مقالاتملفاتمميز

الموجة الرابعة لجائحة كورونا.. تحورات جديدة للفيروس والخوف لا يزال مهيمنًا على العالم

شارع الصحافة/ إعداد- علي الحاروني:

 لا يزال الخوف من المجهول مهيمناً علي البشرية في ظل التحور المتتابع لفيروس كورونا وانتشار سلالات جديدة منه مثل (ألفا – بيتا- دلتا ودلتا بلس)، وهي السلالات الأشد فتكاً وعدوى، بالإضافة إلي ضبابية المشهد العالمي حول الحد الزمني لاكتمال عمليات توزيع اللقاح، والتحصين ضد فيروس كورونا نظراً لهشاشة المجتمع الدولي، وعدم الترابط بين مختلف الهيئات والمؤسسات الدولية، وفشل التعاون بين الدول ما أدى إلي تأخر الاستجابة العالمية لمواجهة الوباء وتميزت بعدم كفاءتها لا سيما مع ظهور التحورات الجديدة لفيروس كورونا.

 

 ومن هنا بدأ الحديث وفقاً لما أشار إليه وزير الخارجية الصينى “وانغ …. لي ” عن بناء ما وصفه ” بسور المناعة العظيم ” لمحاربة كوفيد -19 واتباع استراتيجيات اللقاحات المختلطة وفقاً لما تداولته الأوساط الأكاديمية وأيدته تجارب العديد من الدول الأوروبية وبخاصة ألمانيا وأسبانيا وفرنسا.

  وفي إطار ذلك ونظراً لعدم قدرة عديد من الدول علي توفير اللقاحات وبطء عمليات التطعيم منها لجأت بعض الدول والشركات إلي اجتذاب السياح التي ترغب في تلقي لقاح كورونا وهو ما يطلق عليه (سياحة اللقاحات أو التطعيم)، وهو ما سوف يلقي الضوء عليه في مقالنا هذا حيث يتم أولاً: تناول ظاهرة التلقيح المختلط من حيث دوافعه وتحدياته ومستقبله، ثم يتم تناول ظاهرة السياحة العلاجية لتلقي اللقاحات أو التطعيم لمواجهة النقص في تلقي اللقاحات لعدم العدالة في توزيع اللقاحات وتنامي سياسة الاحتكار والإستحواذ علي اللقاحات من جانب الدول الكبرى مع وضع رؤية مستقبلية لأزمة كورونا علي ضوء الحقائق والتقديرات الأخيرة لها وذلك كله عبر ثلاثة محاور رئيسية.

أولاً : تهجين اللقاحات

 في ظل التحور السريع  لفيروس كورونا وعدم العدالة في توزيع اللقاحات ونقصها ثم تجربه فكرة تهجين اللقاحات أو خلطها حيث يتم إعطاء الجرعة الأولي من لقاح ما الجرعة الثانية من لقاح مختلف وتلك الفكرة تم تجربتها عام 2019 فيما يتعلق بمواجهة الإيبولا في رواندا وكذلك عند مواجهة الإيدز والإلتهاب الكبدي الوبائي.

 وهذا الخلط للقاحات تم تجربته في ألمانيا وأسبانيا وفرنسا وفي الفلبين الآن تتم دراسة اللقاحات المختلطة وتطبيقها علي لقاح فيروس كورونا المعطل ” كورونا فاك” مع اللقاحات الستة الأخري المعتمدة في البلاد حتي نوفمبر 2022 م.

 ولعل هناك العديد من الدوافع لتبني فكرة خلط أو تهجين اللقاحات وفي مقدمتها تلافي الآثار الخطيرة المحتملة لبعض اللقاحات ومنها تجلط الدم كما في لقاح استرازينكا ما حدا بعض الدول الأوروبية إلي وقف استخدامه، إضافة إلي رفع مناعة الجسم وتكوين أجسام مضادة لمقاومة الفيروس كما حدث في ألمانيا عن طريق خلط لقاحي

 (استرازينكا مع فايزر)، مع إعطاء الحرية والمرونة في مواجهة نقص اللقاحات خاصة مع تلقي الجرعة الثانية.

 ولكن رغم تلك المحفزات لتلقي اللقاحات المختلطة إلا أن هناك العديد من المخاوف لإعتماد تلك التجربة منها صعوبة تحديد فعاليتها ومدي الإستجابة المناعية لها، مع وجود تخوف من آثارها الجانبية المحتملة مثل الحمي ولا سما بعد الجرعة الثانية.

 

 ومع ذلك تظل تجربة اللقاحات الهجينة أو المختلطة هي بداية الطريق لتحقيق مستوى صحي فعال لمواجهة كوفيد – 19 ومحفزاً علي تطورات وتجارب مستقبلية رائدة وللوصول إلي أفضل توليفة من اللقاحات لمجابهة تطورات تحور الفيروس ، مع الوضع في الإعتبار مراعاة التوازن بين البعدين الصحي من جانب والإقتصادي والإجتماعي من جانب آخر بمعني عدم تحقيق مستويات صحية أعلي علي حساب الخسائر الإقتصادية والإجتماعية للدول ، مع تحقيق عدالة في اللقاحات وهنا يأتي دور مرفق ” كوفاكس” لتسريع الوصول لأدوات مكافحة تفشي فيروس كورونا بالتعامل مع منظمة الصحة العالمية.

ثانياً : السياحة العلاجية للحصول علي اللقاحات أو التطعيم

 منذ الإعلان عن توفر اللقاحات قامت الدول الغنية بالإستحواذ علي كميات كبيرة منها وبأكثر من إحتياجاتها الأساسية تاركة الدول الفقيرة والنامية تعاني من الندرة وعدم العدالة في التوزيع وإرتفاع تكلفة الحصول علي اللقاحات حيث حصل نحو 22.6% من سكان العالم علي الأمل علي جرعة واحده من لقاح كوفيد – 19.

   في المقابل حصل نحو 0.9 % من سكان الدول ذات الدخل المنخفض علي جرعة واحده بالإضافة إلي ما تعانيه الدول الفقيره من أزمات متعددة متمثلة في عدم وجود الكفاءه الطبية والمتدربين علي التطعيم ، وعدم وجود معايير مناسبة لعمليات التخرين والنقل ، علاوة علي غياب المتابعة الدورية لجرعات التطعيم فيما يخص الجرعات التي تتطلب أكثر من جرعه.

 وفي ظل عدم الإنصاف في توزيع اللقاحات ومن أجل الوصول لها لجأت الشركات والدول إلي محاولة تعظيم الفوائد الإقتصادية من أزمة كورونا خاصة فيما يتعلق بقطاع السياحة وحاولت الإستفاده من عدم قدره الدول علي توفير لقاحات لكل سكانها وبطء عمليات منها، وحاولت إجتذاب السياح في تلقي اللقاحات مستغلة رغبة الكثيرين بأقصي سرعة في الحصول علي اللقاح.

  ومن ثم أصبحت تلك الدول التي توفر اللقاح للسياح والزوار هي القبلة السياحية والتي يحقق لها فوائد إقتصادية متعددة لا سيما وأن تلقي جرعات التطعيم تحتاج لفترات طويلة لا يقل عن شهر مما يعني إطالة فتره لا إقامة والإنفاق وخلق فرص عمل للأفراد المتضررين من تفشي ظاهره كورونا وبالتالي إرتفاع عوائد السياحة فيها ومن أهم الدول التي روجت لسياحة التطعيم أو اللقاحات سان مارينو بإيطاليا ونيويورك وروسيا والإمارات وجزر المالديف.

ثالثاً : رؤية مستقبلية لأزمة كورونا

 وفقاً للإحصائيات الواردة من منظمة الصحة العالمية في تقريرها الوبائي لمنتصف سبتمبر 2021 بأن المتحور ( الدلتا ) والذي يتميز بسرعة مقارنة بالطفرات الأخري لفيروس كوفيد أصبح منتشراً في 90 % بسرعة سريان العالم وأن أفريقيا هي المنطقة الوحيدة التي ارتفع فيها عدد الإصابات فقط بنسبة 4 % فيما سجلت منطقة الشرق الأوسط 22 % سكنها منطقة جنوب أسيا 16 % ثم أسيا الشرقية 11 % أما في أوروبا وأمريكا فإن الإصابات الجديدة تخطف حاجز المليون ما يوازي 4 % و 7 % علي التوالي.

 وتمشياً مع ذلك ووفقاً لتقديرات منظمة العفو الدولية فإن شركات الأدوية قد أعطت أكثر من 6 مليارات جرعة من اللقاحات في كل أنحاء العالم وفقاً لما أعلنته وكالة الصحافة الفرنسية يوم 22 سبتمبر 2019 م لكن عمليات التلقيح غير متكافئة وغير عادلة حيث تم منح البلدان ذات الدخل المرتفع بما يعادل 124 جرعة لكل 100 نسمة والبلدان ذات الدخل المنخفض فقط 4 جرعات.

من هنا فإن الحاجة ماسة لحشد  دولي تحت وصاية الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية و( كوفاكس ) لتحقيق توزيع عادل ومتوازن للقاحات وإجراء تجارب جديدة وناجحة لمواجهة التحورات السريعة والفعالة لكوفيد – 19 بعدما أثبتت عدد من اللقاحات عدم فاعليتها في مواجهة الوباء ، علي أن تجري هذه التجارب علي نظام عالمي علي الرغم من تطوير أكثر من عشرة لقاحات ضد كوفيد – 19 م وما يزيد علي 300 لقاح يجري تطويرها في عشرات البلدان إلا أن الأوساط العلمية حائرة أمام العجز عن تطوير لقاح فعال لتقوية جهاز المناعة وحمايته من الفيروسات.

 

 وفي هذا السياق، علي الدول الكبرى مثل روسيا والصين والولايات المتحدة والإتحاد الأوربي وغيرها القيام بمسئوليتها تجاه المجتمع الدولي تمويلاً وإنتاجاً للوصول بالعالم إلي بر الأمان الصحي ومواجهة كوفيد – 19.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى