فنونمقال رئيس التحريرمميز

فنانة تشكيلية مصرية مقهورة لكنها واثقة من نفسها.. قراءة في أعماق وأعمال سماح الشامي

 بقلم الدكتور/ محمود عزالدين

• للفنانة التشكيلية المصرية الحاصلة على البكالوريوس والماجستير من كلية الفنون الجميلة بالزمالك- «سماح أحمد الشامي»- تجربة فنية نابعة من تجربتها الشخصية.. وتؤكد «سماح» أن لوحاتها تشبهها فكلاهما يحمل الرومانسية والحزن والحيرة، وبعض الألغاز، وكثيراً من التساؤلات؛ ويعني هذا- بوجهة نظرها- أن لديها وعيا بمشاعرها وأفكارها، وبماهية وجوهر طرحها في أعمالها الفنية والإبداعية.

 

• ويتفق كلام الفنانة سماح الشامي مع يراه كثير من النقاد، من أن هناك «سرديّة كُبرى تفرضها اللوحة، من مُجرد ذكر الاسم، سرديّة التراجيديا الأبدية المُلازمة للوجود الإنساني.. السردية التي لا يحدها زمان، والتراجيديا التي تعد نوعًا من السفر، السفر نحو الداخل الإنساني، مهما تحجر هذا الداخل- بفعل تحجر الحداثة- وقسوة الواقع الذي يدفعنا إلى هاوية الاغتراب السحيقة.

 

• كثير من أعمال سماح الشامي تحوي شخوصا أشبه بأبطال لوحات «بابلو بيكاسو»، شخوص أرواحٌهم مُعذبة ومنهكة منطوية على نفسها في حزن وصمت، وهي تبدو كما المرآة «تعكس حُزننا الصافي، حُزننا الذي لم يترك في الصدر مُتسعًا لشيء. حُزننا الأزرق شحيح الضوء قارس البرودة. حُزننا الذي لا يُشرق فيه شيء، ولا نعوّل فيه على شيء» !!!

 

• لقد آمنت (سماح الشامي) مثل غيرها من رسّامين كثر، أن للوحات أرواحا، و«أن تلك (اللوحات- الأرواح) إذا كانت تصرخ أو تصور تراجيديا أو تسأل عن أصل وفصل الإنسان والوجود، فهي ليست مجرد لوحات كآبة أو حزن.. بل صلوات استغاثة انطلقت من أرواح مُنهكة، لتعبر عن جموع أخرى مُنهكة.. وإذا كنت تحسن السمع، ستجد أنها تقول: «رُبما يسمعنا أحد»!!

• إن الرسامين- وكما قيل بحق حسب موقع الجزيرة- أولئك الذين حلقوا بعيدًا عن المفاهيم الكلاسيكية للمنظور والأجسام والأبعاد والأشكال والألوان، وهم بذلك سلّطوا الضوء على فكرة “هناك شيء ما لا تراه وراء ما تراه”.
• وفي هذا الصدد، تقول سماح الشامي: «حقيقة الأمر .. بنظرة عامة وموضوعية.. المشاعر والأفكار ليست ملكي أنا فقط.. هي لجميع البشر .. إذن أنا أناقش قضايا إنسانية تخص الجميع، مش متقوقعة على نفسي ولا حاجة، زي ما كتير بيقول .. أنا بس قادرة أشوف إيه أكتر قضية شغلاني ومصدر إلهامي، زي ما كل فنان ليه تجربته الخاصة، اللي حابب يناقشها، ومثيره البصري ومصدر إلهامه. 
• وتواصل الفنانة سماح الشامي حديثها: فيه اللى استوحى من الفن المصري القديم، وفيه اللي ناقش قضايا المجتمع، وفيه اللي مهموم بالحروب، وفيه اللي بيحب يرسم لايف البورتريه أو منظر أو…… وغيره وغيره.

🔴 وفي اعتقادي أن «سماح الشامي» محقة تماماً في الطرح التالي، الذي طالما كان يشغل بالي، وأستفسر عنه من كثير من كبار الفنانين والنقاد الذين أجريت معهم حوارات معمقة نسبياً دون أن أظفر بإجابة شافية ومقنعة .. تقول سماح: على فكرة كتير من دول لما تبص على الفنان وأعماله تحس إن فيه حاجة غلط .. الفنان مش شبه شغله .. مفيش اتساق فكرى وإحساس.. فيه اغتراب، كأنه حد شاطر فاهم اللعبة وبس .. أو عارف إيه اللي ماشي أهوه نمشي معاه .. أو ناقل الشغل .. أو ناقد كان وراه وقال كلمتين حلوين عن شغله 

وتتساءل سماح الشامي:

– ليه لازم أنا كمان أناقش نفس اللى بيناقشوه ؟!

– ليه انسلخ من نفسي وأناقش حاجة مش حاساها مش مهمومه بيها .. وتجيب: أنا شايفة إن عندي ما هو أقوى ليحركني كفنانة ؟!

– ليه يتقالي من نقاد وأصحاب جاليرهات: ارسمي كذا وكذا علشان نعرضلك ؟!! فى حين أنا بشوف شغل معروض .. وحش .. بمعنى وحش، ولا يخضع للنقد، وفيه شغل مُخيف ومُقبض للنفس، لمجرد إن بقى فنان ليه اسم وكفاية إمضته على العمل.. لمجرد أنه ليه حد دعمه ووصله إنه يشارك في معارض وفاعليات كتير وهو لا يستحق .. لمجرد إنه صاحب منصب في مكان ما أو أبناء عاملين !!

 

• ربما تترجم الكلمات التالية بصورة نسبية شيئاً من بنات لوحات سماح الشامي حيث تقول: كلنا في الوسط التشكيلى عارفين إن المشهد عبثي، وهتكسب لو ليك حد يسندك أو اسمك كبير.. صحيح بمجهودك ممكن توصل بس بعد سنين.. دا لو قدرت تكون صامد في وجه التيار العنيف !!!

 

• تواصل سماح كلامها المغلف بإطار من الحسرة والمرارة: عارف زي أبطال الأفلام والمسلسلات كدا .. فيه ناس متصدرة المشهد وواخدين دايما أدوار البطولة، وهم عديمو الموهبة.. بقول الكلام ده لأني محبطة ومقهورة على نفسي

من أول نتيجة البكالوريوس اللي اتظلمت فيها ومقدرتش أفرح بيها .. لحد النهاردة.. أنا طول سنين عمري بعافر وبسعى في حاجة أنا بحبها وصادقة فيها.. أنا مليش حد بيدعمني، وللأسف اى أستاذ أو فنان كبير طلبت منه دعم أو توجيه في الفن .. رفض بشياكة طبعاً.

 

• وعلى الرغم من هذا القدر الهائل من مشاعر الأسى والأسف والإحباط، إلى أن الفنانة التشكيلية سماح الشامي تنهي حديثها بكلمات إيجابية لا تخلو من التفاؤل المشوب بالكبرياء والثقة بالنفس:

🔴= لكل اللي شايف شغلي حزين .. معلش غمض عينك

🔴= لما اتخطى القهر والحزن اللي بشوفه .. اللي أكيد مش واضح منه إلا القليل ليك .. أكيد تجربتي الفنية هتختلف وتتطور .. لأني فنانة صادقة وحرة.. راجعوا تاريخ الفن.. هتلاقوا أعظم الفنانين كانت أعمالهم الفنية نابعة من تجارب شخصية.

_____________

• قراءة وإعداد وصياغة:

د. محمود عبد الكريم عزالدين

فنان وناقد وباحث متخصص

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى