ملفات

د. حسن بدر لـ«شارع الصحافة»: إعداد المعلم في مصر عملية شديدة الضعف والإهمال

المدرسة طاردة لطلابها.. وهذه أسباب فشل منظومة التعليم وأهم أساليب علاجها

أجرت الحوار/ صفاء أحمد موسى

في ظل مقررات ومناهج تحتم إعادة النظر فيها مع التقدم التقني الكبير، وفي ضوء عدم مسايرة خطط  توجيه الخريجين بما يناسب احتياجات سوق العمل، وفي ظل ظروف اقتصادية لا تخفى على أحد، كان لزاماً على أي مفكر يراعي مصلحة أبناء وطنه، حالياً ومستقبلاً، أن يبحث عن نقاط الضعف في منظومة التعليم وسبل علاجها. فكان هذا الحوار مع د. حسن بدر، أستاذ التأمين ودعم القرار بكلية التجارة، جامعة الأزهر الذى أشار إلى أن الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر دفع بعض ضعاف النفوس إلى تصيد الأخطاء بما يحقق لهم المصالح الخاصة، وأبرز بعض الحقائق التى جاءت من خلال الحوار التالى:

  • ما هي أهم أسباب شعور طلاب المدارس الحكومية بالحاجة إلى الدروس الخصوصية، وأنها السبيل الوحيد إلى نجاحهم؟

أود أن أشير في البداية إلى أن هناك ما يُعرف بالأمراض التعليمية الإيحائية والتي تأتي من: القائمين على التدريس بالمدارس والجامعات، بل وتوجيههم نحو مدرس أو مُعيد بعينه، كما تأتي من الطلاب أنفسهم. ومن الأسر والأهل، سواء بالخوف المرضي، وعدم قيام الكثير بواجبتهم نحو طلابهم في مختلف مراحل التعليم. ووجود خلل واضح لمدرسي المناهج التي تُدرس في الأقاليم عنها في المدارس والجامعات والمعاهد الخاصة من واقع التطبيق العملي رغم وجود منظومة للإشراف واضحة المعالم. وضعف ميزانيات التعلم وأثرها على تجهيزات المدارس الحكومية والخدمات المقدمة منها للطلاب، وأثر ذلك على مستقبل التنمية في مصر. وأيضاً التفاف بعض القائمين على التدريس على الأساليب الصحيحة للتدريس والبحث العلمي، وشعور الكثير من القائمين على المنظومة التعليمية بالقهر المعنوي.

  • ما رأيك في ظاهرة تسرب الامتحانات خاصة امتحانات الثانوية العامة؟

لعل أهم المشاكل هي المشكله الاقتصادية والتفكك المعنوي لأبناء الوطن الواحد، وهو أمر يشعر به الكثير من أبناء مصر، الأمر الذي استغله ضعاف النفوس في خلخلة المجتمع لأسباب خاصة بهم أو بجماعتهم وكذلك من أجل كسب مادي محرم ورخيص. وانسياق بعض الطلاب وذويهم نحو الرغبة في النجاح والتفوق السريع في ظل عدم تركيز البعض في الدراسة طول العام أملاً في سرقة تفوق مزعوم سرعان ما ينكشف في مراحل الدراسة الجامعية.

وأيضا عدم زرع الوازع الديني في نفوس الطلاب من البداية وامتداد ذلك إلى كافة مراحل التعليم، حيث تدور بعض الأقاويل حول بيع الأبحاث العلمية ومكاتب إعدادها وكذلك هروب المعيدين من كلياتهم إلي جامعات أخرى أسهل من وجهة نظرهم أو لوجود أقارب لهم أو من جماعتهم ثم تقديم الشهادات العلمية لأماكن عملهم، وكذلك تساهل بعض المشرفين على الأبحاث العلمية مع الطلاب من الخارج أو خوفا من انتهاء المدة المحددة لكل بحث (خمس سنوات) دون أي نظرة استراتيجية لمستقبل البلاد في ظل خريج غير مؤهل على الحقيقة.

ولعل سبل القضاء على تلك الظاهرة في الأجل القصير هو استبعاد كل من لا يصلح للاشتراك في الامتحانات ولجان طبع الأسئلة، وكذلك تغليظ العقوبة على عملية الإخلال بنظم الامتحانات باعتبارها إفساد لمستقبل الوطن مثل تجارة المخدرات بل وتطبيق عقوباتها الجنائية وسرعة الفصل في قضاياها.

أما سبل القضاء على ظاهرة تسرب الامتحانات في الأجل الطويل هو زرع الوازع الديني المعتدل والوسطي لدى كافة الطلاب بمختلف الوسائل، وتأكيد ذلك على الأسر وزيادة ميزانيات التعليم ومراجعة المناهج والخطط لمختلف المراحل وكذلك تطوير طرق التنسيق للتعليم العام والخاص.

  • كيفية القضاء على زيادة كثافة الفصول الدراسية وفي بعض الجامعات، ومدى تناسب أعداد وتخصصات الخريجين مع احتياجات سوق العمل؟

لعل المشكلة الاقتصادية وضرورة إيقاظ بعض الضمائر لدى بعض البشر من أهم أسباب علاج نقص الإمكانات في المدارس وغيرها، وهو أمر لا يتحقق إلا بتعظيم القيمة المضافة للإنتاج وعلاج الكثير من الضمائر التي لا تعرف ما معنى كلمة وطن ومستقبل الوطن. وأيضاً ضرورة التخطيط بصورة علمية في ضوء الإمكانات المتوقعة في الأجل القصير والطويل لاحتياجات الطالب والقائم بالتدريس والمتاح من إمكانات، والعمل في ظل منظومة متكاملة لبناء الوطن، فلن تتحقق التنمية بمجموعة صغيرة ولكن بنا جميعا وليراجع كل منا نفسه.

كيف نزيد من إمكانات التدريب العملي في المقررات التي تستدعي ذلك والتطبيق الصحيح لمعايير الجودة بصورة علمية؟

أولاً- عدم الانتقاص من أهمية تخصص أو تخصصات، فالحياة تحتاج لجميع التخصصات، وهنا نبرز ضرورة توفير الحد الأدني من الحياة الكريمة للجميع.

ثانياً- القضاء على انتشار مراكز الدروس الخاصة لكافة المراحل حتى يكاد دور المدارس والجامعات أن ينهار بل ويتسرب الطلاب من التعليم مقابل شهادات مرضية مفتعلة لتقديمها إلى مدارسهم لإلغاء غيابهم طوال العام تقريبا وما يصاحب ذلك من وجود بعض التنازلات في تقديم المناهج في بعض الأماكن التعليمية الخاصة، بل وتسفيه المناهج بتقديمها بالأغاني أو في دور السينما، الأمر الذي يهدم قيمة العلم تحت سمع وبصر بل وضحكات الكثير.

  • ما مدى تناسب التعليم مع سوق العمل؟

هناك خلل كبير بين جودة خريج الجامعة وكذلك خللا كبيرا بين حاجة سوق العمل وأعداد الخريجين، حيث يلاحظ أن الكثير لا يجد عملا وفق تخصصه، وفي المقابل ندرة خريجي بعض التخصصات. ففي فترات زمنية قريبة انتشر التعليم المفتوح حتى أصبح التعليم قليل القيمة المعنوية، ووصل الأمر إلي حصول بعض خريجي التعليم المفتوح على درجة الدكتوراه.

  • حول ما أُثير مؤخرا من قيام بعض الإداريين وغير المؤهلين ممن لا يحملون درجات علمية مثل الماجستير أو الدكتوراه بالتدريس في جامعات بعينها؟

بداية أود توضيح أن هذه ليست حقيقة في الغالبية العظمي من الجامعات وإنما هناك تقاعس لدى البعض في تطبيق قانون الجامعات فيما يتعلق بتحويل غير المؤهلين إلى وظائف غير تعليمية. ولابد من أهمية تطبيق قانون الجامعات وبحزم دون محاباه على الجميع لو أردنا أن نبني وطن، وهناك حدود لأي مد وظيفي، ويجب أن يكون شبه مقنن، ولا يعقل أن يخلق كل فرد مسارا تعليميا يناسبه فقط.

  • هل يمكن إلقاء نظرة عامة على تخطيط خريطة التعليم في مصر؟

  • عدم الثبات على نهج تعلمي واحد، فعلي سبيل المثال نجد من يلغي السنة السادسة الإبتدائي ومن يعيدها، ونجد من يلغي التعليم المفتوح وفتح منافذ أخري بلا خطط لنفس النوع من الدراسة.

  • وجود بعض المدارس غير مجهزة للتعليم.

  • التوسع في بعض الكليات بجامعات الأقاليم رغم عدم احتياج سوق العمل لخريجيها، أي تعليم لا يناسب البيئة الزراعية مثلا.

  • التوسع في بعض الجامعات في عملية الانتقال من الفروع إلى الجامعة الأم مع اختلاف قواعد الترقيات وبأعذار أكثرها غير مقنع دون العرض على لجان الترقيات المختصة.

  • هناك تخصصات لا يصلح معها التعليم الخاص مثل الطب، فلا يعقل أن يدخل كليات الطب بدون مجاميع مؤهلة إلا بسبب أنه قادر على دفع التكاليف.

  • ضرورة علاج الكثير من المعوقات لعملية جودة التعليم مثل مشاكل التسرب من التعليم في مختلف المراحل وانتشار الإدمان على المخدرات وتعاطيها.

  • عدم وضوح النظرة الاستراتيجية لمستقبل التعليم واستشراف مستقبل التنمية لمصر، فأكثرنا لا ينتج إلا الكلام، والكلام لا يصنع الخبز.

  • نحتاج إلي قطاع، إن لم تكن وزارة لها كافة الصلاحيات والإمكانيات المادية لإصلاح التخطيط للتعليم في مصر وكل ما ارتبط به ويعرقل مسيرته.

إن الحفاظ على الوطن يستدعي أن نتحمل ظروفه بقدر كبير، وأن ننحي العواطف والسلوكيات غير السوية مثل الواسطة حتى نبني هذا الوطن من جديد. ولو نظرنا حولنا لوجدنا أن كثير من أصحاب الحرف يشكون عدم وجود الصبية المتدربين والمساعدين، لأنهم يعملون كسائقي تكاتك مثلا، فكيف يُبني الوطن بدون تخطيط شامل، لأن كل الأمور ذات صلة ببعضها البعض، ولا يمكن إحراز أي تقدم بدون العمل والقيمة المضافة.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى