فنونمقال رئيس التحريرمميز

سامي الغربي .. تجربة فنية غنية وعميقة وسيمفونية بصرية متكاملة

• تكشف أعمال الفنان التشكيلي التونسي سامي الغربي- ابن مدينة بنزرت- عن رؤية متكاملة للفن، حيث تتداخل خبراته في الخط والموسيقى والتصميم، لتنتج لوحات تنبض بالإيقاع البصري.

____________________

عرض وتحليل:

د.محمود عبد الكريم عزالدين

___________________

• من الواضح أن استخدام «الغربي» التفاصيل الدقيقة والزخارف المعقدة، يخلق إحساسا بالحركة والتناغم، وكأن كل خط في اللوحة يعزف نغمة من سيمفونية بصرية متكاملة.

• هذا المزج بين الحرفية العالية والخيال الواسع، يمنح أعماله طابعا معاصرا يستلهم روح التراث، دون أن يتقيد به، فيقدم تجربة فنية غنية وعميقة، تدعو المتلقي للتأمل والاكتشاف المستمر.

• أعمال سامي الغربي تمثل تمازجًا لافتًا بين التشكيل والخط، حيث لا يظهر الحرف كعنصر زخرفي فقط، بل يتحول إلى بنية تشكيلية تحمل دلالات رمزية عميقة.

• في إحدى لوحاته مثلاً، يندمج النص العربي مع صورة المصافحة، ليكوِّن فضاءً بصريًا يُجسّد فكرة التلاقي والتواصل؛ بما يعني أن الحروف عنده ليست مجرد كتابة، بل هي جسد العمل وروحه، تتحرك بانسياب لتؤسس إيقاعًا بصريًا يعكس حسه الموسيقي.

• يعتمد «الغربي» على تناقضات لونية مدروسة مثل (الذهبي والأسود)، لإبراز التوازن بين الامتلاء والفراغ، وبين الصمت والصوت، ما يمنح العمل بعدًا دراميًا وشاعريًا في آن معاً.. أما تفاصيل الخطوط وانحناءاتها فتُظهر مهارة عالية في استثمار جماليات الخط العربي وتطويرها، في سياق معاصر، يتجاوز القوالب التقليدية.

• تعتمد تجربة سامي الغربي على بناء رؤية بصرية متكاملة، تنبع من إدراك عميق لوظيفة الفن، بوصفه وسيلة للتعبير الجمالي والفكري، في آن معاً.

💠= يمكن تحليل أعماله عبر ثلاثة محاور رئيسة:

(1)- الخط العربي بوصفه بنية تشكيلية؛ إذ لا يتعامل «الغربي» مع الحرف كعنصر ثابت أو تقليدي، بل يحرره من دوره الوظيفي، ليصبح كائنا بصرياً نابضا بالحركة.. والحرف عنده لا يزيّن اللوحة فقط، بل يشكّل بنيتها، ويؤسس لتوازنات معقدة بين الكتل والفراغات.. والأمر المؤكد أن هذا التناول يمنح أعماله طابعا معاصرا دون أن يفقدها ارتباطها بالهوية البصرية العربية.

(2)- التصميم والموسيقى في صياغة الإيقاع البصري؛ تنعكس خبرة «الغربي» كمصمم وموسيقي في إيقاع لوحاته.. وتتوزع العناصر بتوازن مدروس، وتتكرر الخطوط والزخارف بطريقة تشبه التوزيع النغمي، في المقطوعات الموسيقية؛ ما يمنح المشاهد إحساسا بالتدفق والانسجام.. وهذه السمة تجعل أعماله قابلة للتأمل الطويل، حيث تتكشف تفاصيل جديدة مع كل نظرة.

(3)- البعد الرمزي والفلسفي؛ يمنح سامي الغربي موضوعاته أبعادا فكرية تتجاوز الجانب الجمالي؛ ففي أعماله، نجد قيمًا مثل التلاقي، التعدد، والتكامل، متجسدة في تراكيب بصرية تعكس صراعا متوازنا بين الامتلاء والفراغ، وبين الفردي والجماعي.. والخلاصة أن لوحاته ليست مجرد زخارف، بل نصوص بصرية تطرح أسئلة حول الهوية والذاكرة والاتصال الإنساني.

💠= بشكل عام، ينجح الفنان التشكيلي والخطاط والمصمم التونسي سامي الغربي في صياغة تجربة فنية، تعبر عن حوار بين التراث والحداثة، حيث يذيب الحدود بين الفنون (التشكيل، الخط، التصميم، الموسيقى) ليصنع لغة خاصة به.. وهي لغة تتسم بالدقة التقنية، والعمق الروحي، في الوقت ذاته- (شارع الصحافة) منبر المبدعين في كل مكان.

• عرض وتحليل:

الدكتور محمود عزالدين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى