مقالات
نُكران الجميل .. وخيانة الأمانة !! (بقلم: سمير شحاتة- مصر)
كثيرة هي العادات والصفات التي ترافق الإنسان منذ ولادته وحتى آخر يوم في عمره. هناك صفات جيدة ونبيلة، وبالمقابل نجد صفات بشعة ومضرة، ولعل أسوأ عادة أو صفة قد يحملها الإنسان هي نكران الجميل وخيانة الأمانة، وعدم الوفاء والصدق.
نواجه في حياتنا يوميًا نماذج متعددة ومتنوعة من البشر، الكائن البشري واحد، ولكن لكل إنسان عقل وتفكير يتميز به عن الآخر. فبينما نواجه نموذجًا صالحًا من الناس، امتلأت قلوبهم بالمحبة وعمل الخير والتفانى في خدمة الآخرين، نجد بعضهم وقد اختاروا الشر طريقاً ومنهجاً لهم في هذه الحياة، وهو أسلوب اعتادوا عليه في تعاملهم مع الناس، ظناً منهم أنهم يسيرون فى الطريق الصحيح. وفى الحقيقة إنما هم اختاروا الطريق السيئ المؤدي إلى الشر والظلام والقسوة.
ونكران الجميل يتنافى مع طبائع النفوس السوية، التى طُبعت على حب من أحسن إليها، والتوقف إزاء من أساء إليها، ولذلك فإنه من الصعوبة بمكان أن يكون ناكر الجميل سوياً فى نفسه أو مستقيماً في سلوكه وطبائعه، مما ينعكس على شخصيته وعلاقته مع غيره، فينفض الناس من خدمته بعد أن يكتشفوا حقيقة مرضه الدفين في نفسه.
وقد حثنا ديننا الحنيف على شكر من يقدم لنا معروفاً حتى تسود العلاقات الطيبة في المجتمع، فأكد الإسلام بر الوالدين، وشكرهما جزاء ما قدما لنا، كما وجه النبى (ص) أمته إلى الإقرار بالجميل وتوجيه الشكر لمن أسداه.
فكم منا مرت عليه في هذه الحياة تجارب عانى خلالها من أناس أعطاهم كل الحب والخير والعطاء، وبادلوه بالمقابل بكل أنواع الشرور والأذى، فتبقى في داخلنا ولا تُنسى فى الحال، بل قد تأخذ الكثير من الوقت حتى تُمحى آثارها من نفوسنا، هذا إذا تحلى الفرد منا بالصبر الجميل على أعمال مُسيئة ومؤذية فى آن ومن غير أى سبب موجِب لهذه الأمور.
قد تطرح أمام شخص ما موضوعاً أو أمراً، ظناً منك بأن هذا الشخص هو أهل للثقة التى تضعها فيه، وكم تكون صدمتك قوية، عندما تعلم أن هذا الشخص نفسه والذي أودعته سراً أو مسألة شخصية، هو نفسه الذى قد أفشى سرك وتحدث بما سمعه منك، غير عابئ بما قاله أمامك بأن هذا الأمر سيبقى سراً بينكما، على أساس أن هناك صداقة أو مودة ما تربط بينكما لتفاجأ بعكس هذا الأمر تماماً، وهنا يكمن الألم داخل النفس، وهذا الأمر يكون أصعب وأشد إيلاماً عندما يحصل بين الأصدقاء المقربين والذين تعتبر علاقاتهم قائمة على الاحترام والثقة المتبادلة على كافة الأصعدة.
فكم من القصص التى سمعناها، أو نكون قد مررنا بها، ويكون العنوان العريض لها هو “نكران الجميل”، وعدم المرؤة، والاستهانة بأمور مصيرية فى هذه الحياة كالصداقة الحقة وإفشاء الأسرار، ولا سيما الأمور التى تتعلق بالحياة الشخصية أو الأمور المهنية، التى نضطر بعض الأحيان بأن نحيطها بنوع من السرية، والعمل بحذر قدر الإمكان للعمل على استمرارها، لا سيما فى حالات التنافس التى تحدث فى أمور العمل.
إن الأخلاق، والضمير، والقيم العليا هى مزايا وصفات للإنسان بحق فى هذه الحياة.