عربي ودوليمقال رئيس التحرير
تونس في حالة غليان .. ثورة جديدة أم انقلاب على الديمقراطية؟!
رأى تقرير لوكالة رويترز أن الرئيس التونسي قيس سعيد غريب على مسرح السياسة متهم بتنفيذ انقلاب، مشيرا إلى أن سعيد كان قد وصف فوزه في الانتخابات عام 2019 بأنه بمثابة ثورة جديدة.
وأشار التقرير في ديباجته إلى أن الرئيس التونسي قيس سعيد أصبح مساء يوم الأحد سببا في خروج أعداد كبيرة من أنصاره إلى الشوارع بقراره عزل الحكومة وتجميد عمل البرلمان، في خطوة وصفها خصومه بأنها انقلاب.
ووصف التقرير قيس سعيد البالغ من العمر 63 عاما بأنه خبير سابق في القانون الدستوري، دخل المسرح السياسي مستقلا، له أسلوبه الخاص في مخاطبة الجماهير، يفضل الحديث باللغة العربية الفصحى، وأصبح الآن محور المعترك السياسي في تونس بلا منازع.
وفي معرض توصيفه تطور الأوضاع في البلاد، قال التقرير إن قيس سعيد بعد عامين تقريبا من انتخابه وانتخابات منفصلة أسفرت عن برلمان منقسم على نفسه بشدة، قام (سعيد) بتهميش رئيس الوزراء ورئيس البرلمان، في خطوة اعتبرها منتقدوه استئثارا بالسلطة دون سند دستوري.
ورأى التقرير أن الرئيس التونسي قيس سعيد، ظهر مع خروج عشرات الآلاف من الناس إلى الشوارع في المدن الكبرى احتفالا بقراراته أنه يركب موجة غضب شعبي موجه إلى النخبة السياسية التي فشلت على مدار سنوات في إنتاج ثمار الديمقراطية الموعودة.
وقارن التقرير بين رئيس البلاد ورئيس البرلمان، مشيرا إلى أن راشد الغنوشي، رئيس البرلمان، كان طرفا رئيسيا في البلبلة التي اصطبغ بها المسرح السياسي منذ الثورة التونسية عام 2011، في حين دخل قيس سعيد ساحة العمل السياسي كوجه جديد نسبيا في 2019.
وقيل في هذا الصدد أن قيس سعيد كان قد قدّم نفسه في حملة الدعاية الانتخابية كرجل عادي يسعى لإصلاح نظام فاسد، وخاض الانتخابات دون أن ينفق أموالا، بفريق محدود من المستشارين والمتطوعين، وحصل على دعم يساريين وإسلاميين والشباب، على حد سواء.
ونُقل عن أنصاره أن قيس سعيد لم ينفق على الانتخابات سوى تكلفة ما كان يستهلكه من قهوة وسجائر في لقاءاته مع التونسيين، وقدم نفسه باعتباره نموذجا للنزاهة الشخصية.
ورصد هذا التقرير أن قيس سعيد عقب انتخابه بدا لفترة أنه مكبل بالدستور الذي لا يتيح للرئيس سلطة مباشرة سوى على الجيش وفي الشؤون الخارجية، في حين تظل الإدارة اليومية في يد حكومة مسؤولة أمام البرلمان.. ولم يخف سعيد رغبته في وضع دستور جديد يضع الرئيس في الصدارة.
وعقب توليه الرئاسة سرعان ما اختلف قيس سعيد مع رئيسين للوزراء ظهرا من خلال عملية التحالفات المعقدة، هما إلياس الفخفاخ وهشام المشيشي.
أما أكبر صراع خاضه قيس سعيد، فقد رأى التقرير أنه كان مع حزب النهضة الإسلامي المعتدل ورئيسه المخضرم الغنوشي، السجين السياسي السابق الذي عاد من المنفى إلى تونس في 2011.
علاوة على ذلك، اشتبك سعيد في العام الأخير مع المشيشي الذي يحظى بدعم الغنوشي، بسبب التعديلات الوزارية والسيطرة على قوات الأمن، ما عقَّد الجهود الرامية للتصدي لجائحة كوفيد-19 ومعالجة أزمة مالية تلوح في الأفق، كما يقول التقرير.
وسرد التقرير أنه مع تفجر الاحتجاجات في يناير كانت الحكومة والأحزاب القديمة في البرلمان هي التي واجهت التذمر الشعبي متمثلا في موجة غضب انفجرت أخيرا الأسبوع الماضي مع ارتفاع الإصابات بكوفيد-19.
ورُصد أن محاولة فاشلة لإنشاء مراكز لتطعيم المواطنين، دفعت سعيد الأسبوع الماضي لإعلان أن الجيش سيتولى جهود مكافحة الجائحة، في تحرك اعتبره معارضوه أحدث خطوة في صراعه على السلطة مع الحكومة، ما مهد الطريق “لإعلان قراراته يوم الأحد في أعقاب احتجاجات استهدفت حزب النهضة في المدن بمختلف أنحاء البلاد.
ولفت التقرير إلى أن قيس سعيد على الرغم من أنه كان واحدا من المستشارين القانونيين الذين ساعدوا في صياغة دستور تونس الديمقراطي لعام 2014، إلا أنه سرعان ما اعترض على عناصر في هذا الدستور.. وفي الوقت الراهن تصوره بعض الأطراف السياسية الرئيسية المنتسبة للثورة التونسية على أنه جلاد، وتقول إن عزل الحكومة وتجميد البرلمان اعتداء على الديمقراطية.
من جانبه، يرى فريق من المراقبين أن الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد حاليا مرتبطة بأداء الحكومة حيال الأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا. وتشهد تونس ارتفاعا قياسيا في حصيلة الوفيات اليومية بفيروس كورونا.
وبدأ زعيم حزب النهضة الإسلامي في تونس، وهو أكبر حزب ممثل في البرلمان، وعدد من نواب الحزب اعتصاما الاثنين أمام مبنى المجلس التشريعي بعد أن منعهم الجيش من دخوله.
وحاول راشد الغنوشي، وهو أيضا رئيس المجلس التشريعي، الوصول إلى البرلمان في الساعة 3:00 صباحا، بحسب التوقيت المحلي، وبعد ساعات من تعليق الرئيس قيس سعيّد البرلمان وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي، في خطوة شجبها حزب النهضة ووصفها بأنها انقلاب عسكري، بيد أن الجيش التونسي منعه من دخول المبنى هو وعدد من النواب.
وقال الغنوشي إنه سيدعو إلى جلسة تحد لسعيّد، لكن الجيش المتمركز خارج المبنى حال دون دخوله.
وتجمع عدة مئات من أنصار الرئيس سعيّد أمام البرلمان الاثنين مرددين شعارات مناهضة لحركة النهضة ومنعوا أتباع الحزب من الوصول إلى المبنى. وأفادت وكالة فرانس برس بأن حالة احتقان تسود أمام مبنى البرلمان وأن الجانبين ألقيا الحجارة والزجاجات على بعضهما بعضا.