بقلم- زهرة شوشة
51 عاما مرت علي ذكري انتصار قواتنا المسلحة في حرب أكتوبر، وبعد مرور تلك السنوات، لا نزال نتذكر صور التضحية والبذل والعطاء التي صنعها الأبطال بأرواحهم ودمائهم، وتبقى حرب أكتوبر 1973 نقطة فاصلة في تاريخ مصر والأمة العربية، تجسد العزيمة والشجاعة والتخطيط الاستراتيجي الذي كان له أثر عظيم على مصير المنطقة. وعلى الشباب أن يظلوا مرتبطين بهذه الذكرى المجيدة، ليس فقط لتمجيد الماضي، ولكن لاستلهام القوة والقدوة من بسالة الجندي المصري ونبوغ العلماء والمفكرين الذين ساهموا في هذا النصر التاريخي.
من أروع ما جسدته حرب أكتوبر هي بسالة الجندي المصري، وصيحة «الله أكبر» التى رددها المقاتلون أثناء العبور وفتحت طريق النصر . وعندما نتحدث عن الجندي المصري أثناء المعركة، نتحدث عن أبطال مثل “صائد الدبابات”، الذي حارب بشراسة واستخدم الـ”آر.بي.جيه” لتدمير دبابات العدو الإسرائيلي التي تُعدّ أحدث مدرعة في العالم. تلك الشجاعة التي أظهرها رجالنا البواسل وهم صائمون في ميادين القتال ليست مجرد قصة تُروى، بل درس يُستفاد منه في كل معركة حياتية ضد عدو صهيوني غاشم.
لم تكن حرب أكتوبر حرباً تقليدية تعتمد فقط على القوة العسكرية، بل كانت حربًا تستند إلى التخطيط الذكي. فكرة تدمير خط بارليف المنيع لم تأتِ من فراغ، بل كانت نتيجة لعبقرية المهندس المصري باقي زكي يوسف ياقوت، الذي أدرك أن المعارك ليست فقط مواجهة مع العدو فقط، بل فكرية أيضًا باستخدام خراطيم المياه لتحطيم الساتر الرملي، قلب المهندس المصري موازين الحرب بشكل مفاجئ، مبرهنًا أن العقول الذكية قادرة على التغلب على التحديات الأكثر تعقيدًا.
ولن تكتمل قصة النصر في أكتوبر دون الحديث عن العلماء المصريين الذين ساهموا بجهودهم الخفية، فكان للعالم المصري محمود يوسف سعادة الذي اخترع تركيبة وقود الصواريخ تأثير بالغ في سير المعارك، والتي مكنت قواتنا المسلحة من تطوير قواعد الصواريخ التي استخدمت في الهجوم، مما أدى إلى تكبد القوات الإسرائيلية خسائر فادحة. لم تكن تلك مجرد تركيبة كيميائية، بل كانت رمزًا للإبداع العلمي الذي كان له دور في تحقيق التفوق العسكري.
هذه نماذج ليست قصص من الماضي يجب أن تُروى على سبيل الذكرى فقط، بل هي أمثلة يجب أن يقتدي بها شبابنا اليوم. فالشباب المصري يمتلك القوة والذكاء، ويحتاج إلى الإيمان بقدراته تمامًا كما آمن أولئك الأبطال بقدرتهم على صنع المستحيل. البطولات التي سطّرها الجندي والمهندس والعالم في حرب أكتوبر تدعونا جميعًا إلى الإيمان بأن لا شيء مستحيل عندما يتحد الفكر والشجاعة.
اليوم، يواجه الشباب المصري الكثير من التحديات، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية. لكن بالنظر إلى النماذج البطولية في حرب أكتوبر، نجد أن كل تحدٍ يمكن التغلب عليه بالإرادة . وحين نتذكر محمد عبد العاطي “صائد الدبابات”، نستطيع أن نستلهم كيف يمكننا مواجهة الصعوبات الشخصية والمهنية. وعندما نتأمل في عبقرية المهندس الذي دمر خط بارليف، ندرك أن الفكر المبدع يمكن أن يفتح لنا أبواب النجاح حتى في أصعب الظروف.
لم تكن حرب أكتوبر مجرد فصل يُدرس في كتب التاريخ، بل يجب أن تكون حية في عقول وقلوب الشباب المصري. إن هذه البطولات ليست مجرد قصص تُحكى، بل هي شعلة نضيء بها طريق المستقبل. جيلاً بعد جيل، يجب أن نتذكر أن مصر حققت المستحيل حينما اجتمعت الإرادة والشجاعة والعلم. هذا الإرث ليس للتفاخر ، بل هو دعوة لكل شاب وشابة ليتجاوزوا كل العقبات ويحققوا ما يبدو للآخرين مستحيلاً.
ختاماً، فإن حرب أكتوبر ليست مجرد حدث عابر ، بل شهادة على أن مصر قادرة على تحقيق النصر مهما كانت التحديات.
زر الذهاب إلى الأعلى