ملفات

العلوم المتكاملة.. ووحدة التفكير العلمي (د. شيماء قنديل- مصر)

مما لا شك فيه أن تدريس العلوم له أهمية كبيرة في تزويد الفرد بقدر من الثقافة العلمية التي تمكنه من أن يكون قادراً علي التفكير المنتج السليم، وأن يسهم في تطوير نفسه ومجتمعه.

يعرف التكامل بأنه تجميع الموضوعات ذات الارتباط المشترك، في منهج واحد، يتناول المفاهيم العلمية بالدراسة دون التقييد بحدود فاصلة بينهما.

وتعرف العلوم المتكاملة أيضاً علي أنها تقديم المعرفة العلمية في صورة مفاهيم متدرجة ومترابطة، بحيث تشمل الموضوعات المختلفة، مع عدم تقسيم المعارف إلي ميادين منفصلة.

كما عرفها اليونسكو بأنها الأساليب والمداخل التي تعرض فيها مفاهيم العلوم بهدف إظهار وحدة التفكير العلمي، وتجنب الفصل والتمييز غير المنطقي بين مجالات العلوم المختلفة.

وتعتبر المدرسة الإبتدائية المكان المناسب لتدريس العلوم المتكاملة، إلا أن ذلك لا يعني أنه لا يحدث تكامل في المراحل الأخرى.

تختلف مناهج العلوم المتكاملة فيما بينها في نواحي عديدة حيث يمكن أن توجد عدة مناهج متكاملة ، ولكنها تختلف نوعية التكامل الحادث في المنهج، ويمكن الحكم علي المنهج المتكامل من جوانب ثلاث هي:

مجال التكامل (مدي التكامل):

يقصد بمجال التكامل الخبرات التعليمية والمحتوي الذي يتكون منه المنهج . فبعض المناهج يحدث فيها التكامل بين فرعين من فروع المعرفة العلمية ، وبعضها يتضمن فروعاً عديدة لتكون منهجاً شاملاً فنجد مثلاً أن بعض المناهج تتضمن الكيمياء والفيزياء في صورة كيمياء طبيعية، وعلم النبات وعلي الحيوان يحدث بينهما تكامل في صورة علم الأحياء أو علم البيولوجي، وبذلك نجد أن لكل منهج مجالا محددا يحدث التكامل في حدوده.

ويمكن أن يتم بناء مناهج العلوم المتكاملة في أحد المستويات التالية:

تكامل بين مادتين دراسيتين متقاربتين كما في علم الأحياء؛ حيث يدرس علم الحيوان والنبات.

تكامل بين مادتين دراسيتين متباعدتين إلي حد ما كما في العلوم الطبيعية حيث تتكامل الفيزياء والكيمياء.

تكامل بين مواد العلوم المختلفة.

تكامل بين العلوم الطبيعية والعلوم التطبيقية أي التكامل بين العلم والتكنولوجيا.

تكامل بين العلوم والرياضيات.

تكامل بين العلوم الطبيعية وعلوم أخري كأن تتكامل العلوم الطبيعية مع التربية الدينية أو العلوم الاجتماعية والدراسات الإنسانية عامة.

شدة التكامل:

بعض المناهج تشما عناصر من مواد مختلفة دون ترابط قوي بينهما، وبذلك تظهر الحدود الفاصلة بين كل مادة وأخري وبعض المناهج الأخري تترابط عناصرها ومكوناتها ترابطاً شديداً ويتعذر التميز بين المواد المكونة للمنهج، وتدل قوة الترابط بين مكونات المنهج المختلفة بعضها ببعض علي قوة التكامل وشدته.

ويمكن تصنيف المواد المتكاملة من حيث الشدة أو القوة إلى:

مناهج متناسقة: وهي مناهج تدرس متتالية، ويربطها نوع ما من التكامل.

مناهج مترابطة: وهي مناهج تشمل عدة فصول أو موضوعات من مواد مختلفة، ولكنها تدور كلها حول موضوع واحد.

المناهج المندمجة: وهي مناهج تتداخل عناصرها مع بعضها البعض لدرجة يتعذر معها إدراك الحدود والفواصل بين عناصر المنهج أو فروعه.

عمق التكامل:

يقصد بعمق التكامل مدي تكامل المنهج مع المناهج الأخري كما يقصد به أيضاً مدي ارتباط المنهج بحاجات التلاميذ المرتبطة بالبيئة والمجتمع الذي يعيشون فيه .

دواعي الاهتمام بالعلوم المتكامة:

المنهج المتكامل أكثر واقعية ، وارتباطاً بالحياة فالمشكلات التي تواجهنا في الحياة ليست مشكلات خاص بعلم دون آخر ، ولكن غالباً ما يتطلب حلها أكثر من تخصص.

المناهج المتكاملة تعالج الموضوع من جوانبه العديدة، وهي بذلك تخلصنا من التكرار الذي يحدث في المناهج المنفصلة؛ حيث تدرس بعض الموضوعات في عدة مناهج، ويعمل ذلك علي زيادة زمن التدريس بالإضافة إلي شعور المتعلم بالملل من ذلك التكرار.

مناهج العلوم المتكاملة تبرز الوحدة العلوم الطبيعية حيث يقوم بالتدريس مدرس واحد ، ويحتاج إلي نوع واحد من المختبرات المدرسية بدلاً من تخصيص مختبرات لكل مادة، كما أن الامتحانات تصبح موحدة أيضاً.

مناهج العلوم المتكاملة المرتبطة بالبيئة ، وبالمشكلات القائمة تعمل علي تنمية الميول والاتجاهات العلمية بطريقة فعالة.

المناهج المتكاملة تدفع المعلم إلي تطوير نفسه مهنياً والارتفاع بمستواه العلمي في مجالات متعددة بدلاً من الاقتصار علي التخصص في مادة واحدة.

معالجة الموضوع في صورة متكاملة يتيح للدارس التدرب علي النظرة الشمولية الواسعة التي تنمي لديه التفكير المتشعب الغير مقيد ، وبذلك ينمي لديه التفكير المبدع.

المنهج المتكامل يعمل علي استيعاب الموضوع من جوانبه العديدة، وهو بذلك يقلل من فرص النسيان لدي المتعلم، ويزيد من فرص احتمال انتقال أثر التعلم إلي مجالات أخرى.

تتعدد المداخل المستخدمة في إعداد مناهج متكاملة ، ومن هذه المداخل :

مدخل العمليات العقلية: وهو يسمي مدخل الممارسات، وتعتمد هذه الطريقة علي مساعدة المتعلم علي ممارسة عمليات العلم المختلفة، ويكون المتعلم مكتشف في حدود دراسته، وإمكانيته.

مدخل المفاهيم: والهدف من هذا المدخل هو إتاحة الفرصة أمام المتعلم للتدريب علي عملية تكوين المفاهيم العلمية عن طريق ممارسة عمليات تحليل المعلومات والمقارنة والتجريد والتعميم، وبذلك تكون عملية تكوين المفاهيم عملية تفكيرية معقدة تستلزم تركيب وتوحيد الأفكار.

مدخل البيئة: يؤكد هذا المدخل علي ما يدرسه الطالب داخل المدرسة بالبيئة التي يتعامل معها.. ونظراً لأن محتوي البيئة غير محدود، فإن ذلك المدخل يتطلب جهداً كبيراً من قبل واضعي المناهج، كما تتطلب مرونة من جانب المعلم.

مدخل المشروع: يعتمد هذا المدخل علي إثارة شغف التلاميذ بمشروع معين بحيث يساهم في إعداجه وتنفيذه بإرشاد معلمهم، ومن خلاله يكتسبون العديد من المعارف والاتجاهات والميول.

مدخل الظواهر الطبيعية: ويتم دراسة الظاهرة بشكل عام من وجوه علمية متعددة ، وبذلك يتم اشراك مواد العلوم المختلفة في دراسة الظاهرة.

 

مدخل المشكلات المعاصرة: ويركز هذا المدخل علي دراسة المشكلات الملحة في حياة الطلاب والمجتمع.

مدخل العلوم التطبيقية: ويركز هذا المدخل علي دراسة الصناعات الرئيسة في الدولة بهدف توعية الفرد بالصناعات القائمة وعلاقتها بالاقتصاد القومي ، وتمكنه من اختيار سلعته والاستغلال السليم للمنتجات المختلفة.

علي الرغم من كثرة المبررارات التي تشجع علي الاهتمام بالأخذ بأسلوب التكامل في تدريس العلوم إلا أنه هناك عدة صعوبات، منها: صعوبة إعداد هذه المناهج، وعدم وجود المدرس الجدير بتدريس جميع محتويات المنهج المتكامل، ومعارضة المدرسين والموجهين وأولياء الأمور للتغيير والتمسك بالقديم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى