليً تحملها رغما عنًي.
تلك الرعشة – أتمناها دائما – برغم هطول أمطار الحزن وعواصف تقلبات الزمن وانفجار بركان الغضب.. عاصفا بقلب كان مستكينا، كامنا بعواطف العوالم الماضية واللاحقة.
تلك الرعشة هي مِن بيات يدي في يده.. لثمة من فمه علي خديً وجبيني.. احتواء ذراعيه لجسدي.. ضمة حنان.. صمت في العيون بمثابة كلام طويل، وسفر عبر الزمان في آلة الزمن الخرافية للنقل من زمن لزمن عبر سياج الحقيقة والممكن إلى اللاممكن.
أنتظرك كل يوم.. لتلك الرعشة التي عشقتها.. أتمنى الضمة التي حلمت بها .. هي تلك الرعشة التي من لثمة أصابعه لأصابعي.. أحيا كل يوم من أجلها.
زر الذهاب إلى الأعلى