
بقلم- زهرة شوشة
مع حلول شهر رمضان، تتجدد الأجواء الروحانية وتتغير العادات اليومية، ويظل هناك جانب اقتصادي يستحق التوقف عنده، وهو الارتفاع الملحوظ في معدلات الاستهلاك.
تمتلئ الأسواق بالمستهلكين، رغم ارتفاع الأسعار، ويتسابق الكثير على شراء كميات كبيرة من المواد الغذائية والسلع، وكأنها ستنقطع، رغم أن المنتجات متوفرة طوال الشهر بلا انقطاع. فالاندفاع نحو الشراء له أسباب متعددة، أبرزها التأثير الكبير من الإعلانات التجارية التي تغري بالعروض والتخفيضات لتجعلهم يخزنون أكثر مما يحتاجون. يضاف إلى ذلك العادات الاجتماعية التي تربط رمضان بالعزائم والموائد العامرة، مما يدفع الأسر لإنفاق مبالغ طائلة على الطعام. كما أن البعض يشعر بضرورة تخزين كميات كبيرة من السلع خوفًا من نفادها وارتفاع أسعارها، رغم أن الأسواق لا تنفذ منها المواد الاستهلاكية، لكن هذا النمط من الإنفاق المفرط يترتب عليه العديد من الآثار السلبية.
– أولها، الضغط على ميزانية الأسرة، حيث يستهلك رمضان جزءًا كبيرًا من الدخل بسبب الشراء العشوائي. كما يؤدي الإسراف في الطعام إلى هدر كميات ضخمة تُلقى في القمامة، في وقت يحتاج فيه الكثيرون إلى المساعدة. ناهيك عن الفوضى والازدحام في الأسواق، التي تجعل التسوق مهمة صعبة بدلًا من أن تكون مريحة. فإدارة المصروفات بحكمة في رمضان لا تعني التقشف، بل تعني الشراء بذكاء. ويمكن تحقيق ذلك عبر وضع ميزانية محددة تغطي الاحتياجات الأساسية فقط، مع التخطيط المسبق للوجبات لتجنب التبذير.
– ثانيها، من الأفضل شراء المنتجات الطازجة باستمرار بدلًا من تخزينها بكميات كبيرة قد تفقد جودتها. كما أن التمييز بين الحاجة والرغبة يساعد في تجنب الوقوع في فخ العروض المغرية التي تستهلك المال دون فائدة حقيقية. فرمضان ليس موسمًا للإسراف، بل فرصة لمراجعة سلوكياتنا الاستهلاكية والتوازن بين الاحتياجات الحقيقية والاستمتاع بأجواء الشهر دون ضغوط مالية.
فلتكن البركة في التدبير، وليس في التبذير، حتى يكون الشهر الكريم مصدر خير وسعادة للجميع. كل عام وأنتم بخير، أعاده الله علينا جميعًا بالخير واليمن والبركات.