فنون

النحات الأردني محمود العطيات.. بين موسيقى المطرقة والإزميل وترنيمات الحجارة !!

 يغوص المتلقي في أعماق النص والأثر لأعمال الفنان التشكيلي محمود مروان العطيات، باحثا عن نظام العلاقات البصرية التي كونت حالة من الإبلاغ الفكري، والتي تبثها أعماله الفنية في الرسم والنحت.

يتعامل «العطيات»، مع أدواتها بأسلوب فلسفي، وبخاصة الأعمال النحتية التي أدت إلى انعكاسات إيجابية على مفاهيم الأعمال النحتية المعتمدة على خامات وفرتها البيئة مثل: (الحجر، الطين، الرخام، الخشب، الشمع، الجبصين ومعادن أخرى)، ما ساهم في وجود حالة من الإفصاح عما يدور في ذهنه كفنان، مشكلا بذلك رسالة بالمفهوم التقني الاحترافي في كل أدواته كنوع من التمايز عن بقية أقرانه.

واعتمد «العطيات» في رسمه ونحته على وجود أفكار في المخيلة ليقدمها للمتلقي بأسلوب واقعي، ساعيا بذلك لبسط أفكار موضوعية مستمدة من البيئة الأردنية والعربية لتكون رسالة للمتلقي.

• ويقول العطيات: «أنا مزاجي أثناء عملية الرسم ونحته»، مشيرا إلى أنه يرسم عندما يشتم رائحة الألوان وأدوات الرسم، وينحت عندما يفتقد موسيقى المطرقة والإزميل، وترنيمات الحجارة، مؤكداً أن هناك في الحياة ما يحرض على الرسم أو النحت من فرح وحزن وانفعالات وقلق وشوق وحنين وغرام، وبخصوص الحجر فيحتاج إلى الحنية، جازماً أن الحجر يحتاج رقة أكثر في التعامل معه، إن لم تكن حنوناً مع الحجر فلن يكون هناك عمل جميل، معترفاً بقساوة وصلابة الحجر، لكنه يحتاج إلى فنان حنون.

• ويؤكد العطيات في سياق حديثه لـ«الغد»، أن ثمة هدفا لأي مبدع في الفن التشكيلي، والرسم هو كباقي الفنون وأكثر الفنون توثيقاً وتأريخاً للحياة وتفاصيلها بكل ما يحصل من خلق وإبداع وتطوير بحلوها ومرها بفرحها وحزنها، مضيفاً، هذا ما أسعى إليه دائماً أن أترك بصماتي، ليكن الفن رسالة سمو ورقي في الحياة.

• ويشير إلى أن الفن هو وسيلة تعبير الفنان ورسالته إلى المتلقي، وجوهرها الصدق الذي يعتمد على الجانب الإنساني والوجداني الذي سيحضر بقوة بسبب تأثر الفنان، وأن منطق الفن هو ما يمليه الواجب، وهو نوع من الإلزام سواء أتى من مؤثر خارجي أو داخلي من الفنان نفسه، ومن الممكن أن يذهب العمل الفني إلى أي موضوع وأن يصيغه بأي صيغة مناسبة، تنبع من صدقه الذي تتجلى به مجمل أعماله الفنية.

وواصل الحديث عن تقنية عمله بالقول: «الفنان التشكيلي والنحات يتبع مدارس تشكيلية معينة، والمدارس التي أعمل بها التجريدية والكلاسيكية والانطباعية، وفي النحت يجب أن يكون هناك رسم كروكي على الورق ثم أحوله لمجسم نحتي».

• ويضيف أنه من الضروري أن يكون هناك دراسة وخطة قبل التحويل للنحت، وهناك عدة خامات استخدمها في عملي، منها حاليا خردة الحديد ومواد الإيبوكسي (العازلة) والتي تقدم لي بشكل خاص عملاً وموضوعاً، معيداً التأكيد بأن الفنان كتلة من الأحاسيس…

ويشرح، أن النحت هو خلق شيء من لا شيء، وهو فن البعد الثالث، فيمكن النظر للعمل من 3 أوجه، وتسطره ليقرأه الجميع؛ فالتمثال يستطيع قراءته كل طبقات المجتمع، من الأمي والمثقف والأجنبي والعربي، مشيرا إلى أن النحت يعبر عن ذاته من خلال الشكل والحركة والموضوع، وقراءته من عدة أبعاد، وفي التاريخ القديم سطروا أعمالا نحتية خلدت وعبرت عن تاريخهم.

ويرى أن الفنان جزء من المجتمع، فلم يعد بمقدور الفنانين أن يوصدون الأبواب من حولهم ويعيشون في عزلة عن محيطهم كما في السابق، مشيراً إلى أن أهمية العمل الفني تكمن في الفكرة أولاً ثم الأسلوب.. لذلك فإن الفكرة هي التي تخلق الشكل في منحوتاته.

ويقول العطيات: «لابد للفنان من أن يمتلك إحساساً هندسياً وعمرانياً ويكون قادراً على خلق نسب صحيحة في العمل، كذلك لابد لنقطة ارتكاز العمل أن تكون صحيحة.. لذا فإن قاعدة العمل وحدها تشكل 50 بالمائة من تكوين أعمالي النحتية والتي يغلب عليها الإحساس النصبي»….

ولا يمانع أن ينتج الفنان الشاب بعض الأعمال التجارية لتدر عليه أرباحاً وينتج في ذات الوقت أعمالاً فنية هو راض عنها؛ فالفنان الشاب بحاجة للدعم المادي، قد يحصل عليه من قبل غاليري تسوق أعماله أو من قبل شخص يؤمن بموهبته، فإن لم يحصل على أي من هاتين الاثنتين لن يستفيد من هذا الفن الذي تعتبر مواده باهظة الثمن، إضافة إلى الجهد المضاعف الذي يبذله في استخدام مواد النحت كمطرقة البناء.

ويكمل: لذا لابد له من العمل في مجال آخر لكسب قوته. فبدلاً من العمل في مجال بعيد عن الفن لما لا يصنع أعمالاً تجارية حتى تفرج حاله؟ وفي كل الأحوال عندما يبني الفنان اسماً وشهرة لا يعود بحاجة لإضاعة وقته في صناعة أعمال تجارية لإعالة نفسه.. أما عن انسياق الفنان نحو العمل التجاري فهذه مسألة شخصية تختلف من فنان لآخر.

• ويشير «العطيات» إلى أن ثمة دخلاء ليس لهم علاقة بأي مدرسة من مدارس الفن التشكيلي، مهيمنين من خلال مشاركاتهم في كافة المعارض، مرجعاً ذلك إلى المصالح التي داهمت الفن التشكيلي بلا استئذان.

جدير بالذكر أن العطيات الحاصل على درجة البكالوريوس من كلية الفنون الجميلة والتصميم من الجامعة الأردنية، وقد شارك في عديد المعارض الجماعية وله مجموعة كبيرة من النصب والمجسمات النحتية، وكم كبير من المنحوتات الصغيرة بكافة مواد النحت من البرونز والصخر والخشب والشمع، وهو رسام وله مجموعة كبيرة من الجداريات واللوحات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، تنتمي لجميع المدارس التشكيلية من الواقعية حتى التجريدية وبكافة المواد، منها الزيت والأكريليك والترابات الخاصة للرسم.

=======

أحمد الشوابكة- صحيفة الغد

مراجعة لغوية واختصار:

د.محمود عبد الكريم عزالدين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى