شارع الصحافة/ كتبت- أمنية حجاج:
في الندوة التثقيفية الثالثة والثلاثين للقوات المسلحة، في التاسع من مارس 2021، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى اعتبار الانتقال إلى العاصمة الإدارية إيذانا بمولد جمهورية جديدة، مؤكدا أن العاصمة الإدارية لا يقتصر الهدف من تنفيذها على تحسين وتطوير الجانب المعماري فقط، وإنما يتخطى ذلك إلى فكرة تطوير نموذج جديد لإدارة دولة بحجم ومكانة مصر، لتشمل تطويراً في كافة مناحي حياة المصريين: الثقافية، والاجتماعية، والبيئية، والصحية، والتعليمية؛ وبالتالي جعل العاصمة نموذجاً للتطوير السياسي والاقتصادي والثقافي لمصر، وبما يلائم الهوية الوطنية المصرية. ويتضح من هنا أن التنمية المستهدفة مثلما تقوم على إقامة بنية جديدة، فإنها تهتم بإصلاح المشاكل القديمة المزمنة، مع الحماية الاجتماعية فى ظل السعي لأهداف إستراتيجية التنمية المستدامة وأولوياتها و”رؤية مصر 2030″.
من هُنا جاء ملف مجلة الديمقراطية في العدد الحالي يوليو 2021، تزامنا مع الاحتفال بثورة 30 يونيو، فى ثلاثة محاور رئيسية؛ أولها يتناول البيئة الأساسية الممهدة للجمهورية الجديدة على المستوى الاجتماعي والثقافي،والتشريعي، والاقتصادي، والإداري والرقمي..إلخ، وثانيها خاص بدعائم التمكين والحماية التي شملت عديد الفئات، وثالثها يرصد الإنجازات الحالية والمنتظرة فى قطاعات مختلفة تمثل ركائز التنمية والعمران فى الجمهورية الجديدة، التي جاءت مراعية تماما لحقوق الإنسان المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
ولا يكتسب ملف مجلة الديمقراطية عن الجمهورية الجديدة أهميته فقط باعتباره أقرب إلى تقرير حالة مفصل عن لحظة راهنة بكل إنجازاتها الممتدة خلال سبع سنوات، ومكتسباتها وفلسفتها فى البناء والتطوير والاستثمار فى الإنسان قبل المكان، ولكنه, فى الوقت نفسه، يرصد معالم “حالة” فارقة، فى مستقبل وطن ومواطن، تتشكل وتأخذ ملامحها في الظهور بين يوم وآخر. ومن هنا, تأتي أهمية هذا الملف الذى يحاول تقديم تصور لما ستكون عليه جمهورية جديدة، أساسها أن كل بناء وتطوير للحجر يصاحبه بناء واستثمار فى البشر.
والبداية مع دور القوات المسلحة كقاطرة للتنمية المستدامة والعمران فى الجمهورية الجديدة، الذى تتناوله افتتاحية العدد فى إطار دور وعلاقة المؤسسة العسكرية بالتنمية الاقتصادية والبشرية، ومزايا هذا الدور ومحدداته والتدخل التنموى المطلوب للجيوش وحتمية هذا الدور فى الدول النامية.
هذا بالإضافة إلى عناصر الملف المتعددة ومنها، الجمهورية الجديدة: دور الأكاديمية الوطنية للتدريب فى صناعة النخبة، والحوكمة والحكم الرشيد فى الجمهورية الجديدة، والثورة التشريعية والتحديات الاقتصادية فى الجمهورية الجديدة، ونحو أجندة وطنية لمجتمع مدنى تنموى فى الجمهورية الجديدة، وبرامج الحماية، و”حياة كريمة” ومستقبل القرية المصرية فى الجمهورية الجديدة، وسياسات تطوير المنظومة الصحية فى الجمهورية الجديدة، والهوية الحضارية فى المشروع الثقافى للجمهورية الجديدة، وإعادة بناء منظومة القيم وتمكين المرأة، وآليات دعمها وحمايتها فى الجمهورية الجديدة، وملامح ومؤشرات التنمية الاقتصادية فى الجمهورية الجديدة، والعاصمة الإدارية وآفاق المستقبل فى الجمهورية الجديدة.
علاوة على تناول قطاع الطاقة كمحور رئيسى للأمن القومى فى الجمهورية الجديدة، وإنجازات ومستقبل الزراعة المصرية، وتكاملية المدن الذكية فى الجمهورية الجديدة، وملامح التحول الرقمى، والجهاز الإدارى بين الواقع والمأمول كل ذلك فى إطار الجمهورية الجديدة.
ومع ملف العدد الذى جاء شاملا ووافيا بـ 18 موضوعا مختلفا ومتنوعا، اشتمل هذا العدد من مجلة الديمقراطية على موضوعات على جانب كبير من الأهمية، منها دراستان؛ أولاهما حول مراكز الفكر ودعم منظومة صنع القرار .. الدور والمسئولية. وثانيتهما عن الديمقراطية الإلكترونية، وهى دراسة فى المزايا والمآخذ وتحديات التطبيق، ومقالات حول التراث الثقافي غير المادى والهوية.. رؤية مستقبلية، ومعضلة المعلومة كـأمن قومى ومعركة بقاء أو فناء.
كذلك، للمرة الأولى تقدم مجلة الديمقراطية باب شهادات بدأته بشهادة أحد أهم خبراء الحركات الإسلامية، ومن واقع تجربة حياتية ومهنية يفصل الأستاذ ثروت الخرباوى لجذور الفكر الذى قاد تنظيم الإخوان الإرهابى إلى العنف والتدمير منذ نشأته المبكرة وحتى اليوم، من خلال رباعيات الإخوان فى هدم الدولة : استخدام العنف والإرهاب والحرب المعنوية والشائعات، واستغلال الديمقراطية واستهداف الأقباط”.
أما فى قسم “حالة الديمقراطية” فيدور النقاش حول أزمة الديمقراطية بمؤسساتها التقليدية، وعلى رأسها الأحزاب السياسية، وطبيعة هذه المرحلة الانتقالية التى تشهدها النظم السياسية حول العالم بموضوعات، مثل: قمة الديمقراطيات .. مشروع أمريكى قديم فى ثوب جديد، وتحديات ما بعد ترامب ومستقبل الشعبوية الأمريكية، والانتخابات التكميلية التى مثلت زلزالا سياسيا يهز كوريا الجنوبية، وإثيوبيا وجدل الفيدرالية ومخاطر التفكك، وأسباب وملامح تراجع دور الأحزاب السياسية التقليدية.
بينما يغطى قسم التقارير آخر التداعيات والنتائج التي أفرزتها الانتخابات فى منطقتنا العربية والشرق الأوسط وأوروبا، مع التعثر الذى تشهده العملية السياسية فى كثير من هذه البلدان، فيتم تناول الانتخابات البرلمانية فى الجزائر بين المقاطعة وهيمنة أحزاب الموالاة، والانتخابات الرئاسية والأزمة فى سوريا، والانتخابات العراقية وخريطة التحالفات والتضاريس الوعرة، وإسرائيل التى تشهد أزمة بنيوية تتجاوز الانتخابات، وإيطاليا وهل هى حكومة أزمة أم أزمة حكومة؟، والانتخابات البرلمانية فى اسكتلندا ومستقبل الانفصال عن المملكة المتحدة.
أما عروض الكتب، فتتناول قراءة فى شواهد التغيير وسبل القيادة، من خلال الوقوف على تجارب عالمية ومحلية حول طرائق التغيير ومستلزماته، مثل جوهر تأثير النقلة المعمارية، ومواصفات القيادة الفعالة وقدرتها على إحداث الفارق بنظرة أكثر شمولية للقيادة ومتطلبات دورها.