منصب النائب العام في مصر رفيع المستوى، لدرجة أن مسؤوليته الوظيفية أمام رئيس الدولة مباشرة، ولا يتبع وزارة العدل، حيث يعين بقرار من رئيس الدولة، ولا يحق لأي شخص عزله أو إقالته، ويعد صاحب الحق الوحيد في رفع الدعوى الجنائية ومباشرتها، حسب المادة 21 من قانون السلطة القضائية 46لسنة 1972م.
ويختص النائب العام بالدفاع عن مصالح المجتمع والتصدي لأي جريمة تقع على أرض مصر أو خارجها، ويكون أحد أطرافها مصريا، فمن مهامه تحريك الدعوى الجنائية فيها، كما ينوب عن المجتمع في حمايته من الجرائم، ولا يجوز مراجعة قراراته أو التشكيك فيها، حتى داخل مجلس النواب، كما لايجوز لأي عضو بالمجلس التعليق على قراراته، لأنها تحمل قدسية الأحكام القضائية.
وبناءً على ماسلف فإنني أتوجه إلى معاليه مناشدا إياه بالتدخل العاجل لحماية مجتمعنا المصري من تلك القيم السلبية الشائنة التي تتمدد وتنخر في عظامه، فإذا كانت جريمة قتل نفس وإنهائها بأي وسيلة، وهي نفوس فرادى هنا أو هناك هي التي تتبادر إلى أذهان المواطنين، فإن هناك جريمة أشد شناعة في قوتها واتساعها وتأثيرها.
إنها جريمة معنوية ولكنها أعنف قتلا، وتأثيرها البدهي الانهيار التام للمجتمع، إنها جريمة انقلاب القيم إلى أحط درجات التدني، وذلك في مدارسنا وجامعاتنا بسبب تراجع مستوى التعليم بشقيه التربوي والعلمي، أضف إليها تحول دور الفن المصري إلى مسار من الإسفاف والدونية الأمر الذي لوث الذوق العام، وأسهم في صناعة انحراف الصبية والشباب خاصةً.
فهل لا توجد قوانين للحد من هذا الضياع المجتمعي ؟ أم أنها موجودة مع التقاعس في تفعيلها على النحو الجاد، الذي يقطع دابرها ؟ إنني بوصفي مواطنا مصريا يعشق تراب وطنه أناشدكم بعدد ذرات تراب مصر التحرك العاجل لمعالجة هذا الهم المصري بوصفكم المسؤول الأكبر عن حماية المجتمع وقيمه النبيلة من كل منحرف في موقعه.. سدد الله خطاكم ووفقكم إلى الاضطلاع بهذه المهمة لإنقاذ الوطن الذي لم يتبق من روحه إلا حشاشة حتى يلفظ نفسه الأخير.