ملفات

عقلية التساؤل  (إعداد: د. شيماء قنديل- مصر)

عقلية التساؤل؛ تعني التشكيك في الوضع القائم (Status Quo)، والسعي المستمر للتحسين والابتكار.. فهي نمط تفكير يركز على «السؤال»، الذي يصبح أداة رئيسة للتعلم والمعرفة؛ حيث يولد السؤال أفكاراً جديدة لم تُطرح من قبل.

هذا النمط من التفكير يتسم بالفضول والانفتاح والاستعداد الذهني الدائم للبحث والتقصي وطرح الأسئلة بصفة دائمة، بدلاً من قبول الأمور كما هي، دون تمحيص، وتدقيق؛ فهو يعكس رغبة داخلية في الفهم العميق.

أصحاب هذه العقلية لديهم شعور دائم بعدم الاكتفاء بالمعطي، والرغبة في التحقق الذاتي المستمر، فهم لا يكتفون بالإجابات السطحية أو التقليدية، بل يسعون إلى الفهم العميق وتحليل الأسباب والخلفيات والسياقات المختلفة لأي مسألة. فهم يتميزون بالمرونة الذهنية والفضول، والشك المنهجي الذي يدفعهم لاستكشاف الحقائق بدلاً من تلقيها بشكل سلبي.

• أهم خصائص عقلية التساؤل:

الفضول المعرفي: الرغبة الدائمة في التعلم ومعرفة “لماذا” و”كيف” تحدث الأشياء.

الشك البنّاء: عدم أخذ المعلومات كمسلمات، بل التحقق منها ومساءلتها، والنظر للأمور من زوايا مختلفة.

تقبل الغموض وعدم المعرفة المؤقتة: فلا يخجل من عدم المعرفة بل يعتبرها بداية للبحث.

البحث عن المعنى: السعي لفهم الخلفية، والأسباب، والنتائج، وليس فقط التفاصيل.

الانفتاح الفكري: تقبُّل وجهات نظر متعددة والنظر في زوايا مختلفة للموضوع.

الإبداع وحل المشكلات: طرح الأسئلة يساعد على رؤية الأمور من منظور جديد، مما يؤدي إلى حلول مبتكرة.

التعلم المستمر: من خلال التساؤل، يصبح الفرد أكثر قدرة على التعلم والنمو المعرفي والعقلي.

• كيف ننمي عقلية التساؤل لدى الأفراد؟

تنمية عقلية التساؤل لدى الفرد هي خطوة مهمة نحو بناء شخصية ناقدة، مبدعة، ومتعلمة مدى الحياة. فهي تعزز من التفكير النقدي، وتساهم في تنمية مهارات البحث والتحليل والقدرة على حل المشكلات واتخاذ القرار لدي الفرد، مما يؤدي إلى بناء فهم أعمق وأكثر دقة للأمور. وهي لا تعني فقط طرح الأسئلة، بل طرح الأسئلة الصحيحة بفضول ووعي. ويمكن تنمية هذه العقلية من خلال:

أولاً: خلق بيئة محفّزة على التساؤل، وذلك من خلال التشجيع علي النقاش المفتوح الذي يزيد من فرص التساؤل مع مراعاة احترام كافة الأسئلة المطروحة دون السخرية أو الإهمال لأي سؤال يتم طرحه، فكل سؤال هو بداية لمعرفة جديدة.

ثانياً: التدريب على مهارة طرح الأسئلة، وخاصة أنواع الأسئلة مفتوحة النهاية والأسئلة النقدية؛ حيث أن هذا النوع من الأسئلة يساهم في زيادة الفضول المعرفي لدي الفرد ويستثيره ذهنياً.

ثالثاً: استخدام استراتيجيات تعلم قائمة على الاكتشاف، وعلى القراءة الواسعة والمقارنة بين مصادر تعلم متعددة.

رابعاً: تنمية الفضول الطبيعي من خلال طرح أسئلة يومية عن الذات أو الآخرين، والتشجيع على ربط المعرفة بالمواقف الحياتية.

خامساً: القدوة في التفكير، فكن قدوة في طرح الأسئلة، والتشكيك البناء، والبحث، واظهر حماسك عند اكتشاف إجابات أو عند عدم معرفة شيء جديد.

وأخيراً.. اجعل التساؤل عادة لا موقفاً، كرر هذه العادات حتى تصبح جزءا طبيعياً من تفكيرك اليومي. فكما قال سقراط: «العقل ليس وعاءً يجب ملؤه، بل ناراً يجب إشعالها».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى