المصير لـ (الشاعر حسن منصور- الأردن)
أقـــولُ بِـنَـبْـرَةِ صِــدْقٍ بَسـيـطٍ: || أحِـــبُّ الحــياةَ وعَــهْــدَ الشّـبابْ
وَأَكْــرَهُ شـيْـئاً يُسَـمّى الـفَـــنـاءَ || ولـوْ طالَ عُمْري أَوِ الرّأسُ شابْ
وَإنَّ بِـهــذي الحـــيـاةِ فُـنــــوناً || وَألـوانَ سِـحْـرٍ وشـهْـــداً مُـــذاب
وَتَخْـلُــبُ ألْـبـابَ كـلِّ الـبَــرايا || وَكُـلُّ الـنّـفـوسِ لهــا في انْجِــذابْ
طُـقــوسُ الحـياةِ غِــذاءٌ شَـهِيٌّ || بِهِ الــرّوحُ عاشَتْ بهِ القـلبُ طاب
فَـعَـهْـدُ الطّفـولةِ حُـلْـمٌ جَـمـــيلٌ || أَرى فـيـهِ لُــبّي رَهــينَ اخْــتِلاب
يَلـوحُ ويلـمَـعُ حــيـناً وَحـــيـنـاً || بِـبَــيْـداءِ ذِهْـــنِيَ مِــثْـلَ السَّــراب
أُسافرُ فـيهِ إلى حَـيْـثُ يَمْــضي || كـأنّي أَعــيـشُ بِـتِـلْـكَ الـرِّحـــاب
وَيَوماً أسيرُ الهُــوَيْـنى ويَـوْمــاً || تَـراني أُحَـــلّـقُ فـــوقَ السَّـحــاب
أُناجـيهِ بِالـرّوحِ وهــوَ سَــرابٌ || وَأَدْعـــوهُ لِـلــرَّدِّ وهْـــوَ الـيَـبــاب
وَكلُّ شُعـوري عَـلـيْهِ اسْـتَـقَـــرَّ || وَقَـلـبي إليـهِ صَـغــا وَاسْــتَـجـاب
********
وَتَسْـرَحُ بي شـارِداتُ الخَـــيالِ || وَأَسْــكَـرُ فـيــهـا بِغَـــيْـرِ شَــراب
فَـتَـبْــرُزُ لي ذِكْـرَياتُ الـشَّـبابِ || وَذِكْــرى الــدِّيارِ وَحُــلــمُ الإِياب
أُعـانِـق تِلـكَ الـرُّبــوعَ وَأبْـكــي || وَروحي تَهـــيـمُ بِـذاكَ العَــــذاب
وَكـمْ سَيْفُ ذِكْرى تَخَـضَّبَ بِالشَّهْـــدِ يَبْـلُـغُ في الـقـلْبِ حَـتّى الـلُّباب
فَـيَحْـضِنُهُ القَـلْـبُ وَهـوَ جَــريحٌ || وَعّـيْـني تَـراهُ مِــنَ الـوَجْــدِ ذاب
وَلـكــنْ يَفِـــزُّ كَــطَــيْـرٍ ذَبـيــحٍ || يَطـيـرُ يُحَــلِّــقُ فَـــوْقَ الـقِـــبـاب
وَفــوقَ البُـيــوتِ وَفَـــوقَ المَـــآذِ نِ فــوقَ الجِبالِ وَفــــوقَ الشِّعـاب
وفـوقَ السُّهـولِ وَفـوْقَ الحُقـولِ || عـلى كلِّ وادٍ وَفَــوْقَ الهِـضــاب
ذَبـيـحٌ يَـطــيـرُ وَيَسْجَـعُ لَـحْــنـاً || يُـبَـكّـي الصُّخــورَ يُذيبُ الـتُّراب
يُعـانِـقُ تِـلـكَ الــرُّبى بِجُـــنـونٍ || فَـتُـبْـدي لـهُ الشَّـوْقَ بعـدَ الغِــياب
**********
وَتَـنْــزِفُ مِـــنْ دَمِــهِ أنْـجُـــــمٌ || تُضيءُ الظّـلامَ وَتَمْحــو الضَّباب
وَتــرْفَــعُ لِـلحَـقِّ ألــفَ لِـــــواءٍ || وفيها الجَـوابُ وَفَـصْلُ الخِـطاب
فلسطـينُ لَيْسَتْ مَــتاعـاً يُـبـاعُ || وَلا صَفْـقَــةً خَـضَعَــتْ لِـلحِساب
وَلكِـنَّهـا الأرْضُ وَالـعِــرْضُ وَالـنّاسُ هــذي الثّـلاثَةُ دونَ انْشِـعـاب
وَلـنْ تَـنْـحَـني لِـلـغُــزاةِ جِــباهٌ || وَلَنْ يَكْسِرَ الرّوحَ فِعْـلُ اغْـتِصاب
وَكَمْ مَـرَّ مِـنْها الغُــزاةُ وَلكِــنْ || مَـضَـوْا عـابِـرينَ دُروبَ التّـبـاب
وَلمْ يُغْــنِ عَـنْهُـمْ سِلاحٌ وَمـالٌ || وَمـا كانَ يَـتْـبَــعـُـهُــمْ مِـنْ كِلاب
وَلـمْ يَجِــدوا الخَـيْرَ وَانْـقَـلَـبوا || بِســوءِ مَــــآلٍ وَشَــرِّ انْـقِـــــلاب
وَظَـلّـتْ فِلَسطينُ رَمْـزَ الْإِبـاءِ || وَتاريخَ شَـعْـبٍ عَــزيزِ الجَــنـاب
الشاعر حسن منصور
من المجموعة الثالثة عشرة (بدون عنوان) ص 71