ملفاتمميز

تمديد اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية.. بين الإيجابيات والمخاطر ومحددات النجاح

شارع الصحافة/ تقرير- علي الحاروني:

بلا شك فإن الحرب الأوكرانية – الروسية قد أدت إلي قلق عالمي يتعلق بإمدادات عدد من المنتجات الزراعية والحيوية نتيجة أن تلك الحرب قد أدت إلي حدوث شلل بحركة شلل بحركة تجارة الحبوب في البحر الأسود وفي حركة الملاحة الجوية لاسيما وأن كلاً من روسيا وأوكرانيا مصدران رئيسيان للمنتجات الزراعية وكلاهما يلعب دور رائداً في إمداد الأسواق العالمية بالمواد الغذائية وهذا ما أكده تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) في أن هاتين الدولتين تستحوذان علي 53 % من التجارة العالمية من زيت عباد الشمس والبذور و 27% للقمح و23 % للشعير و 14% للذرة، وتعتبر أوكرانيا رابع أكبر دولة مصدرة للقمح في العالم وهي تنتج في العادة 42 % من الانتاج العالمي من زيت بذور عباد الشمس و 16% من الذرة و9% من القمح.

 

ومن هنا كانت اهمية اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية الذي تم توقيعه في 22 يوليو 2022 م في قصر (دولما بهجة) في مدينة أسطنبول التركية برعاية الأمر برعاية الأمم المتحدة لاستمرار وتأمين الحبوب وبعض المنتجات الغذائية المهمة مثل زيت عباد  الشمس من موانئ البحر الأسود عبر ممرات آمنة نحو مضيق البوسفور التركي ومنه الي مختلف الموانئ بحراسة أمنية أممية وتركية وذلك كله لمجابهة تداعيات الحرب الاوكرانية  – الروسية منذ فبراير 2022 م علي العالم حيث تفاقم اضطراب سلاسل الامداد والتوريد وتباطؤ النشاط الاقتصادي بالتزامن مع ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الغذائية والأساسية والمواد الخام فضلاً عن ارتفاع تكلفة الشحن والنقل بمختلف أنواعه ، مع ارتفاع موجة التضخم العالمية لاسيما تلك الدول التي تعتمد علي الاستيراد في تأمين احتياجاتها من الغذاء والطاقة.

 

وأملا في تجنب تزايد الأزمة الغذائية العالمية تم استئناف تصدير الحبوب والأسمدة لمدة 120 يوما حتي 19 نوفمبر 2022م قبل أن يتم تمديد الاتفاق في 17 نوفمبر 2022م لمدة 4 أشهر أخري كإجراء حيوي ومدعوم أمميا لضمان تدفق الإمدادات الغذائية إلي العالم.

 

وعلى الرغم من ايجابيات تمديد اتفاقية تصدير الحبوب لمكانة روسيا واوكرانيا في تجارة الغذاء العالمية، إلا أن هناك مخاوف دولية من عدم صمود اتفاق تصدير الحبوب خاصة في ظل استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية والتصعيد بين طرفيها فضلاً عن قيام موسكو مسبقا بتعليق مشاركتها في هذا الاتفاق في أواخر أكتوبر 2022م فما هي ايجابيات تمديد اتفاقية تصدير الحبوب الروسية الاوكرانية .

وما هي المخاوف والمحاذير الدولية تجاه هذا الاتفاق ؟ وكيفية توفير المناخ الآمن والعوامل اللازمة لنجاح هذه الاتفاقية ؟ هذا ما سوف تناوله عبر ثلاثة محاور رئيسة.

أولا- نقاط مضيئة في تمديد اتفاقية تصدير الحبوب:

لقد حظي تمديد اتفاقية تصدير الحبوب بأهمية كبيرة بالنظر إلي مكانة روسيا واوكرانيا في تجارة الغذاء العالمية ولما له من انعكاسات ايجابية علي الأمن الغذائي العالمي حيث يضمن هذا الاتفاق ضمان تدفق الإمدادات العالمية من الغذاء حيث نصت الاتفاقية علي رفع الحصار عن ثلاثة موانئ أوكرانية رئيسية تطل علي البحر الأسود مما سمح بتداول المزيد من المواد الغذائية مع ضمان وصولها إلى الأسواق العالمية مما ساهم في تخفيف حدة الأزمة الغذائية حيث تعتمد العديد من دول العالم وتحديدا دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا علي الإمدادات الغذائية القادمة من البحر الأسود.

 

وبناء علي ذلك بلغت صادرات أوكرانيا من الحبوب حوالي 11 مليون طن منذ يوليو 2022م وحتي نوفمبر 2022م وبخاصة الذرة بنسبة 43 % يليها القمح بنسبة 29% فمنتجات عباد الشمس بنسبة 13% لتحتل باقي الحبوب بنسبة 15% وذلك وفقا لأحدث البيانات الصادرة عن مجلس الاتحاد الأوروبي.

 

كما أن الاتفاقية وما أشارت إليه من تصدير الحبوب للأسواق العالمية أدت إلي تراجع أسعار المواد الغذائية مما حال دون وقوع حوالي 100 مليون شخص في الفقر المدفع وفقا لتقديرات البنك الدولي لعام 2022م / 2023م.

ثانياً- مخاطر وتحديات حول إمكانية صمود اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية:

علي الرغم من الاتفاق علي تمديد الاتفاقية لمدة 120 يوما في 17 نوفمبر 2022م تحت رعاية الأمم المتحدة ووساطة تركيا ، إلا أن هناك العديد من العقبات أمام إمكانية صمود هذا الاتفاق في ظل استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية ومن أهمها لجوء روسيا إلي تعليق مشاركتها في اتفاق الحبوب كما فعلت في أكتوبر الماضي ردا علي سلسة من الهجمات الاوكرانية بواسطة طائرات بدون طيار علي سفن روسية وذلك كله بهدف الدفاع عن مصالحها الخاصة او الرد علي أي هجمات محتملة ضدها.

وقد يقلل استمرار الحرب الروسية – الاوكرانية وتعرض موانيها للقصف  من فاعليه الاتفاقية وجدواها علي أرض الواقع، مع الوضع في الاعتبار ان الحرب الاوكرانية قد فرضت تكاليف إضافية لتأمين سفن الحبوب التي تغادر مواني اوكرانيا نظرا لارتفاع معدل المخاطر المرتبط بالمرور في البحر الأسود حيث ضاعفت شركات التأمين البحري أقساط التأمين علي اعتبار البحر الأسود وبحر آزوف مناطق عالية الخطورة.

ثالثاً- محددات وعوامل نجاح اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية:

يتوقف نجاح واستمرار فاعلية تنفيذ اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية وبما يضمن تحقيق الأمان الغذائي العالمي علي عديد من المحددات والعوامل ومن أهمها توسيع نطاق الاتفاق لتشمل دولاً غربية أخرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا خاصة وأن القوى الغربية أصبحت أطرافاً مشاركة في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا لاسيما فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي منها.

ويتعين على الأطراف المشاركة في اتفاقية تصدير الحبوب ضرورة وضع ضمانات كافية للالتزام ببنودها ، مع ضمان تيسيرعملية تصدير الأسمدة الروسية واستقرار الإنتاج الزراعي الأوكراني خاصة وأن إنتاج المحاصيل الزراعية في أوكرانيا لاسيما الحبوب تواجه صعوبات شديدة في ظل الحرب الجارية ومن هنا فإن علي الأطراف الدولية أن تحفز المزارعين الأوكرانيين علي التوجه لزراعة الحبوب بما يضمن صمود الإتفاق وتحقيق أقصى استفادة منه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى