عربي ودوليمقال رئيس التحريرمميز

صراع رهيب ومعركة تكسير عظام.. صحف عربية تناقش الموقف المتأزم في تونس

ناقشت صحف عربية الوضع السياسي المتأزم في تونس، في ظل الجدل السياسي الواسع بشأن الصلاحيات الممنوحة للرئيس وشكل نظام الحكم في البلاد.

فعلى الرغم من مرور أسبوع على تصديق البرلمان بالأغلبية على تعيين 11 وزيرا ضمن التعديل الوزاري الأخير لحكومة هشام المشيشي، ما زال أداء اليمين الدستورية معلقا في ظل تمسك الرئيس التونسي قيس سعيد برفض أداء عدد من الوزراء للقسم، وذلك على خلفية ملاحقتهم بـ(شبهات فساد أو تضارب مصالح).

صراع مصالح

اهتم كثير من المعلقين والصحف في تونس بالأزمة السياسية الجارية في البلاد.

وتحت عنوان (هل احترقت كل مراكب العودة)، تقول منيرة رزقي في الصحافة إن المشيشي أحرق خلفه جميع المراكب ولم يعد للصلح مكان بينه وبين قيس سعيد، مؤكدة أن صراع الرئيس العلني مع رئيس الحكومة الذي قام بتزكيته قد بلغ مرحلة (كسر العظام)، وبالتالي فالقطيعة بين الرجلين قد وصلت درجات قصوى لا يمكن معها تجسير الفجوة بينهما.

وعن الصراع بين الرجلين، تشير منيرة إلى أن خلافهما الحاد وقطيعتهما إذا أضفنا لها حالة الاحتقان في الشارع والغضب الشعبي الذي بلغ مداه وانهيار المنظومة الصحية، تكون بذلك مؤشرات احتضار إن لم نقل موتا سريريا للجمهورية الثانية.

وتضيف الكاتبة: يعتقد بعض العقلاء أن الحكمة تقتضي في مثل هذا السياق أن يستقيل رئيس الحكومة، بعد أن سحبت منه الثقة أخلاقيا على رؤوس الملأ بعبارة رئيس الجمهورية الذي حشره في الزاوية.

وفي الجريدة ذاتها، يقول مراد علالة إن تطورات الأحداث الأخيرة ووجود ما يمكن أن نسميه صراع مصالح بين رئيس البرلمان ورئيس الحكومة … وبقطع النظر أيضا عن مصير الحكومة وموضوع القسم فإن الأيام القادمة تخبئ لنا ضروبا جديدة من الصراع بين رئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية.

ويضيف الكاتب: بعيدا الآن عن القراءات المتشائمة والغاضبة من الشرعية والمشروعية المهترئة كما أسلفنا، فإن قدر التونسيين أن ينتصروا لإرادتهم بقطع النظر عن مسار ومصير منظومة الحكم الراهنة.

وفي (المغرب)، يقول محسن مرزوق: يخطيء من يعتقد أننا في تونس نمرّ الآن بمجرّد تعقيدات مسار انتقالي عادي اقتصادي واجتماعي وسياسي. هذه التعقيدات هي مظاهر، كما الحمى مظاهر مرض. نحن نمرّ بمسار امتحان دولة ووطن وأمة.

تونس منشطرة إلى نصفين

وتحت عنوان “انقلاب الغنوشي: هل يَقبض الإخوان على السلطة في تونس؟” يقول محمد خروب في الرأي الأردنية “أن يقول راشد الغنوشي، رئيس البرلمان التونسي للرئيس التونسي قيس سعيد: أن دورك ‘رمزي’ وليس دوراً إنشائياً، يعني ضمن أمور أخرى أن قوى الثورة المضادة قد شرعَت في تنفيذ خطة إطاحة الرئيس التونسي المُنتخَب شعبياً وبأغلبية ساحقة”.

ويضيف خروب: تصريحات الغنوشي ومواقفه المُتحدية دور رئيس الجمهورية، ترفع منسوب الإستقطاب الذي باتت عليه تونس، خصوصا اتساع الهوّة بين النهضة وشركائها وبين القوى السياسية والحزبية وخصوصاً الشعبية، الرافضة ديكتاتورية النهضة ومواقفها المراوغة واستعدادها إنزال أنصارها لقمع الاحتجاجات الشعبية، التي من ضمن شعاراتها تحدّي قوى الثورة المضادة التي يقودها الغنوشي، عبر تحجيم وتهميش دور رئيس الجمهورية لصالح نظام برلماني، فيما يُبدي إعجابا بنظام أردوغان الرئاسي.

وحول الصراع بين الغنوشي وسعيد، يقول وليد التليلي في العربي الجديد اللندنية خلف الغنوشي يقف التحالف الحكومي الأغلبي، وخلف سعيّد تقف المعارضة وغير بعيد عنها اتحاد الشغل، ما يعني أن البلاد أصبحت منشطرة إلى نصفين، كل نصف يعطّل الآخر، لتتعطّل البلاد وتضيع مصالح الناس وتتدهور حياتهم، والجميع ماضٍ في معركة بلا هوادة.

ويضيف الكاتب: يعتقد الغنوشي أن سلطة الرئيس رمزية في نظام برلماني، ويرى سعيّد أن الرئاسة ليست مجرد صندوق بريد يوقّع على الأوراق فقط، والحقيقة أنها معركة حكم وصراع سلطة لا رابح فيها، وفيها خاسرون كثيرون.

وتحت عنوان (النظام الرئاسي هو الحل في تونس)، يقول فوزي بن يونس بن حديد في رأي اليوم اللندنية “ماذا لو استمر هذا الاعتراض الرئاسي؟ ماذا سيفعل المشيشي حينئذ؟ هل سيعتبر القسم أمرا شكليا لا معنى له ويمارس الوزراء الذين منحهم البرلمان الموافقة المصلحية العملَ رغم شبهات الفساد التي تلاحق بعضهم أم أنهم سيستقيلون لأنهم مرفوضون من مؤسسة الرئاسة؟

ويؤكد الكاتب أن النظام السياسي الذي يمكن أن ينقذ تونس من مشاكلها اليوم هو النظام الرئاسي وهو مطلب شعبي واجتماعي واقتصادي تفرضه الوقائع على الأرض.

 

ويضيف الكاتب: هل يمكن أن ينشأ في تونس اليوم مجلس للشعب منتخبٌ ديمقراطيا لا عاطفيا ولا جهويا ولا نفوذيا ومنه ينبثق الحكم بنظام رئاسي جديد؟ يكون دوره رقابيا فلا يوافق على رئيس فاسد، وإن ظهر فساده بعد تعيينه يبدأ البرلمان إجراءات عزله ويظل مجلس الشعب الجهة الرقابية والتشريعية الضامنة للشرعية.

______________________

المصدر: بي بي سي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى