رؤية تحليلية بقلم:
الدكتور محمود عزالدين
• انطلاقاً من مبدأ الشفافية الذي طالما نادت به القيادة السياسية والحكومة المصرية، وحرصاً على دعم قيم العدل وتكافؤ الفرص داخل مؤسسات الدولة.. تنشر (شارع الصحافة) هذا التقرير التحليلي، بمنتهى الحياد والموضوعية، من دون انحياز لأي طرف، إيمانا منها بأن الإعلام شريك في الإصلاح وليس خصماً لأحد.
• ويأتي هذا النشر في إطار كشف الحقائق للرأي العام، واعتباره بلاغا رسمياً إلى جميع الجهات المعنية والأجهزة الرقابية بالدولة، للتحقق من الوقائع المثارة بشأن نتائج مسابقة القيادات الإشرافية بمديرية التربية والتعليم بمحافظة الفيوم، وما تضمنته من تساؤلات تتعلق بغياب المعيارية والشفافية في إجراءاتها !!
• بداية ينبغي التذكير بأن المسابقات الإدارية والقيادية في مؤسسات الدولة تُعدّ أحد أهم آليات تجديد الدماء، وضمان كفاءة الأداء وتحقيق العدالة الوظيفية.. غير أن تلك الغاية السامية لا تتحقق إلا إذا التزمت الجهات المنظمة بالمعايير الموضوعية، والشفافية التامة في التقييم والاختيار.
• وفي ضوء ما أثير مؤخراً حول نتائج مسابقة القيادات الإشرافية بمديرية التربية والتعليم بمحافظة الفيوم، تبرز تساؤلات مشروعة تمس جوهر العدالة الإدارية ومبدأ تكافؤ الفرص.
🟩= أولاً: الإشكالية الجوهرية وتتمثل في غياب المعيارية والضبابية في الإجراءات:
– يشير (أحد المتضررين من نتائج المسابقة) في حديثه لـ«شارع الصحافة»، إلى أن الحكم القضائي الصادر للدكتور محمد عبد القوي باعتباره مديرا لإدارة يوسف الصديق التعليمية، ليس حكما نهائيا، متسائلا عن كيفية إعلان نتيجة المسابقة قبل حسم هذا النزاع القضائي ؟؟!
– وهنا تتجلى الإشكالية الأساسية: كيف يمكن اعتماد نتائج مسابقة قيادية، في ظل وضع قانوني لم يُحسم بعد؟؟!
(ملاحظة: الحكم كان صادرا بشأن تولي الدكتور عبدالقوي إدارة يوسف الصديق، لكن مدير المديرية كلفه بإدارة أبشواي التعليمية، وهذا مخالف للحكم الصادر) !!!
• من المنظور الإداري والقانوني، فإن صدور قرار في شأن إداري قبل استقرار المركز القانوني لأحد أطرافه، يُعد إخلالا بمبدأ المشروعية، وقد يترتب عليه بطلان النتائج اللاحقة لصدور القرار؛ فالمعيارية هنا ليست فقط في الكفاءة المهنية، بل أيضا في سلامة الأساس القانوني للإجراء.
🟩= ثانياً: تجاوز القواعد باختيار شخص من خارج المسابقة:
– أكد لنا أحد المتصررين أنه تم اختيار إخصائي اجتماعي من خارج المسابقة، ليشغل موقع وكيل إدارة تعليمية، ما يثير تساؤلات عميقة حول مدى احترام مبدأ «تكافؤ الفرص»، و«التنافس النزيه».
– ففي أي منظومة إدارية منضبطة، لا يجوز تعيين شخص لم يخضع لنفس شروط المسابقة، ولا لتقييم لجانها في موقع يتنافس عليه آخرون، داخل الإطار ذاته .. والأمر المؤكد أن مثل هذا الإجراء يُفقد المسابقة معناها، ويفتح الباب أمام شبهات المحاباة، والتدخلات الشخصية، ما يضرب مصداقية الإدارة التعليمية في الصميم !!!
🟩= ثالثاً: الأثر الإداري والاجتماعي لغياب المعيارية:
– بكل تأكيد، يؤدي غياب المعيارية إلى تداعيات سلبية متعددة المستويات ومنها ما يلي:
(1)- إحباط الكفاءات الحقيقية، التي ترى جهودها تضيع سدى بسبب غياب العدالة.
(2)- اهتزاز الثقة في المؤسسات التعليمية والإدارية؛ إذ يشعر العاملون أن نتائج المسابقات تُحسم خارج إطار الجدارة.
(3)- تراجع الأداء المهني، فحين تُغيب الكفاءة لصالح العلاقات، يصاب الجهاز الإداري بالجمود والتراجع.
• المؤسف والمخجل أن انعكاسات مثل هذه القرارات لا تقتصر على الأفراد، بل تمتد لتؤثر على سمعة مديرية التربية والتعليم بالفيوم، وتضع علامات استفهام حول آليات الرقابة الداخلية، وحياد اللجان المشرفة على الاختيار !!
🟩= رابعاً: البعد القانوني والأخلاقي:
– من الناحية القانونية، يُعد تجاهل حكم قضائي لم يبلغ درجة النهائية أمرا يحمل خطورة، إذ يمكن الطعن في القرارات الإدارية المبنية عليه، لعيب في محل القرار أو الاختصاص.
– أما من الناحية الأخلاقية، فإن الإدارة العامة مطالبة بأن تكون قدوة في احترام القانون، لا أن تستبق أحكامه.. فمبدأ (العدل أساس الملك)، لا يُفترض كشعار، بل كممارسة مؤسسية يومية.
🟩= خامساً: نحو إصلاح إداري يضمن المعيارية والشفافية:
• إن إصلاح مثل هذه الإشكاليات لا يتحقق بمجرد نقدها، بل يحتاج إلى إجراءات ملموسة، من أبرزها:
– إعادة فحص نتائج المسابقة، في ضوء الملاحظات القانونية المثارة.
– إيقاف اعتماد التعيينات محل الجدل، لحين البت في الوضع القضائي القائم.
– تشكيل لجنة محايدة من خارج المديرية، لمراجعة معايير التقييم والاختيار.
– نشر معايير التقييم علانية لتعزيز الثقة والمساءلة المجتمعية.
– تفعيل الرقابة الإدارية والمساءلة التأديبية، لمن يثبت تورطهم في تجاوزات أو مجاملات.
🟩= خلاصة القول، ووفقاً للأوراق والمستندات المتوافرة لدينا- والتي من الوارد إرسال نسخة منها إلى وزير التربية والتعليم والتعليم الفني السيد/ محمد عبد اللطيف، ومحافظ الفيوم الأستاذ الدكتور أحمد الأنصاري، ووزيرة التنمية المحلية الدكتورة منال عوض .. يجوز الافتراض بأن قضية مسابقة القيادات الإشرافية بالفيوم، تكشف بوضوح عن أزمة معيارية، تضرب عمق الإدارة التعليمية.
• أخيراً نشدد على أن العدالة الإدارية ليست ترفا، بل هي شرط جوهري لنجاح أي نظام تربوي أو إداري .. وإذا لم تُراجع المديرية إجراءاتها بجدية وشفافية، فإنها تخاطر ليس فقط بمصداقيتها، بل بثقة المجتمع كله في المنظومة التعليمية والتربوية، بعناصرها كافة.. والله والحقيقة من وراء القصد.
🟩🟩🟩🟩
إعداد وإشراف:
د.محمود عبد الكريم عزالدين