مقالاتمميز

التعليم بالفن Arts-Based Learning (إعداد: د. شيماء قنديل- مصر)

يُعدّ التعليم بالفن أحد الأساليب التربوية الحديثة التي تمزج بين المعرفة والإبداع، وتفتح أمام الطلاب آفاقًا جديدة للتعلّم والتفكير. فالفن لا يقتصر على كونه وسيلة للتسلية أو الترفيه، بل يُعدّ لغة عالمية تعبّر عن الذات، وتنمّي الحس الجمالي، وتُعزز القدرات الذهنية والمهارية لدى المتعلّمين. ومن خلال دمج الفنون البصرية والموسيقية والمسرحية في المناهج التعليمية، يمكن للمعلم أن يحفّز دافعية الطلاب، ويُسهم في تحسين أدائهم الأكاديمي، وتوسيع مداركهم في جو من التفاعل والمتعة. لذا، يُعدّ التعليم بالفن خطوة مهمة نحو تعليم شامل يوازن بين العقل والوجدان، وبين المعرفة والتجربة.

ويمكن تعريفه بأنه هو أسلوب تربوي يستخدم الفنون كوسيلة للتعليم، سواءً كانت الفنون البصرية (رسم، نحت)، أو الأدائية (مسرح، رقص، موسيقى)، أو الكتابة الإبداعية، بهدف تعزيز الفهم، التعبير، الإبداع، والتفاعل العاطفي والمعرفي لدى المتعلم.

من أساليب التعليم بالفن:

التعبير الإبداعي (Creative Expression): وذلك عن طريق الكتابة الإبداعية والرسم التوضيحي؛ حيث يتم تشجيع الطلاب على التعبير عن أفكارهم أو مشاعرهم باستخدام وسائط فنية مثل: الرسم، والنحت بالطين، والكولاج (قص ولصق الصور)، وتأليف نصوص شعرية أو قصص قصيرة.

الدراما التعليمية (Educational Drama): والتي تتمثل في لعب الأدوار أو تمثيل القصص، مثل : تمثيل مشهد تاريخي.

التعلم باللعب الفني (Art- Based Play) : ألعاب تعليمية تجمع بين الفن والمحتوى، مثل تركيب مجسم للكعبة في درس عن الحج.

يناسب التعليم بالفن الأطفال في مراحل الطفولة المبكرة، والأطفال ذوي صعوبات التعلم، وفي البيئات التعليمية التي ترغب في تطوير الإبداع والابتكار لدي كلاً من الطلاب والمعلمين الذين يرغبون في جعل العملية التعلمية أكثر فاعلية.

يساهم التعليم بالفن في تعزيز الإبداع والتفكير النقدي، وتحسين التواصل والتعبير عن الذات، ودعم التعامل العاطفي والاجتماعي، ودمج المتعلمين بصرياً، وسمعياً، وحركياً، كما تساهم في رفع دافعية الطلاب للمشاركة والتفاعل، وفيما يلي تلخيصاً لأبرز التأثيرات الإيجابية للتعليم بالفن على الطلاب:

ا- تعزيز الإبداع، والتفكير النقدي: الفن يحرر خيال الطالب، ويمنحه مساحة للتعبير عن أفكاره بطريقته الخاصة، كما يعزز التفكير “خارج الصندوق” ويُعلّم الطلاب كيفية حل المشكلات بطرق غير تقليدية.

2- تحسين مهارات التواصل والتعبير: يساعد الطلاب على التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم بطرق غير لفظية، يُنمي الثقة بالنفس، خاصة لدى الطلاب الخجولين أو ممن يعانون من صعوبات في التواصل.

3- تعزيز العمل الجماعي والتسامح: المشاريع الفنية الجماعية تُعلّم الطلاب العمل بروح الفريق، يكتسب الطالب تقديرًا لثقافات وخلفيات الآخرين من خلال الفن.

4- دعم التحصيل الأكاديمي: دراسات متعددة أثبتت أن دمج الفنون (كالرسم، الموسيقى، الدراما) في المناهج يساعد في تحسين الفهم في المواد الأساسية كالرياضيات والعلوم.

5- تعزيز الصحة النفسية: الفن وسيلة ممتازة للتفريغ العاطفي وتقليل التوتر والقلق، فهو مفيد جدًا خاصة في بيئات تعليمية ضاغطة.

ويمكن استخدام الفن في البيئة التعليمية، وذلك أثناء تخطيط، وتنفيذ الدرس، فعلي سبيل المثال في مادة العلوم: يمكن تطبيق الفن من خلال رسم دورة حياة النبات أو تصميم لنموذج الخلية، وفي مادة التاريخ يمكن إعادة تمثيل مشهد تاريخي بالرسم أو التمثيل، وفي الرياضيات يمكن استخدام الأشكال الهندسية في التصميم.

التعليم بالفن ليس ترفًا أو نشاطًا جانبيًا، بل هو ركيزة أساسية في بناء شخصية الطالب المتكاملة. فهو يُسهم في تنمية الإبداع، وتعزيز القدرات الذهنية، وترسيخ القيم الإنسانية، مما يجعله وسيلة تعليمية فعّالة تتجاوز حدود القاعة الدراسية. وإذا أردنا حقًا إعداد جيلٍ قادرٍ على التفكير المستقل والتعبير الحر، فعلينا أن نمنح الفن مكانته المستحقة في منظومتنا التعليمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى